من هاواي وبورتوريكو أو كاتالونيا، حضر مسؤولون من حركات انفصالية يمثلون مختلف أنحاء العالم إلى موسكو مساء أول من أمس، وذلك بمبادرة من منظمة روسية مناهضة للعولمة بهدف بحث تحركاتهم رغم أن «الدعوات إلى الانفصالية» محظورة في روسيا منذ 2014. ففي فندق كبير وسط العاصمة الروسية، ناقش ممثلو مملكة هاواي الذين يطالبون بإنهاء «الإبادة» ضد شعبهم، مع ممثلي حزب «شين فين» الجمهوري الآيرلندي، في حين دعا رامون نيناديش، الذي يقدم نفسه كرئيس رسمي لجريزة بورينكن في بورتوريكو، إلى إنهاء الاستعمار الأميركي لجزيرته. كما تحدث عدد كبير من المتدخلين حول قضايا تمحورت بالأساس حول سبل الانفصال عن الدول التي يعيشون في جغرافيتها. إلا أن الجامع المشترك لهذه الحركات الانفصالية العالمية، هو الحركة الروسية المناهضة للعولمة، وهي إحدى المنظمات غير الحكومية الداعمة للكرملين، وقد حصلت على منحة بقيمة مليوني روبل (26 ألف يورو) من صندوق حكومي لتنظيم هذا المؤتمر، بحسب ما ذكرت صحيفة «آر بي كيه» الروسية. وقد نظمت هذا المؤتمر الأول تحت عنوان «المؤتمر الدولي لحوار الأمم وحق الشعوب في تقرير مصيرها». وما كان يبدو جليا في هذا اللقاء هو أن قلة من الحركات الانفصالية الرئيسية كانت موجودة بين الحاضرين. فلا الفلمنكيون ولا الاسكوتلنديون كانوا مثلا بين الحاضرين، رغم إعلان المنظمين عن مشاركتهم، كما أن الانفصاليين في شرق أوكرانيا لم يرسلوا ممثلين عنهم. أما الحركات الانفصالية الروسية فلم تدع إلى المشاركة، لأن قانونا روسيا صدر عام 2014 يحظر الدعوات إلى الانفصال في البلاد. وحول تعدد اتجاهات وجنسيات المشاركين في المؤتمر، قال خوسيه إنريكي فولك، عن حزب التضامن الكاتالوني للاستقلال إن «المهم هو أن نوجد هنا ونظهر للعالم دوافعنا. وأملنا بوجود عالم متعدد الأقطاب». لكن بدلا من التركيز على فكرة خلق عالم متعدد الأقطاب، سرعان ما اتخذت النقاشات منحى سياسيا. ففي الكلمة الافتتاحية للمؤتمر، اعتبر رئيس الحركة المناهضة للعولمة ألكسندر إيونوف أن «دول الاتحاد الأوروبي لا تزال اليوم طرفا في عدة نزاعات في العالم.. وقد شاركت في فرض عقوبات ضد روسيا بناء على رغبة الولايات المتحدة، ويجب إنهاء هذه العقوبات». وهذا الموقف يتطابق تماما مع خط الكرملين، لكن من دون التأثير على المشاركين في المؤتمر. من جانبه، شرح أومالي ييشيتيلا، زعيم حركة «أوهورو» الأفريقية الأميركية، لوكالة الصحافة الفرنسية أن «روسيا قوة سياسية مهمة، لأنها تحارب هيمنة الولايات المتحدة والقوى الإمبريالية. إنها القوة الوحيدة التي تمتلك القدرة على خلق توازن في مواجهة النفوذ الأميركي». وكان يتحدث وهو يحمل بين يديه طبعة روسية من «الكتاب الأخضر» للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي. أما مداخلة حزب «شين فين» الجمهوري فقد جاءت هي الأخرى متطابقة مع ما سبق في حدته وقوته، إذ قال مبعوث الحزب مايكل ماكلاكلان إن «جنوب آيرلندا محتل من قبل صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي، بهدف زرع الفقر والبطالة». وتناولت المداخلات أيضا قضية ناشط روسي، أدانه القضاء الخميس بالسجن ثلاث سنوات مع الأشغال الشاقة بسبب دفاعه عن التتار وإدانته بالقيام بنشاط «انفصالي»، بعد نشره نصوصا تنتقد ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا على شبكات التواصل الاجتماعي. وتعد هذه أول قضية يصدر فيها حكم على مواطن روسي بتهمة النشاط الانفصالي في البلاد منذ تبني قانون الحظر في عام 2014. وتضم روسيا أقلية من التتار المسلمين، معظهم يتحدر من الشعوب التركية الموزعة بين أوروبا الشرقية (مثل القرم) وآسيا الوسطى. لكن للمفارقة، فإن هذا الحكم لم يؤثر على إيونوف، الذي قال إن «روسيا لم تشهد حالة ما بعد استعمار، والحركات الانفصالية داخل روسيا ممولة من الخارج».
مشاركة :