انخفضت أسعار النفط الخام أمس، مع إقبال المتعاملين على جني الأرباح، عقب صعودها في الجلسة السابقة، في ظل ضعف النمو العالمي، الذي قوض آفاق الطلب وسط وفرة في المعروض. وتتذبذب أسواق النفط منذ بداية الأسبوع بفعل بيانات تشير إلى وصول الأسعار لأدنى مستوياتها بعد هبوطها أكثر من 50% على مدى العام الأخير ووفرة المعروض التي يقول المحللون المتشائمون، إنها ستؤدي لمزيد من الخسائر. ويركز التجار على عقود خام غرب تكساس الوسيط الأميركي تسليم أكتوبر وهو شهر أقرب استحقاق، الذي ينتهي تداولها بعد تسوية أمس لتصبح عقود نوفمبر هي عقود شهر أقرب استحقاق. وانخفض الخام الأميركي في العقود الآجلة 64 سنتاً إلى 46.04 دولاراً للبرميل. وانخفض خام القياس العالمي مزيج برنت 1.22 دولار إلى أدنى مستوى في الجلسة عند 47.70 دولاراً للبرميل، وقال محللون، إن الانخفاض في الأسعار جاء نتيجة ضعف الآفاق الاقتصادية واستمرار تخمة المعروض النفطي. وجاء انخفاض الأسعار أمس، بعدما صعد الخام في الجلسة السابقة، حيث ارتفع الخام الأميركي نحو 5% بفعل علامات على هبوط المخزونات وتراجع أنشطة الحفر، بما يعني ضمناً انخفاض إنتاج النفط في المستقبل. وارتفع سعر تسوية العقد الآجل لخام عمان ـ تسليم نوفمبر المقبل ـ لدى تداوله في بورصة دبي للطاقة أمس 0.21 دولار أميركي للبرميل الواحد مقارنة بسعر تسويته أول من أمس ليبلغ 44.79 دولاراً عند الساعة 12:30 بالتوقيت المحلي 08:30 بتوقيت جرينتش. استبيان جلف انتيلجنس ويعتقد 32% من المشاركين في استبيان أجرته شركة جلف انتيلجنس وشارك فيه 200 من المختصين في قطاع الطاقة أن المشهد المستقبلي للنمو في قطاع الاقتصاد الصيني، الذي يعاني من أسوأ أداء له على مدى عقود عدة، هو الذي أعطى شرارة الانطلاق لأكبر موجة من عدم الاستقرار والثباتية التي تشهدها أسواق الطاقة العالمية. ويرى المراقبون أن الصين تتجه نحو تحقيق أبطأ معدل سنوي للنمو الاقتصادي خلال ربع قرن، حتى وإن أخذنا بعين الاعتبار المعدل السنوي المُستهدف من قبل الحكومة الصينية، والذي يبلغ 7 في المئة لهذا العام، ويترافق مع ذلك هبوط في أسعار المنتجين الصينيين بنسبة 5،4% خلال شهر يوليو، كما شهدت الصين تدني مستويات الاعتمادات في الاقتصاد الفعلي مع بقاء التضخم في أسعار السلع الاستهلاكية بحدود نصف النسبة المئوية المتوقعة لهذا العام (3%). وتجدر الإشارة إلى أن العديد من المراقبين يرون أن الحكومة الصينية تعمد إلى المبالغة في نسبة معدلات النمو الحالية، حيث يعتقد مراقبون مستقلون أن هذه النسبة أقرب فعليا إلى أن تكون 6%. وبعد سنوات من الاستقرار على سعر يتخطى 100 دولار للبرميل، إلا أن خام القياس العالمي برنت فقد خلال النصف الثاني من عام 2014 نحو نصف قيمته، تلى ذلك مرحلة صعود بنسبة 50% لكن هذا الصعود فقد زخمه خلال فصل الصيف وعاد سعر النفط الخام ليخسر المكاسب التي حققها. وتسبب هذا المشهد غير الواثق للأسعار في إطلاق شرارة البدء لإلغاء العديد من المشروعات، الأمر الذي يهدد بالخطر العديد من الاستثمارات، التي تمس الحاجة إليها في ما يخص السعة الإنتاجية على المدى الطويل. نقطة التوازن ويقول كريستوف رول رئيس قسم البحوث لدى هيئة أبوظبي للاستثمار تعليقاً على نتائج الاستبيان الذي قامت به جلف انتيلجنس: نحن على ثقة من أن هناك نهاية لمرحلة عدم الاستقرار في أسواق النفط، وسوف نصل مجدداً إلى نقطة التوازن عندما يزداد الطلب العالمي على النفط بشكل واف بحيث يكون كافياً لمقابلة النمو من جانب العرض. ويضيف رول من الضروري أن نفهم أن هذه المرحلة الانتقالية التي يمر بها الاقتصاد الصيني هي ذاتها التي تطلق عليها الحكومة الصينية مسمى إعادة التوازن في الاقتصاد من أجل تحويله، ليبتعد عن القطاع الاقتصادي التصنيعي، ويتجه نحو القطاع الاقتصادي الخدمي وباتجاه المزيد من النشاطات الاقتصادية الخفيفة. وتجدر الإشارة إلى أن الاستبيان الذي قامت به جلف انتيلجنس الأسبوع الماضي قد شارك به كبار المسؤولين والمديرون التنفيذيون من شركات النفط الوطنية بدول منطقة الخليج مثل شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) وشركة بترول الإمارات الوطنية المحدودة (إينوك) ومؤسسة البترول الكويتية KPC، إلى جوار نظرائهم من الشركات العالمية مثل فيتول وجلف بتروكيم وسوكار أورورا ودبي ميركانتيل اكسشينج وبلاتس. ومن ناحية أخرى فقد توقع 56% من المشاركين في الاستفتاء أن تواصل أسعار النفط تقلباتها الدراماتيكية وتذبذبها بين هبوط وصعود خلال عام 2016، وبينما يرى 42% منهم أن يصل متوسط سعر خام القياس برنت بحدود 50 دولاراً للبرميل، فإن 24% من المشاركين أبدوا قدراً أكبر من التفاؤل، بحيث توقعوا أن يصل متوسط سعر برنت إلى حدود 60 دولاراً للبرميل. حصة اتفقت مجموعة لانكسيس الألمانية أمس على بيع حصة نسبتها 50% في أنشطتها للمطاط الصناعي إلى أرامكو السعودية، لتتحالف مع أحد موردي المواد البتروكيماوية الخام. وقالت المجموعة الألمانية في بيان أمس، إن الصفقة تضع قيمة المشروع المشترك الذي ستؤسسه الشركتان عند 2.75 مليار يورو (3.08 مليارات دولار) وستتولى لانكسيس تشغيل المشروع. ومن المقرر أن تشتري أرامكو السعودية الحصة مقابل نحو 1.2 مليار يورو نقداً بعد حساب الديون والمدفوعات المستحقة. فرانكفورت رويترز الأسعار المتدنية تهدد مستقبل مشاريع القطاع أشار تقرير صادر عن شركة وود ماكينزي للاستشارات المحدودة إلى أن المشاريع الجديدة في قطاع النفط باستثمارات تقدر بنحو 1.5 تريليون دولار ستكون غير اقتصادية بسعر 50 دولاراً أو أقل لبرميل الذهب الأسود. وأشار التقرير إلى أن أسعار النفط المتدنية تهدد مستقبل مشاريع النفط، ومن ضمنها مشاريع النفط الصخري في الولايات المتحدة، حيث تعمل العديد من شركات النفط على تأجيل تنفيذ هذه المشاريع. وتراجعت أسعار النفط الخام نحو 60% منذ شهر يونيو 2014، عندما بدأ الإنتاج العالمي المرتفع يصطدم بتباطؤ النمو الاقتصادي، كما أن تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني ثاني أكبر اقتصاد في العالم أثار مخاوف بشأن قوة الاقتصاد العالمي. وفي ظل هبوط أسعار النفط تزداد الدعوات من منتجي النفط لاتخاذ إجراءات لدعم الأسعار، حيث يضغط الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو منذ أشهر لعقد اجتماع طارئ لـأوبك والتنسيق مع الدول الأخرى المنتجة للنفط من خارج المنظمة، لكن أعضاء المنظمة من منطقة الشرق الأوسط مصرون على زيادة الإنتاج للحفاظ على نصيبهم من السوق في مواجهة المنافسة المتزايدة. وجدد مادورو ذو التوجهات الاشتراكية هذا الأسبوع مطالبته بتحرك داخل أوبك وخارجها ملمحاً إلى فرض قيود على الإنتاج واستهداف مستويات سعرية معينة. وهبوط أسعار النفط أجبر العديد من شركات النفط العالمية على خفض التكاليف وإبطاء المشروعات الجديدة ولا سيما في أميركا الشمالية، حيث ترد شركات الحفر بسرعة على تغير الأسعار. وانضم غولدمان ساكس إلى قائمة طويلة من البنوك التي خفضت توقعاتها لأسعار النفط، إذ قلص في وقت سابق من شهر سبتمبر توقعاته لمتوسط أسعار الخام الأميركي في 2016 إلى 45 دولاراً للبرميل من 57 دولاراً في تقديراته السابقة، وخام مزيج برنت إلى 49.50 دولاراً انخفاضاً من 62 دولاراً. ولم يستبعد غولدمان ساكس مواصلة أسعار الخام الانخفاض على المدى المتوسط لتقترب من مستوى 20 دولاراً للبرميل. وقلصت شركات الطاقة الأميركية حفارات النفط لثالث أسبوع على التوالي الأسبوع الماضي في علامة على أن أحدث هبوط لأسواق الخام يدفع شركات الحفر عن النفط إلى تعليق خطط الإنتاج، ما أدى إلى زيادة طفيفة في الأسعار خلال تداولات يوم أول أمس الاثنين.
مشاركة :