الرهان الخاسر في سوق العمل

  • 4/18/2021
  • 01:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

القطاع الخاص هو قطاع ربحي وليس قطاع رعاية اجتماعية، ولا يعني ذلك أن القطاع الخاص ليس له دور في ارتفاع أو انخفاض معدلات البطالة، ولا يعني ذلك أن للقطاع الخاص الحق في فصل وتسريح العاملين فيه بشكل عشوائي، ولكن ما نحتاجه حتى يكون لدينا سوق عمل صحي هو وجود ضوابط واضحة ومنصفة بين طرفي سوق العمل، وتطبيق صحيح لأصل العلاقة العمالية بين العامل وصاحب العمل بدون أي حماية مفرطة لطرف على الآخر.تغيير السياسات في سوق العمل لمواكبة المتغيرات يعتبر أمراً صحياً، ولكن من المهم أن يكون التغيير الحاصل حامياً لجميع الأطراف «العامل وصاحب العمل» وليس بشكل مفرط لطرف على الآخر، ولتوضيح ذلك بمثال بسيط نجد أن الحماية المفرطة للعامل من التسريح «الحماية الشديدة» تتسبب في زيادة تكلفة توظيف العمالة مما يؤدي ذلك إلى ارتفاع في معدلات البطالة، وبناء على ذلك نجد أننا تسببنا في ضياع فرص توسع أصحاب العمل، وخسارة ولادة فرص وظيفية في السوق يتم من خلالها التوظيف الجديد للداخلين المحتملين لسوق العمل.قوانين العمل غير المرنة التي ترفع من كلفة الاستغناء عن الموظفين أو تمنح الموظفين حماية ومميزات مفرطة تجعل أصحاب العمل يترددون في التوسع بالتوظيف، وبدلاً من أن تتحول تلك القوانين لحماية العامل نجد أنها سبب رئيسي في ارتفاع معدلات البطالة، وأيضاً تعتبر سبباً لتسريب الوظائف لخارج المملكة وتؤدي إلى إغلاق لمنشآت كانت قادرة على الاستمرار ومن الممكن خلالها خلق وظائف للسعوديين مستقبلاً، وهذا الأمر نتعايشه بالوقت الحالي في سوق العمل.هناك العديد من مواد نظام العمل الحالية فيها حماية مفرطة لطرف على الآخر، ومثل تلك المواد بمقارنتها مع أسواق العمل سواء كانت المجاورة «الخليج» أو اقتصادات الدول الكبرى سنجد أننا نمنح فيها العامل حماية إضافية لها أثر سلبي على الإنتاجية، ومثال على ذلك الإجازات المرضية وبعض المواد المتعلقة في غياب العامل عن العمل بدون عذر، والأدهى من ذلك أن الفترة الحالية تشهد مناقشات بخصوص تعديلات إضافية على نظام العمل تشمل حماية ومميزات إضافية للعامل بحجة استهداف توظيف عدد أكبر من المتعطلين، منها على سبيل المثال مقترح تخفيض ساعات العمل بشكل مفاجئ من ٤٨ ساعة إلى ٤٠ ساعة أسبوعياً في جميع الأنشطة، وكوجهة نظر شخصية أرى أن نتائج تلك التعديلات ستكون صادمة للسوق وبعكس ما هو مستهدف له، وللإحاطة ما ذكرته أعلاه هو تشخيص لسوق عمل نجد فيه الأقلية للعمالة المحلية، وقابل للتغيير مع تغيير تركيبة الجنسيات فيه.بالوقت الحالي تم تطبيق نظام العمل المرن، وهذا التوجه من التوجهات المميزة التي عملت عليها وزارة الموارد البشرية، وكمختص في الموارد البشرية أرى أن أثر هذا البرنامج سيكون مميزاً في السنوات القادمة، ولكن من المهم أن يتم تدارك أي تغييرات جديدة تشمل حماية أو مميزات مفرطة للعامل على صاحب العمل حتى لا نتحول لسوق يطغى عليه العمل المرن بنسب تتجاوز العمل الكامل، فتكلفة التوظيف هنا ستكون عالية ولن يعي أمرها إلا أصحاب العمل أو المختصون في سوق العمل.أستغرب من بعض المطالبات بالحماية والمميزات المفرطة للعامل في القطاع الخاص بحجة الأمان الوظيفي، فاليوم نجد أن الأمان الوظيفي أصبح هاجساً اختلف في تعريفه العديد من أطراف سوق العمل، والأغلب ربطه بطريقة خاطئة أشبه بالمطالبة بعلاقة لا نهاية لها بين العامل وصاحب العمل، وهذا الربط خاطئ وغير صحي أبداً لسوق عمل عانى لسنوات طويلة من تشوهات ونعمل اليوم على معالجة تلك التشوهات المتراكمة فيه.ختاماً؛ الحماية والمميزات المفرطة للعامل على صاحب العمل من التوجهات غير الصحية لسوق العمل والكوادر البشرية المنتجة وصاحب العمل، وناتج ذلك لن يكون إلا انعداما للمنافسة بين الكفاءات والمنشآت والتراكم المعرفي في سوق العمل، وما أتمناه من وزارة الموارد البشرية أن لا تربط توجهاتها في رهان خاسر قد يصعب الخروج منه أو تعديله مستقبلاً.@Khaled_Bn_Moh

مشاركة :