تزامنا مع شهر رمضان المبارك، تكثر الإعلانات الهادفة لجمع التبرعات، ويقبل الكثيرون عليها - بحسن نية -، دون معرفة تلك الجهة الطالبة للتبرع، وفي أي مجال تنفق هذه التبرعات.وتُعد التبرعات العشوائية خطرا يهدد المجتمع بسبب عدم معرفة مصير الأموال، حتى وإن كانت تحت غطاء التبرع لحفر آبار أو بناء مدارس في الخارج.وأكد مختصون من خلال «قضية الأسبوع» أن توحيد منصة التبرعات، خطوة ضرورية؛ لضمان وصول التبرعات لمستحقيها، وعدم وصول هذه التبرعات للمنظمات الإرهابية، أو المتسولين.عمل مؤسسي مقننقال مدير عام جمعية «الوداد» الخيرية د. ضيف الله النعـمي: إن التبرعات تمثل المورد الأساسي لمعظم الجمعيات الأهلية، باختلاف القنوات والمصادر التي تأتي منها، وتعمل جميع الجمعيات الأهلية بالمملكة على استقطاب التبرعات، خاصة في شهر رمضان المبارك، كونه يمثل موسمًا مهمًا للعمل الخيري، ويشهد إقبال المجتمع على التبرع للأعمال الخيرية بمختلف مساراتها.وأضاف: «تختلف الطرق والآليات والوسائل التسويقية التي تستخدمها الجمعيات الخيرية في استقطاب التبرعات بحسب إمكانيات وقدرات الجمعيات المالية والبشرية، إلا أنها جميعًا تظل وفق الأنظمة والتعليمات والتوجيهات الرسمية الصادرة من الجهات ذات العلاقة التي تضمن وصول التبرع من المتبرع مباشرة إلى الحسابات البنكية الرسمية للجمعية في ظل رقابة وحوكمة تخضع لها جميع الجمعيات الأهلية، ولهذا فإن الجمعيات تعتمد دائما على الإعلان عن حساباتها البنكية الرسمية باستخدام وسائل تسويقية متنوعة تضمن لها الانتشار والوصول للجمهور المستهدف».وأشار إلى الواقع الذي يشهده القطاع الخيري من عمل مؤسسي، وتنظيم إداري، وحوكمة، ورقابة، إضافةً إلى وعي وإدراك المجتمع، وما تقوم به الجهات ذات العلاقة من رقابة ومتابعة لا يسمح أبدًا بفكرة الاحتيال من فرد أو جهة على المجتمع؛ للحصول على تبرعات، وأنه من السهل جدًا اليوم على أي فرد في المجتمع التأكد من موثوقية أي جهة تعلن عن جمع تبرعات، من خلال موقع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والتأكد من أن هذه الجمعية رسمية ومرخصة. إضافة إلى أن الحسابات البنكية مرتبطة باسم الجمعية ومن السهولة أيضًا التأكد من ذلك.وتابع: إن من أكبر الأخطاء التي قد يقع فيها بعض المتبرعين عدم التأكد من رسمية وموثوقية الجهة قبل التبرع لها، أو الانسياق وراء بعض الرسائل الترويجية والتحويل لحسابات بنكية دون التأكد من أنها حسابات رسمية لجمعيات أهلية، أو التبرع النقدي «كاش» لأي فرد أو جهة خاصة وأن ذلك يعد مخالفة في ظل وجود طرق آمنة وسليمة تتمثل في التحويل لحساب الجمعية مباشرة.عمل وفق الأنظمة والتعليمات في «موسم التبرع»قال المتحدث الرسمي لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ناصر الهزاني: إن الوزارة أطلقت المنصة الوطنية للتبرعات لحوكمة العمل الخيري، ولمنع التبرع وجمع الأموال لجهات مجهولة أو مخالفة، مضيفًا أن المنصة تخدم أكثر من 150 جمعية خيرية في 13 منطقة إدارية للمملكة.وبين أن المنصة تعزز التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع وضمان توجيه الزكاة لمستحقيها الأكثر احتياجا بكل يسر وسهولة ومصداقية لتخدم زكاة الفطر وزكاة المال والصدقات وتنظم عمليات التبرع من المنزل؛ لتساعد في أداء الفريضة، ومد يد العون للمحتاجين، إذ طرحت المنصة أكثر من 500 فرصة تبرعية ما بين زكاة وصدقة وكفارة مبينا قدرة المنصة للوصول إلى ما يربو على 20 مليون مزكٍّ هذا العام، حيث تعمل بكل شفافية ومصداقية وأمانة تحت مظلة الوزارة.وأضاف الهزاني: إن منصة «تبرع» تتميز بتعدد مجالات فرصها التبرعية: «رعاية الأيتام، وفرص غذائية، وفرص علاجية، والخدمات الإسلامية، وفرص التوعية والتأهيل الاجتماعي، وفرص صحية، وحالات فردية، ودعم المسكن والأسرة»، كما تتميز المنصة بسهولة طريقة التبرع وتنوع طرق الدفع من الأجهزة الإلكترونية المحمولة مباشرة لكسب الأجر وتبسيط فعل الخير للجميع وإمكانية إخراج زكاة الفطر عبرها. كما تمكن المنصة مستخدميها في خيار «زكاة الفطر» من إخراج زكاة الموسم بكل سهولة عبر اختيارها من الصفحة الرئيسية وتحديد الصاع ثم الدفع بسلاسة تامة، حيث تأتي هذه الخاصية لتيسير إخراج الزكاة ونشر بهجة العيد لدى جميع أفراد المجتمع وطبقاته.500 فرصة عبر «الوطنية للتبرعات»حذرت وزارة التجارة عبر موقعها الرسمي من التعامل مع منشآت تجارية مخالفة تدعو إلى التبرع وجمع الأموال مقابل حفر آبار المياه خارج المملكة، وتزعم أنها مرخصة من الوزارة.وأكدت الوزارة أن الجهات المعتمدة والمخولة بالعمل الخيري خارج المملكة هي: مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، والمنصة الوطنية للعمل الخيري «إحسان»، والمنصة الوطنية للتبرعات «تبرع» التابعة لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.تحذير من التعامل مع منشآت مخالفةأكد نائب المدير التنفيذي في جمعية «نفع» الخيرية عبدالله باطرفي، أن الجمعية بدأت إعداد خطة تسويقية وحملة، استهدفت الوصول لأكبر شريحة ممكنة من الداعمين من خلال منصاتها وحساباتها في وسائل التواصل الاجتماعي، وأطلقت حملتها على مراحل بدءًا بالمرحلة الصامتة وهي قياس الحملة بإرسالها للشركاء فقط، ومعرفة مدى استجابتهم للمرحلة، وإشعار الشريك بأهميته.وأوضح أن الشريك يُعتبر جزءًا من الجمعية، وأن الجمعية تشعره بالحملة قبل إطلاقها، ثم بعد ذلك إطلاق الحملة على العموم والتكثيف عليها ودعمها وترويجها، ثم ننتقل لمرحلة التحفيز والتنشيط للحملة، بنشر ما وصلنا له من المستهدف، ونشر صور التنفيذ للمشاريع، ثم بعد ذلك يُعلن اقتراب إغلاق الحملة لتحفيزهم بالتبرع.وتابع: «يتم بعدها بالفعل إغلاق الحملة، حتى وإن لم تتم تغطية المستهدف، وعلى المتبرع التأكد من مصداقية الجمعيات الخيرية من خلال رؤية شهادة تسجيل الجمعية، والتأكد من أسماء موظفيها في موقعها الإلكتروني، والتواصل مع قنوات الاتصال المعتمدة لكل جمعية، ومن الأخطاء التي يقع فيها المتبرعون أنهم يتبرعون بدون التأكد من حاجة المجتمع ويتبع حاجته فقط في الحصول على الأجر فقط، ولا يتحقق من الجهة التي تبرع لها وفي بعض الأحيان يتعاطفون مع بعض الحالات التي تقف عند إشارات المرور، وبالتالي قد يكون يدعم فئات ضالة تستخدم هذه الأموال في غير محلها».خطة شاملة للوصول للداعمينأكد الرئيس التنفيذي لمنظومة «إحسان» م. عبدالعزيز الحمادي أن المنصة تعمل على تطوير الحلول التقنية المتقدمة، واستثمار البيانات، والذكاء الاصطناعي، بهدف تعظيم أثر المشاريع والخدمات الخيرية وغير الربحية واستدامتها من خلال الشراكات الفاعلة بين القطاعين الحكومي والخاص والقطاع غير الربحي.وتستهدف منصة «إحسان» تعزيز قيم العمل الإنساني لأفراد المجتمع من خلال التكامل مع الجهات الحكومية المختلفة، وتعظيم نفعها وتمكين القطاع غير الربحي وتوسيع أثره وتفعيل دور المسؤولية الاجتماعية في القطاع الخاص، والمساهمة في رفع مستوى الموثوقية والشفافية للعمل الخيري وغير الربحي، كما تساعد المنصة الجهات غير الربحية المختلفة على تنمية مواردها المالية وتسهل عملية التبرع للباحثين عن الخير بالتكامل مع بقية المنصات، وإطلاعهم على مختلف مجالات التبرع المتاحة في داخل المملكة العربية السعودية في مكان واحد.وأشار م. الحمادي إلى تقديم المنصة فرص تبرع متنوعة تغطي العديد من جوانب العمل الخيري وفق ما يردها من مشاريع وفرص عبر شركائها من الجهات الرسمية وتوفير خيارات متعددة لتسريع عملية التبرع.تطوير الحلول التقنية المتقدمةبين الخبير الأمني اللواء متقاعد مسفر الغامدي أن مشاركات أهل الخير بالمملكة وغيرها من الدول الإسلامية تزيد في شهر رمضان لعظم الأجر فيه ، وفي المملكة تأخذ بعدًا أكبر، خاصةً في مكة والمدينة.وأكمل: «غلب عليها أو بعضها العشوائية في السنوات العشر الأخيرة، حيث أُسيء استخدامها لأهداف قد لا تكون موجهة للأعمال الخيرية، ولو بنسبة محدودة، ما دعا إلى تنظيم الإجراءات؛ للتأكد من أن الأموال التي تجمع أو المواد العينية تذهب لمستحقيها، وسنت الحكومة العديد من الأنظمة والضوابط للتأكد من وصول جميع التبرعات لمن هو في حاجة لها».وأضاف الغامدي: «الجهات الرسمية وضعت منصات للتبرع وهذا إجراء جيد من الناحية الأمنية وكذلك التأكد من انتسابية العمل الخيري وضبط الإجراءات، ومنع أي فرصة؛ لسوء الاستعمال أو الاستخدام ويتصف بالعمل المؤسسي، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، هناك أمر آخر وهو ضرورة توفر قاعدة معلومات لجميع الجمعيات الخيرية في مناطق المملكة تتضمن أسماء جميع الأسر والأفراد المستحقة ويمكن بعد ذلك التعاون مع الجهات الأمنية؛ للاطلاع فقط دون التدخل في العمليات والإجراءات اليومية على مدار العام وبذلك يمكن ضبط الإجراءات وإيصال جميع التبرعات لمستحقيها».إجراء تنظيمي مفيد أمنياقال الكاتب الصحفي محمد العصيمي: إن الفرد له دور أساسي في التبرعات العشوائية، لأنه يسير بعض الدعوات والرسائل التي قد ترد على أي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي، وينساق خلفها، دون التفكير في مصدر الإرسال، ومدى المصداقية والوثوقية.. إلخ.وأضاف العصيمي: إنه أحيانًا يغرر ببعض الناس من خلال الآيات والأحاديث، وما يحث على التبرع وفعل الخير والبر، وهذا خطأ، متابعًا أن منصة «إحسان» ستحد من التبرعات العشوائية، وجاءت في وقتها المناسب.وأكمل: «من المفترض أن يلتزم الناس بالتبرع من خلال هذه المنصة الرسمية الموثوقة، بدلا من التبرع من خلال المنتفعين أو المتكسبين من التبرعات العشوائية، وكذلك نسمع أحيانًا عن التبرع للخارج لحفر آبار وبناء مساجد أو مدارس ونحو ذلك، وبرأيي أن مثل هذه التبرعات يفترض أن تكون تذهب لما تحتاجه دور الخير في بلدنا فالأقربون أولى بالمعروف».عشوائية التبرع ضرر للفرد والوطنأكد المواطن «فارس الزهراني» أن المملكة بدأت في وضع الخطوط العريضة لتنظيم العمل الخيري، من حيث التبرعات، والتي ستكون في منصة واحدة، وهي «إحسان»، والتي ستكون المرجع الآمن لكافة التبرعات بعد العشوائية السابقة.وشدد على ضرورة تعاون الجميع، خاصةً في شهر رمضان المبارك، والذي تزداد فيه التبرعات بوضع التبرعات في منصة «إحسان»، التي تشرف عليها الدولة، وفق آليات محددة، تضمن سلامة تداول الأموال وصرفها لمستحقيها.خطوط عريضة لتنظيم العملأوضح مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، أن ما تقوم به بعض الهيئات والجمعيات من محاولة جمع التبرعات لصالح بعض الدول أو المجتمعات أو المؤسسات أو الجمعيات هو مخالف للأوامر الصادرة بهذا الخصوص، التي تقضي بأن يكون المركز هو الجهة الوحيدة التي تتولى تسلم أي تبرعات إغاثية أو خيرية أو إنسانية سواء كان مصدرها حكوميا أو أهليا لإيصالها إلى محتاجيها في الخارج وفقا للأنظمة الصادرة بهذا الخصوص.وأهاب المركز بالجميع عدم الاستجابة لما يتم تداوله من نشرات أو مقاطع عبر بعض وسائل الإعلام أو قنوات التواصل الاجتماعي خشية الوقوع في شرك عمليات مشبوهة، تندرج ضمن غسل الأموال أو تمويل الإرهاب وغيرها، وأن يكون التبرع من خلال الجهة المخولة مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، والمركز قد هيأ بوابة إلكترونية لاستقبال التبرعات.وأكد البيان حرص المركز على تسليم المساعدات لمستحقيها في الخارج وفق أعلى المعايير المهنية والشفافية المالية المتبعة محليا ودوليا، وأن المركز لا يستقطع أي مصاريف إدارية من التبرعات، مبينا أن المركز يعمل حتى الآن في 59 دولة بمختلف قطاعات العمل الإنساني..«مركز الملك سلمان».. الجهة الوحيدة للتبرع خارجياقال المواطن علي الغامدي: إن منصة «إحسان» تعتبر إحدى القنوات الرسمية التي عملت القيادة الرشيدة - أيدها الله - على خروجها للنور لتكون القناة الرسمية الخيرية التي تضخ فيها التبرعات بشكل عامل؛ للوصول إلى عمل مؤسسي مقنن، يوصل التبرعات إلى مستحقيها، بعد أن كانت بشكل عشوائي وفي قنوات كانت سببًا في الكثير من الأعمال غير الشرعية من إرهاب وخلافه.وأكمل: «فيما يخص جمع التبرعات بدعوى حفر الآبار، اتضح للكثير من خلال نشر بعض المقاطع في تلك الدول عن استغلال للمتبرعين وعدم الصدق في حفر الآبار، وأنها كذبة من أجل كسب المال غير المشروع من السعوديين».«تقنين» عبر قنوات معترف بهاأشار الخبير الأمني اللواء متقاعد سالم الزهراني إلى أن منصات التبرعات تزداد في شهر رمضان المبارك، وبالتالي يُعتبر توحيدها خطوة جيدة نحو تقنين التبرع وفق قنوات معترف بها؛ نظرًا لزيادة أعداد المتسولين الذين امتهنوا هذه المهنة في شهر رمضان.وأضاف: «في الغالب هذه التبرعات لا تصل إلى مستحقيها، بل ربما تصل لأعداء البلد، وإلى بعض الفئات التي لا تريد لبلدنا الخير، لذا كان توحيد منصات التبرعات تحت إشراف جهة مسؤولة، أمرا مطلوبا، بل إنه واجب كي نضمن وصول التبرعات لمستحقيها وبهذا نحقق عدة أهداف في مقدمتها وصول التبرعات لمستحقيها، والقضاء على ظاهرة التسول، إضافة إلى عدم وصول هذه التبرعات للمنظمات الإرهابية».منصات التبرع الرسمية خارجيافائدة المنصاتمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانيةالمنصة الوطنية للعمل الخيري «إحسان»المنصة الوطنية للتبرعات «تبرع»تعزيز قيم الانتماء الوطني والعمل الإنساني لأفراد المجتمعرفع مستوى الموثوقية والشفافية للعمل الخيري والتنمويالتكامل مع الجهات الحكوميةالمختلفة وتعظيم نفعها
مشاركة :