بشهادة من جدول المحكمة الإدارية بعدم حصول طعن على الحكم التاريخى الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بتأييد قرار الحكومة المصرية بحظر إقامة الملاهى الليلية أو قاعات الحفلات بالقرب من المساجد. أصبح الحكم الصادر في الدعوى رقم 4313 لسنة 16 ق بجلسة 30 مايو 2016 نهائيا وباتا وكان المواطن (أ.أ.م) يمتلك المركب " ليالي " التى اُنشئ لها مرسى ثابت بالقرب من أحد المساجد على النيل بمحافظة البحيرة، وذلك بغرض إقامة حفلات ليلية وقاعة أفراح عليها، وقد أصدرت الحكومة قرارا بغلقها إداريا وبالقوة الجبرية وحكم القضاء الإدارى بالإسكندرية بتأييده ورفض دعوى المواطن وأصبح نهائيا وباتا. قالت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة أنه إذا كان المشرع اقد أجاز الترخيص بأنشطة الملاهي المختلفة دعمًا للاقتصاد والسياحة، إلا أنه لا ينبغي أن تختار لها مكانًا بالقرب من دور العبادة لتعارض ذلك مع طهارة وقدسية الشعائر الدينية التي تقام بين جدرانها، وأن الإسلام دين الدولة، ومصر راية الإسلام بعلمائها ومفكريها وللمساجد حرمتها فلا يجوز ايذاؤها، فهي الزاد الروحي لمسيرة المسلم إلى الله تعالى وهى دور عبادة وتضرع وخضوع لله سبحانه، ومواضع تسبيح وابتهال وتذلل بين يدي الله ومقام تهجد وترتيل لكتاب الله وحفظ له، فلا يجوز التَشْوِيشٌ - مصدر شَوَّشَ وهو فعل خماسي لازم متعد بحرف- على المصلين بإحداث ضوضاءَ وبلبلةً واختلاطًا في السمع ومثل هذه الأفراح والحفلات من شأنها التأثير على أهل المسجد بالكلام في أمور الدنيا وفي ذلك إيذاء لهم وإشغالا للمسلمين عن أداء طاعتهم لله على الوجه الصحيح. وأن التشويش محظور ولو كان بعلو الصوت بتلاوة القرآن فكيف يكون بغيره ؟ أخرج أحمد بن شعيب النسائي في السنن الكبرى تحت عنوان: ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم "لا يجهر بعضكم على بعض في القرآن" وذلك بسنده إلى أبي حازم التمار عن البياضي «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال: " إن المصلي يناجي ربه فلينظر ماذا يناجيه به، ولا يجهر بعضكم على بعض في القرآن" وأضافت المحكمة أن الإسلام كفل حرية العقيدة كما حمى الحقوق والحريات العامة الأساسية لكل إنسان دون تحيز ووضع ضوابط تشكل الإطار القانونى لحدود ممارسة هذه الحريات حيث تقف عند وجوب احترام حقوق وحريات عوام المسلمين المتصلة بممارسة الشعائر الدينية دون انتهاك أو تعدٍ، نزولا على مقتضى القاعدة الشرعية التى تقضى بأن " يُتحمل الضرر الخاص لدفع ضرر عام " وبهذه المثابة فللمساجد حرمتها فهى اعلاء لكلمة الله في الأرض وذكره وتسبيحه وتلاوة اَياته وتعاليمه ونسكه ولا يجوز تعطيل رسالتها الجليلة تحت أى ظرف من الظروف، لذا فإنه لا يجوز للجهات الإدارية أن تسمح باقامة قاعات الأفراح والحفلات والمناسبات أيا كانت بالقرب من المساجد توقيرًا لرسالة المسجد العظيمة كدور عبادة في حياة المسلمين. وأشارت المحكمة أنه لا يفوتها أن ن تشير إلى أن المساجد بيوت الله سبحانه وتعالى ونظرا لمكانتها وفضلها ذكرها الله سبحانه في ثمان وعشرين آية من كتابه الكريم، وأضافها إلى نفسه إضافة تشريف وتكريم، وقد حرص المشرع الدستورى على النص أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ووفقا لديباجة الدستور فإن المرجع في تفسيرها هو ما تضمنه مجموع أحكام المحكمة الدستورية العليا في ذلك الشأن بينما الأزهر الشريف هو المرجع الأساسى في العلوم الدينية والشئون الإسلامية، وتقوم وزارة الأوقاف بالإشراف الكامل على جميع المساجد في مصر وضمها إليها دعما لصحيح الدين المستنير وضمانا لقيام هذه المساجد برسالتها في نشر الدعوة الإسلامية على خير وجه. واختتمت المحكمة أن الثابت من الأوراق أن إنشاء مرسى ثابت للمركب "ليالى" بالقرب من المسجد يؤدي إلى غضب الأهالي من المصلين المترددين على المسجد، ولا يجوز إقامة تلك الأنشطة في محال بالقرب من الأماكن المعدة للعبادة المصرح بإقامة الشعائر الدينية فيها. وارتأت اللجنة المختصة عدم الموافقة على الترخيص بالنشاط المشار إليه وأصدرت الحكومة قرارها بغلق قاعة المناسبات بالمركب المذكورة، فإنه يكون متفقًا وصحيح حكم القانون. وأعربت دوائر مهتمة بالشأن الدينى أن حكم المحكمة برئاسة القاضى الدكتور محمد خفاجى يؤكد الهوية المصرية بالنزعة الروحية والتسامح الذى تسود الشعب المصرى، باعتبار أن مصر حاضنة الأديان السماوية، ومهد الدين وراية مجد الأديان السماوية، وأن كل عمل يمس حُرمة العبادة ووقار الشعائر الدينية ينبغى منعه.
مشاركة :