في مسجد الإمام الحسين القابع بشموخ وجلال تحفه المحبة والأشواق، يفيض المكان بالضوء والسكينة والسجاد الأحمر الياقوتي الذي يفرش أرضه، والأخضر الخصب الذي يصبغ غطاء الضريح، ولون الرخام الأبيض المشرب بحمرة، وألوان الخطوط التي تكون الآيات القرآنية المعلقة على الجدران، إضافة إلى زرقة السماء القاهرية، ويزداد مسجد الحسين روعة وجمالاً عندما يموج بالمصلين في صلاتي العشاء والتراويح، وهم يرفعون أيديهم بالدعاء إلى الله، المشهد الذي يملأ القلب راحة ورضا. ويشتعل الحي المسمى باسم صاحب المسجد؛ الحسين، بأكمله بالحركة بعد الفطار وحتى السحور في جميع جوانبه، وأهمها خان الخليلي الذي لا تكاد تشق فيه خطوك بسبب الازدحام الشديد بالزائرين العاشقين للصناعات اليدوية التي اشتهر بها من التحف والكريستال والمشغولات الفضية والنحاسية والنقش عليها، وصناعة الزجاج والرسم عليه بمياه مذهبة وصناعة البردي والرسم عليه برسومات فرعونية باللغة الهيروغليفية القديمة وصناعة الحلي الذهبية والفضية والجلود والصناعات الصدفية الخشبية. ويعد مسجد الإمام الحسين، أحد أقدم المساجد التي بنيت في القاهرة على يد الفاطميين سنة 549 هجرية (1154 ميلادية)، وهو أحد المقاصد الرمضانية في العاصمة المصرية. ويتميز بأنه يضم أقدم نسخة من القرآن الكريم وغرفة تضم بعضاً من مقتنيات الرسول الكريم. ويضم المسجد 3 أبواب مبنية بالرخام الأبيض، تطل علي حي خان الخليلي بالقاهرة القديمة. وسمي المسجد بهذا الاسم لاعتقاد البعض أن رأس الإمام الحسين حفيد الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) مدفون فيه، وتقول روايات إنه مع بداية الحروب الصليبية على مصر خشي حاكم مصر الخليفة الفاطمي على الرأس الشريف، فأمر بإعادته من مدينة عسقلان في فلسطين، إلى مصر ودفن في مكانه الحالي، حيث أقيم المسجد. أما الطراز المعماري للمسجد، فهو مبني بالطوب الأحمر على الطراز الغوطي، بينما شيدت منارته على نمط المآذن العثمانية، فهي أسطوانية الشكل وتنتهي بمخروط، وللمسجد 3 أبواب، أولها بالوجهة الغربية، وثانيها بالوجهة القبلية، وثالثها بالوجهة البحرية، يؤدي إلى صحن كبير به صحن يحتوي على مكان للوضوء. ويشتمل المسجد في تصميمه على 5 صفوف من العقود المحمولة على أعمدة رخامية، أما المحراب فقد بني من الخردة الدقيقة التي اتخذت قطعها الصغيرة من القشاني الملون بدلاً من الرخام، وإلى جانبه منبر من الخشب يجاوره بابان يؤديان إلى القبة وثالث يؤدي إلى حجرة المخلفات التي أودعت بها المخلفات النبوية عام 1311 هجرية. أما عن التجديدات التي أجريت على مسجد الحسين فكان أهمها عام 1862، عندما أمر الخديوي إسماعيل، بتجديد المشهد وتوسيعه فتم بناء المسجد بشكله الحالي، وتم بناء مئذنته الحالية على طراز المآذن العثمانية عام 1878. وعام 1893، أمر الخديوي عباس حلمي الثاني بتشييد غرفة في الناحية الجنوبية لقبة المشهد، خصصت لحفظ الآثار النبوية الشريفة التي تشتمل على قطعة من قميصه «صلى الله عليه وسلم» ومكحلة ومرودين وقطعة من عصاة وشعرتين من اللحية الشريفة، إضافة إلى مصحفين شريفين ينسب أحدهما إلى الخليفة عثمان بن عفان، فيما ينسب الثاني إلى علي بن أبي طالب. وفي التاريخ الحديث وتحديداً في عام 1952، شهد مسجد الحسين توسعة ساحته حتى وصلت إلى 3340 متراً مربعاً، كما تم إنشاء مبنى إداري للمسجد ومكتبة في الجهة الشرقية ومصلى للسيدات. وفي عام 1980، أجرت هيئة الآثار المصرية أعمال ترميم وتجديد لمسجد الحسين، خاصة القبة التي أجريت عليها تغييرات كاملة.
مشاركة :