«كـلمة أخي» مرثية وجدانية من حمدان إلى راشد

  • 9/23/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

البيان(ضوء): في المُلمات يعز الكلام، وعند الفقد تتمنع القصيدة عصية الدمع، وحين يكون المصابُ خاصاً وحميماً وأثيراً، تبحث اللغة عن متنفسٍ يصفُ الوجعَ ومشاعر القلب الدافق، تحاول تلمسَ حُشاشته بحسٍ شعري نابع من القلب في انفطاره لحظة صدمة الفراق، ولأن الموت كأس دائر على كل الناس، كلٌ منا ذائقهُ، مايخفف من مرارة الفقد، وفي كلمات تشربت بالدموع، وقوافٍ دثرها هولُ المصاب، عكست أحاسيس فقد أخ لأخيه وشقيق لشقيقه، وخلٍ لصديقهِ ورفيق دربه، كتب سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، يوم أمس، قصيدة «كـلـمـة أخـي»، في مرثية وجدانية وبكائية شعرية، بكت واستبكت، يرثي فيها شقيقه وأخاهُ فقيد الوطن والدمن، وشيخ الشباب، وفارس الفرسان الشيخ راشد بن محمد بن راشد آل مكتوم، الذي غيبه الموتُ، مخلفاً حزناً كبيراً لفقده، ومحبة كبيرة عبر عنها القاصي والداني فيه وفي ذويه الكرام. مرآة الروح ولأن الشعر مرآة الروح الصافية، وشلال الشعور المتدفق، في لحظات الفرح والحزن والألم، صنو القلب وبوح الضلوع كانت القصيدة حاضرة، تتحرك تحاول التعبير عن الموقف وإن تمنعُ القولُ، فالخطبُ كبيرُ، لكن الشاعر ينسى ألم نفسه فيواسي غيره في غمرة هذا الحدث، وعبر هذه اللحظة المُشرقة بالنبلِ، ينبتُ مطلعُ القصيدة شجرة وشمساً للكلام، فحين رأى دموع أحمد، الكريم سليلُ الكرام، حاول ترجمة المشهد، ونقله بطريقة شفافة تتجاوزُ غلالات الدموعِ، وهنا ينسى الشاعر نفسهُ، وهو الذي ذرف الدموع في مشهد أبكى حين وقف بصلابة الرجال يغالبُ نفسه، يحملُ نعش أخيهِ على كتفيهِ، وإلى جانبه شقيقه سمو الشيخ مكتوم بن محمد، في لحظات لاتترجمها الأحاسيسُ ولاتصفها الكلمات: سـالـت دمـوع أحـمـد حفـيد اللي لهم طيبٍ وجاه قـلـت الـدمـوع تـتـرجـم اللـي مـسـتحـيـل يترجمه هـاجـوس شـاعـر لـو تـنـاقـل شـعـره كبار الرواه بـعـض الـمـواقف يستحي عن وصفها حبر قلمه الأرومة الكريمة يصبر ويصابر، يواسي، يمسح بالكف مُبدداً الحزن، ونار في لواعجهِ تكوي، حزناً على هذا الفقد الكبير، فراشد رفيق الدرب والعمرٍ، لعبا في ذات الأرومة والبيئة الكريمة، وكبرا حلماً واحداً ورؤية واحدة، غرسها والد كريم، هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، فكيف لا تكون الكلمات منسجمة مع تباريح الصدر، وكيف لا تدمعُ العيون إكراماً لأخ غالٍ وشقيقٍ عزيز: والله يــا أحمـد لـو تعـرف الصـدر هـذا وش وراه ورآه حـــزنٍ لــو بـغـيـت أكـتـمه وشـلـون أكـتـمـه حزني عـلى راشـد هـو أغـلـى حزن وآنا من نباه الطـيـب أوصـيـت الـعـيـون انـهـا بـدمـعـي تكرمه شجون القصيدة تتكحلُ عيون القصيدة بقطرات الدمع، تبكي شمس المكانَ، ورفيق الصبا، من شاطره الحياة بحلوها ومرها، ورافقه خلال أجمل اللحظات والسنوات، ويتمنى الشاعر لو كان العمرُ يفدى، ولو كان كذلك لاقتسم معهُ السنوات، في بوح شعري يعطي بعداً آخر للفقد في نفس الشاعر، وتجليات تتنامى في أحاسيسه بحر شجون: لـو الـحـزن يـقـدر يـردّه مـا ذخـر جـفـنـي بـكـاه حزنت لين الشمس تصبـح في عـيـونـي مظـلـمـه لـو آتـمـنّـى شي مـن دنـيا الـفـنـا كـان الــمـنـاه إن الـعـمر يـقـسـم مـا بـيـن اثـنـين حتى أقـسمه كلمات تهزم الحُزن يمنحه العمر في بلاغة شعرية، تستدعي الحياة بدل الموت، وتهبُ الفقيد عمراً آخر في ذكر طيب خالد في الحياة وفي القصيدة، يخبرهُ يناجيه يحاكيه، يهمس في أذنيه كما همس دائماً، يحضنه بقلب كبيرٍ كما كانا دائماً، في الحل والترحال، في مضامير الخيلِ، في بوح الرفاق والصحبة الطيبة، في المحبة الخالصة، يتردد طيفه في الوجدان والذاكرة، وصوته، مخلفاً غصة في الصدر، وألماً في الفؤاد، فيحارب سمو الشيخ حمدان بن محمد هذا الحزن الداهم، من خلال الهروب إليه، من الذكرى إلى الذكرى، ومن الطيب إلى شذاه العطر، يهزم الحزن ويكسر جبروته، ويعانق على شاطئ الذكريات الجميلة الطيبة الأخ الغالي: واعـطـيــه نـصـف العمر واشوفه على قيد الحياه واعـلّـمــه وش كـبـر قـدره فـي الـصـدر واعـلّـمــه إنّـه هـنـا فـي الـقـلـب لـيـن الـعمر ياصل منتهاه وانّـي أحــارب حــزنـي بـذكـره وطـيـبـه واهـزمـه صبر الرجال صامداً صلباً على ضفة الأسى، والوجع ومرارة الغياب، لا يستسلم سمو الشيخ حمدان، زاده عزة وصبر وإيمان قوي من هدينا القويم وسُنتنا الطاهرة، رغم الميسم الغائر في القلب، الكاوي بالألم، تكاد النفسُ تستسلمُ له ولعذاباته، لكنها تكابرُ، فالصبر أجدرُ، لأنه كما قيل المطية التي لا تكبو، والشهابُ الذي لا يخبو، وكما قال الصحابي الراشد، الفاروق عمر، إن الصبر لو كان من الرجالِ لكان كريماً: أهـزمه قـدّام الـعرب واتـحسّب ان قلبـي حـصـاه وان صـرت بـلـحـالي كـوى كبدي بحامي ميسمه وأحـس بـالـكـيّـه فـي وسط الـقـلـب من كل اتجاه أكـابــر بـعــزّه ونـفــسـي لـلـحــزن مـسـتــسـلـمه مقامُ الإخوة لا تبارحهُ الذكرى، قوية الحضور، في لقاءاتهما المشتركة، والذكريات المُتقاسمة، في كل الأمكنة، وأصبحت بعد ترجل الفارس الصديق، مؤلمة لهُ تشي بذاكرة الوجع، وأطياف الأحبة الذين رحلوا؛ راشد الشقيق والأخ الغالي، والصديق والخل الوفي، من يشد به الإزرُ، فالأخ يختلف عن الصديق بل يختلف عن كل الناس، وهنا اقتباس لسمو الشيخ حمدان من قصة النبي الكريم موسى مع أخيه هارون حين قال «وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي، وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي»، فمقام الإخوة يختلفُ تمام الاختلاف عن كل مقامات الناس، فهو صاحب تلك الطمأنينة الأبدية، وذلك التماهي المشترك الخالد، كما يصفه الشاعر أمل دنقل قائلاً «هذا الحياء الذي يكبت الشوق..حين تعانقُهُ؛ الصمتُ - مبتسمين - لتأنيب أمكما..وكأنكما ما تزالان طفلين،،تلك الطمأنينة الأبدية بينكما: إنَّ سيفانِ سيفَكَ..صوتانِ صوتَكَ..»: فـي كـل دارٍ زرتـهـا لـي أطـيـب الـذكـرى مـعـاه لـكـنّـهـا صــارت بــعــد فـرقــاه ذكــرى مـؤلــمــه واللي يـفـاخــر بـيـن خـلـق الله بـكـثـرة أصـدقـاه إن كان مـا يـفـهــم مـصـيـر الـنـايـبـات تـفـهّـمــه والـنـعـم فـي الـصـاحـب لـكـن الأخ يفرق مستواه عـن مـسـتـوى صـديـقـك اللي يحشمك أو تحشمه الصـاحـب فـ لحـظـة غـضبه يضيع طيبه في رداه يـبــيـع حـبّـه بـارخــص الأثـمـان مـهـمـا تـخـدمـه نبعٌ صافٍ فالأخ محبته أبدية خالدة، تجري في دماء شرايينه، مجبور بالفطرة على المحبة، تخفق أحاسيسها صادقة، نابعة من منبع صاف ومشاعر عذبة زُلال، وأواصر قوية أصيلة الجذور، مُلهمة ومعطاءة تجود بكل المحبة عن طيب خاطر ورضا كامل: وأخـوك مـا يـقــدر يـبـيـعـه لأنّــه اصـلا ما شــراه خُـلــق وحـبّـك وسـط خـفّـاقـه ويـجـري فـي دمـــه يـزعـل لـكـن لا قـلـت له يا اخوي يحتضنك رضاه دائـم أحــاســيـس الأخــوّه بالـمحـبّـه تــلــهـــمــه يواسي الأخ، من كانت كلماته على الشفاه دوحة للكلام، حين نطقت تتلمسُ الوجع، وتعانق الفقيد العظيم في حياته وبعد غيابه، فلا الثرى وارى مقامه، وليت القبر يعرفُ هذا المقام، فراشد بن محمد، شاب وفارس، ورجل من رجالات العطاء، له من المناقب والمحامد ما لا يحصى، وأحد أبناء الوطن الأبرار: كـلـمـة أخي من فم أخي أجمل ما تنطقه الشفاه لأنّــه مـنـبــعـهـا خــفــوقـه قــبـل يـنـطــقـهـا فـمـه لـيـت الـقـبـر يـعـرف مـقـام اللـي دفـنّـا فـي ثـراه يـا مـا اعـظـمـه حـيٍّ وهـو مـيّـت بـعد يا ما اعظمه رحمة ومغفرة يركنُ إلى الله وهو حسبنا ونعم الوكيل، الرحيم الغفور الكريم، الذي هو أرحمُ وأكرمُ، يتضرع إليه بالدعاء أن يغفر له ويتجاوز عنه ويدخله المدخل الحسن ويكرم نزلهُ، ويغسله بالماء والثلج والبرد، وينقيه من الخطايا كما ينقى الثوبُ الأبيض من الدنس، ويجيره ويعصمهُ من عذابه ومن ظلمة ووحشة القبر، يلهج بالدعاء إلى مولى كريم رحيم وعطوف، عظيم العفو حسن التجاوز وواسع المغفرة، من هو باسط اليدين بالرحمة وصاحب كل نجوى ومنتهى كل شكوى، كريم الصفح، عظيم المن، مبتدئ بالنعم قبل استحقاقها، من لا يُؤاخذ بالجريرة ولايهتك الستر، متذكراً في هذا الخطب حزن الإمارات قبل أيام قليلة، حين وهبوا أبطالهم شهداء في ساحات الحق، مترحماً على الفقيد الغالي ومستعيناً بالصبر: ما عاد لك يا احمد ولا لي غير ندعي في الصلاه ونـقـول يـا راحـم عـبـيـدك مـن عـذابــك تـعـصـمـه قـبـلـه جـنـود بـلادنـا ضـحـوا لـجـل تـذعـن عــداه ألله يــصــبّـــرنـــا عــلــى فــرقــاه والله يــرحــمـــه رثائية أبي تمام تشبه قصيدة «كلمة أخي» لسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، في شقيقه الراحل المغفور له بإذن الله، راشد بن محمد، مرثية الشاعر أبي تمام التي تعد من عيون الشعر العربي، والتي قالها في رثاء البطل المجاهد محمد بن حميد الطوسي الذي استشهد ولم يكن قد جاوز عمره 32 عاماً، وقد قيل عن هذه القصيدة التي وصفت كأبلغ وأصدق مرثية: «والله ما مات من رثي بهذه القصيدة، والله لوددت أنني ذلك الرجل وأنها قيلت فـيّ». وقد جاء مطلع قصيدة أبي تمام: كذا فليجــــلَّ الخطـــبُ وليفـدحِ الأمــــرُ فليسَ لعـيـن لــم يـفـضْ ماؤهــا عـــذرُ تُوفـِّيـَتِ الآمــالُ بعـــدَ مُـحـــمـَّـــــــــــدٍ وأصبـحَ في شغــلٍ عنِ السفـرِ السفـــرُ ومــا كـانَ إلا مـَــالَ مَــنْ قـَـــلَّ مَــالـُـهُ وذخـــراً لمــنْ أمسى وليسَ لـه ذخــــرُ ومـا كانَ يـَدرِي مُجـْـتـَدِي جـُــودِ كفـِّـهِ إذا ما استهـلَّـتْ أَنَّـه خُـلِـقَ العُـسْـــــــرُ سـالـت دمـوع احـمـد حفـيد اللي لهم طيبٍ وجاه قـلـت الـدمـوع تـتـرجـم اللـي مـسـتحـيـل يترجمه هـاجـوس شـاعـر لـو تـنـاقـل شـعـره كبار الرواه بـعـض الـمـواقف يستحي عن وصفها حبر قلمه والله يــا احمـد لـو تعـرف الصـدر هـذا وش وراه ورآه حـــزنٍ لــو بـغـيـت أكـتـمه وشـلـون أكـتـمـه حزني عـلى راشـد هـو أغـلـى حزن وآنا من نباه الطـيـب أوصـيـت الـعـيـون انـهـا بـدمـعـي تكرمه لـو الـحـزن يـقـدر يـردّه مـا ذخـر جـفـنـي بـكـاه حزنت لين الشمس تصبـح في عـيـونـي مظـلـمـه لـو آتـمـنّـى شي مـن دنـيا الـفـنـا كـان الــمـنـاه إن الـعـمر يـقـسـم مـا بـيـن اثـنـين حتى أقـسمه واعـطـيــه نـصـف العمر واشوفه على قيد الحياه واعـلّـمــه وش كـبـر قـدره فـي الـصـدر واعـلّـمــه إنّـه هـنـا فـي الـقـلـب لـيـن الـعمر ياصل منتهاه وانّـي أحــارب حــزنـي بـذكـره وطـيـبـه واهـزمـه أهـزمه قـدّام الـعرب واتـحسّب ان قلبـي حـصـاه وان صـرت بـلـحـالي كـوى كبدي بحامي ميسمه وأحـس بـالـكـيّـه فـي وسط الـقـلـب من كل اتجاه أكـابــر بـعــزّه ونـفــسـي لـلـحــزن مـسـتــسـلـمه فـي كـل دارٍ زرتـهـا لـي أطـيـب الـذكـرى مـعـاه لـكـنّـهـا صــارت بــعــد فـرقــاه ذكــرى مـؤلــمــه واللي يـفـاخــر بـيـن خـلـق الله بـكـثـرة أصـدقـاه إن كان مـا يـفـهــم مـصـيـر الـنـايـبـات تـفـهّـمــه والـنـعـم فـي الـصـاحـب لـكـن الأخ يفرق مستواه عـن مـسـتـوى صـديـقـك اللي يحشمك أو تحشمه الصـاحـب فـ لحـظـة غـضبه يضيع طيبه في رداه يـبــيـع حـبّـه بـارخــص الأثـمـان مـهـمـا تـخـدمـه وأخـوك مـا يـقــدر يـبـيـعـه لأنّــه اصـلا ما شــراه خُـلــق وحـبّـك وسـط خـفّـاقـه ويـجـري فـي دمـــه يـزعـل لـكـن لا قـلـت له يا اخوي يحتضنك رضاه دائـم أحــاســيـس الأخــوّه بالـمحـبّـه تــلــهـــمــه كـلـمـة أخي من فم أخي أجمل ما تنطقه الشفاه لأنّــه مـنـبــعـهـا خــفــوقـه قــبـل يـنـطــقـهـا فـمـه لـيـت الـقـبـر يـعـرف مـقـام اللـي دفـنّـا فـي ثـراه يـا مـااعـظـمـه حـيٍّ وهـو مـيّـت بـعد يا مااعظمه ما عاد لك يا احمد ولا لي غير ندعي في الصلاه ونـقـول يـا راحـم عـبـيـدك مـن عـذابــك تـعـصـمـه قـبـلـه جـنـود بـلادنـا ضـحـوا لـجـل تـذعـن عــداه ألله يــصــبّـــرنـــا عــلــى فــرقــاه والله يــرحــمـــه للاستماع للقصيدة اضغط هـنــــا 0 | 0 | 0

مشاركة :