مراقبة أفغانستان بعد الانسحاب.. تحدي “مُكلف” يؤرق واشنطن

  • 4/18/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في الوقت الذي تتسابق فيه الوكالات العسكرية والاستخباراتية، لتحسين خططها لمواجهة الجماعات المتطرفة في أفغانستان، بعد قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن سحب قوات بلاده قبل سبتمبر المقبل، حذّر مسؤولون من أنه سيكون من الأصعب بكثير “منع التهديدات التي يتعرض لها الأمن الأميركي”، بسبب “صعوبة مراقبة تحركات المتطرفين على الأراضي الأفغانية”. وكان بايدن أعلن الأسبوع الماضي، أن بلاده ستعيد وضع أفرادها ومعداتها بمجرد أن تسحب وزارة الدفاع “البنتاغون” قواتها من أفغانستان، قبل الذكرى الـ20 لهجمات 11 سبتمبر عام 2001، وقال لدى إعلانه القرار: “لن أبعد أعيننا عن التهديد الإرهابي”. وقال كبار مساعدي بايدن، لم تذكر صحيفة “واشنطن بوست” اسمه، إن هذه الخطوة، التي جاءت رغم تحذيرات القادة العسكريين والاستخباراتيين، من أن الانسحاب قد يسمح لتنظيم “القاعدة” بإعادة تنظيم صفوفه، تعد ضرورية للامتثال لاتفاق الانسحاب لعام 2020، الذي تفاوض عليه الرئيس السابق دونالد ترمب مع حركة “طالبان”، والسماح لواشنطن بالتركيز على تحديات أكثر إلحاحاً، مثل الصعود العسكري للصين. ولكن بعض المسؤولين حذروا من أن المقايضات من أجل الأمن الأمريكي، وخاصة في ضوء الحالة الهزيلة لمحادثات السلام بين “طالبان” والحكومة الأفغانية، قد تكون خطرة. “سبب ضعف القاعدة حالياً” وقالت ليزا كورتيس، التي شغلت منصب المسؤولة الأولى في البيت الأبيض عن أفغانستان وباكستان خلال إدارة ترمب، إن “سبب ضعف تنظيم القاعدة حالياً هو أننا نضغط عليهم، ما يجعل من الصعب عليهم محاولة إعادة تنظيم صفوفهم”، لافتة إلى أنه “من دون وجود أمريكي، سيكون لديهم الحرية للقيام بذلك تماماً”. أما وليام بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية، قال في جلسة أمام مجلس الشيوخ هذا الأسبوع، إن “المغادرة العسكرية ستقلل من قدرة الحكومة الأمريكية على اكتشاف التهديدات المتطرفة، والرد عليها، بما في ذلك تهديدات تنظيم داعش”، مضيفاً أن “هناك خطر كبير بمجرد انسحاب الجيش الأميركي وجيش التحالف”. وقال جون كيربي، الناطق باسم البنتاغون، الجمعة: “مازلنا نعمل على ما ستكون عليه العلاقات الثنائية المستقبلية مع أفغانستان. لن تشمل وجود بصمة عسكرية أمريكية، باستثناء قوة مشاة البحرية المكلفة بحماية سفارتنا هناك”. من جانبهم، أوضح مسؤولون في البنتاغون أن خطط إعادة التمركز الأولية، التي وضعت خلال مراجعة السياسة التي بدأها بايدن بعد توليه منصبه يناير الماضي، وخلال مناقشات سابقة حول الخيارات الأمريكية في أفغانستان، سيتم إعادة صياغتها وتقديمها إلى وزير الدفاع لويد أوستن للموافقة عليها. ما بعد الانسحاب ولفتت “واشنطن بوست” إلى أن مراقبة الجماعات المتطرفة في أفغانستان، ستكون من بين أكبر التحديات التي ستظهر بمجرد رحيل القوات الأمريكية، مشيرة إلى إمكان تسديد ضربات جوية من “قاعدة العديد” بقطر، والتي تعد مركزاً رئيسياً للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. لكن بُعد “قاعدة العديد” عن أفغانستان، يجعلها خياراً مكلفاً، إذ تحتاج الطائرات المقاتلة تزويد جوي كبير بالوقود، الأمر الذي قد يزيد من إجهاد مخزون الجيش من طائرات الناقلات القديمة إذا تم توسيعه، وفق الصحيفة. كما سيستغرق تحليق الطائرات غير المزودة بالموظفين، مثل الطائرة MQ-9 Reaper من “قاعدة العديد” إلى أفغانستان ذهاباً وإياباً، مُدة تُراوح بين 6 إلى 8 ساعات، ما يقلل من الوقت الذي يمكن أن تقضيه الطائرات بدون طيار فوق أفغانستان، وهذا يعني أن الجيش سيحتاج إلى عدد كبير من الطائرات المُسيّرة، لتحقيق تغطية على مدار 24 ساعة في مناطق متعددة، في وقت يسعى فيه البنتاغون إلى تحويل موارد المراقبة إلى شرق آسيا. خيارات أخرى وقال مسؤولون حاليون وسابقون إن الإدارة الأمريكية “ستنظر على الأرجح في خيارات أوثق لعمليات الطائرات من دون طيار”، بما في ذلك أوزبكستان، التي كانت قاعدتها في كارشي خان أباد مركزاً لوجستياً لأفغانستان، قبل أن تقرر أوزباكستان غلقها في عام 2005. وفي حين أن روسيا أقل سيطرة على أوزبكستان من جيرانها مثل طاجيكستان، إلا أن سجل طشقند  في “مجال حقوق الإنسان”، قد يجعل التعاون المتجدد “غير مستساغ”، وفق الصحيفة. كما تقع باكستان في مكان قريب، حيث أجرت وكالة الاستخبارات المركزية مهمات بطائرات من دون طيار، من مطار “شامسي” العسكري في مقاطعة بلوشستان، إلى أن أغلقتها إسلام آباد أمام الاستخدام الأميركي خلال نزاع عام 2011. وفي حين سعت باكستان إلى إظهار دعمها لمحادثات السلام الأفغانية، يبدو من غير المرجح أن يوافق رئيس الوزراء عمران خان، الذي قاد ذات مرة اعتصامات ضد هجمات الطائرات الأمريكية المُسيّرة، على مثل هذه الخطوة. وقال حسين حقاني، السفير الباكستاني السابق لدى واشنطن، إن القادة الباكستانيين “يريدون أن يكونوا أصدقاء، لكنني لا أعتقد أن هناك حرصاً على العودة إلى الأنماط القديمة”. خيارات محدودة من جانبه، صرّح مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأميركية للصحيفة، أن “خيارات الضربة ستصبح محدودة أكثر، لأنه لن يكون لدينا فريق من اللجنة المشتركة، يمكن أن يخرج ويقوم بغارة”، في إشارة إلى عناصر النخبة في قيادة العمليات الخاصة المشتركة، الذين قاموا بمهمات ضد قادة المسلحين. وليس من الواضح بعد إذا كانت إدارة بايدن ستسعى، كما فعلت إدارات أخرى في الماضي، إلى تعيين عدد صغير من القوات تحت سلطة السفارة أو الاستخبارات، بطريقة يمكن أن ينظر إليها على أنها تمتثل لنص الاتفاق بين الولايات المتحدة و”طالبان”. “دور غامض” ورفضت إدارة بايدن التطرق علناً إلى كيفية تأثير الانسحاب على وكالات الاستخبارات في أفغانستان، حيث لعبت دوراً غامضاً، لكنه جوهري منذ عام 2001. وبالنسبة لقدامى المحاربين في أفغانستان، تظهر مشاعر الإحباط والخسارة القديمة، في وقت تستعد فيه الولايات المتحدة لإنهاء أطول حرب لها. ولفت مسؤولون إلى أن “طالبان”، مسؤولة بموجب شروط الاتفاق مع الولايات المتحدة لعام 2020، عن ضمان عدم تحول أفغانستان مرة أخرى إلى “نقطة انطلاق للمؤامرات الإرهابية”، ولكن لم يتضح بعد ما إذا كان هذا الوجود الاستخباراتي يمكن مواصلته، والذي يشمل بالإضافة إلى التجسس التقليدي، عملية شبه عسكرية يعمل فيها جزئياً أفراد عسكريون، يشاركون فرق مكافحة الإرهاب الأفغانية. ومن جانبه، عبّر مارك بوليمروبولوس، وهو ضابط متقاعد في وكالة الاستخبارات المركزية، عن خوفه من أن يصبح الأفغان الذين تجسسوا لصالح الأميركيين “أهدافاً لطالبان”. وقال إنه في حادث شنق عشرات الأفغان من قبل “طالبان” في قندهار مطلع عام 2002، بملعب لكرة القدم، كان أحدهم عميلاً لوكالة الاستخبارات المركزية الأفغانية. وأضاف: “أخشى أن تتكرر مثل هذه المشاهد بانسحاب أمريكي كامل ومتسرع، حيث تنتقم طالبان من جميع الأفغان الذين ساعدوا الحكومة الأميركية خلال العقدين الماضيين”.

مشاركة :