دول شرق أوروبا تحاول تبديد خلافاتها حول اللاجئين

  • 9/22/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

اجتمع وزراء خارجية دول شرق أوروبا أمس، لمحاولة تبديد خلافاتهم في شأن سياسات اللجوء، فيما تتفاقم الأزمة مع توجّه آلاف المهاجرين من حدود دولة أوروبية إلى أخرى. والتقى وزراء خارجية تشيخيا وهنغاريا وبولندا وسلوفاكيا ورومانيا ولاتفيا، ولوكسمبورغ التي تتولى حالياً الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، وبحثوا خلافاتهم في شأن كيفية معالجة أزمة اللاجئين. وسيجتمع وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي أيضاً اليوم، على أمل إحراز تقدّم في المحادثات في شأن المهاجرين قبل القمة الطارئة للاتحاد غداً، وتوقع رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتس، أن يتفق وزراء الداخلية على خطة طوعية لإعادة توزيع 160 ألف مهاجر. وقال: «سيكون هناك بعض المناقشات، لكن في النهاية سيكون هناك اتفاق على إعادة توزيع 160 ألف (مهاجر)». من جهة أخرى، أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري، خلال زيارة العاصمة الألمانية برلين أول من أمس، أن الولايات المتحدة ستستقبل 85 ألف لاجئ في عام 2016، بينهم 10 آلاف سوري، ثم مئة ألف في عام 2017. وقال كيري في ختام لقاء مع نظيره الألماني فرانك-فالتر شتاينماير، أن بلاده «ترغب في استقبال عدد أكبر»، إلا أنها مقيدة بالأنظمة الأمنية التي وضِعت عقب هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001. وأضاف: «عقب 11 أيلول، أصبحت لدينا قوانين جديدة وإجراءات للتحقّق من الخلفيات تستغرق وقتاً أطول مما نرغب فيه، لكن لا يمكننا أن نلتف على ذلك». ودخل حوالى 7 آلاف لاجئ ومهاجر إلى بلدة نيكلسدورف النمسوية الواقعة على حدود هنغاريا أول من أمس، حيث انتظروا في صفوف طويلة للصعود الى حافلات، فيما أمل آخرون بأن تقلّهم سيارات أجرة إلى العاصمة النمسوية فيينا. ومع وصول آلاف المهاجرين إلى النمسا أول من أمس، قادمين من هنغاريا عبر كرواتيا، قررت بودابست فجأة إعادة فتح حدودها مع صربيا، التي أدى إغلاقها إلى تزايد تدفّق اللاجئين الى كرواتيا. كما سار مئات المهاجرين على طول طريق سريع في اسطنبول أمس، ساعين للوصول إلى مدينة أدرنة في غرب تركيا على الحدود مع اليونان، بعد أن انتظروا في محطات الحافلات في المدينة منذ الثلثاء الماضي لأجل هذه الغاية. وفرّقت السلطات التركية حشداً منهم قبل أن يبدأوا بالسير في اتجاه أدرنة. في سياق متصل، وصل عدد أقل من المعتاد من القوارب التي تحمل لاجئين سوريين ومهاجرين من دول أخرى، إلى جزيرة ليسبوس اليونانية أمس. وقال مصدر صحافي أن 3 قوارب فقط رست على الجزيرة مقارنة بحوالى 20 في الأيام الأخيرة، فيما يُتوقع أن تضرب عاصفة رعدية ليسبوس. وأعلن رئيس وزراء هنغاريا فيكتور أوربان، أمس، أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ستضطر لحماية نفسها من «خطر» الهجرة الجماعية، إلى أن توحّد موقفها من هذه المشكلة. وقال أوربان أمام البرلمان: «حدودنا في خطر. حياتنا تقوم على احترام القانون وكذلك أوروبا بالكامل. نتعرض لاجتياح». وأكد أوربان أن حصص المهاجرين التي تقترحها بروكسل ليست «خطة عمل أوروبية»، إذ يتعين أولاً حماية الحدود ووقف تدفّق المهاجرين. ودعا الأحزاب الممثلة في البرلمان إلى تأييد جهود حكومته قبل التصويت على اقتراح الحزب الحاكم الاستعانة بالجيش في حماية حدود البلاد. واعتمد البرلمان الهنغاري بغالبية الثلثين أمس، تشريعاً جديداً يعزز صلاحيات الشرطة والجيش لمواجهة تدفق المهاجرين. يجيز القانون الجديد للجيش والشرطة في بعض الظروف فتح النار في اطار حماية الحدود. ويسمح بمداهمة منازل في حال الاشتباه بوجود مهاجرين فيها. إلى ذلك، نشرت الحكومة الهنغارية أمس، إعلاناً في عدد من الصحف اللبنانية، تحذّر فيه المهاجرين من محاولة دخول أراضيها على اعتبار أن هذه الخطوة تُعتبَر «جريمة» يُعاقَب عليها بالسجن. وحذرت بودابست في الإعلان، من أن «الدولة الهنغارية ستتخذ أشد الإجراءات صرامةً في حق كل من يحاول دخول أراضيها في شكل غير شرعي». وتوجّه الإعلان الذي نُشِر باللغتين العربية والإنكليزية، إلى اللاجئين بالقول: «لا تستمع الى ما يقوله مهربو البشر. هنغاريا لا تسمح بعبور المهاجرين في أراضيها في شكل خارج على القانون». وكان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أكد في مؤتمر صحافي في ختام زيارته إلى المغرب، أنه لا يمكن أي بلد أوروبي «أن يعفي نفسه» من استقبال «لاجئين في إطار حق اللجوء». وذكّر بأنه «أمل مع المستشارة (الألمانية) أنغيلا مركل، بأن تكون آلية (تقاسم اللاجئين) إلزامية»، لكن بعض الدول «رفض ذلك». وحضّ رئيس العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبراين، في العاصمة الأردنية عمان أول من أمس، الأسرة الدولية على زيادة دعمها للدول المجاورة لسورية التي تستقبل مئات آلاف اللاجئين السوريين. «الضيافة التركية» قررت أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين كانت تعيش في تركيا منذ أشهر وسنوات، في الفترة الأخيرة، استئناف رحلة نزوحها المحفوفة بالأخطار إلى أوروبا، فكشفت بذلك على الملأ حدود ضيافة كانت تتفاخر بها تركيا. وبعد يومين على نشر صور الطفل إيلان الكردي (3 سنوات)، اللاجئ السوري الذي عُثر على جثته على أحد الشواطئ التركية، رفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سماعة الهاتف واتصل بوالد الطفل الضحية. وسأله: «لماذا غادرتم؟ لو بقيتم عندنا، لبقيت عائلتك على قيد الحياة». هذا السؤال مطروح على الجميع، نظراً إلى دفعات المهاجرين الذين يتعرّضون للأخطار لدى مغادرتهم تركيا على متن زوارق متهالكة للوصول الى الجزر اليونانية، التي تشكل بوابة الدخول إلى الاتحاد الأوروبي. أكثر المغادرين سوريون، هربوا في معظمهم من بلادهم بسبب الحرب إلى تركيا، محاولين أن يبنوا فيها حياة جديدة، لكن أكثرهم شعر بأن الوقت حان لهجرة جديدة إلى أوروبا، وأن الأمر لا مفر منه. ويصعب على الحكومة التركية تقبُّل هذا الواقع، فمنذ سنوات يدافع أردوغان بحماسة عن سياسته التي تقضي باستضافة اللاجئين السوريين، وينتقد بخل البلدان المجاورة. وبعدما لقي إيلان حتفه، اتهم هذه البلدان بأنها جعلت من المتوسط «مقبرة للمهاجرين». لكن معلّقين كثراً لا يستثنون تركيا من المآخذ على صعيد موجة النزوح الجديدة هذه، لأنها لم تستطع أن تؤمن للسوريين وضعاً قانونياً أو فرص عمل. وقال رئيس مركز البحوث حول اللجوء والهجرة في أنقرة، مدين قورابطير، أن «استضافة اللاجئين في تركيا في مخيمات راقية، وسياسة الأبواب المفتوحة السخيّة، كانتا ناجحتين في البداية. لكن هذا النجاح بدأ يتحوّل فشلاً». وتؤكد الحكومة أنها خصصت حتى الآن 6,6 بليون يورو لحوالى 2,2 مليون سوري دخلوا إلى تركيا منذ عام 2011. لكن 260 ألفاً بالكاد يقيمون اليوم في 25 مخيماً تتوافر فيها المدارس وخدمة الإنترنت. ويتوزع الآخرون على شوارع المدن الكبرى، يعيشون فيها من الأعمال الوضيعة والتسوّل. رسمياً، يُعتبر هؤلاء السوريون «ضيوفاً»، ولا تمنح أنقرة اللجوء إلا للأوروبيين، ولا تطبّق على الآخرين إلا صيغة محدودة من معاهدة جنيف حول معاملة ضحايا الحرب. وقال مراد أردوغان، مدير مركز البحوث حول الهجرة والسياسة في جامعة حجي تابي، أن «للاجئين حقوقاً وليس الضيوف». وأضاف أن «السوريين لا يستفيدون إلا من حماية موقتة في تركيا، ولا يتمتعون بوضع قانوني»، وإضافة إلى أنهم لا يتمتعون بوضع قانوني، فإن مسألة حصول السوريين على فرص عمل والتعليم أو الخدمات الصحية، ما زالت قيد البحث. وعلى رغم وعودها، لم تسلم الحكومة التركية السوريين أذونات عمل خشية إثارة مشاعر السكان المحليين، الذين يتهمونهم بأنهم يشغلون بدلاً منهم الوظائف التي لا تحتاج الى مهارات.

مشاركة :