النزوح من صنعاء بين الفرحة بالعيد والخوف من الحرب

  • 9/23/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

لم يكن أمام ماهر عبد الله إلا أن يرضخ لإصرار زوجته على البقاء بجانبه في صنعاء، بعد أن رفضت مغادرة المدينة، المهددة بالحرب، والعودة إلى ريف تعز، لقضاء إجازة عيد الأضحى وهرباً من القتال المرتقب. يقول ماهر: كثير من معارفي وأصدقائي سفّروا بعائلاتهم إلى البلاد وهي مفردة يقصد بها اليمني مسقط رأسه في الريف بسبب الحرب وخوفا من أن تتحول صنعاء إلى ساحة قتال، لكن ظروف عملي تحتم علىّ البقاء فيها خلال إجازة العيد. ويضيف: أمام إصرار زوجتي البقاء معي، لا أملك إلا أن استجيب، رغم تحذيري لها بأن الوضع في المدينة قد يكون خطيراً وصعباً. كثيرون من ساكني صنعاء مثل ماهر رحّلوا عائلاتهم خارج صنعاء، وبقوا فيها لظروف العمل، فيما قرر كثيرون الخروج من صنعاء مع أفراد عائلاتهم، تزامنا مع إجازة العيد، مفضلين الابتعاد عن أهوال الحرب إن وقعت على الأرض، وهم يشهدون فعليا مقدماتها في الغارات الجوية التي تستهدف ميليشيات صالح والحوثي في المدينة، والتي باتت أكثر كثافة وتضرب أهدافا ومواقع عسكرية عديدة. يقول عبد الله يحيى وهو أحد العاملين في محطة نقل الركاب بين المحافظات في صنعاء، إن حركة مغادرة الناس زادت أكثر في الأيام الأخيرة مع اقتراب عيد الأضحى ،وارتفاع مخاوف الناس من اندلاع القتال في صنعاء. ويلفت الانتباه إلى أن أسعار الرحلات إلى المحافظات ارتفعت كثيراً، نظراً لشح المحروقات وارتفاع أسعارها في السوق السوداء واضطرار السائقين لسلوك طرق غير معتادة بعيداً عن مناطق التوتر والمواجهات. ويوضح أن كلفة الراكب من صنعاء إلى عدن تراوحت بين سبعة آلاف ريال و15ألف ريال في حافلات النقل المتوسطة ،وكذلك سيارات الأجرة الصغيرة، وحافلات النقل الجماعي، وهي قابلة للزيادة مع قرب أول أيام العيد. أمام هكذا كلفة مرتفعة يقف يوسف أحمد عمر عاجزاً عن توفير كلفة رحلته وأولاده الخمسة إلى عدن، فهي كلفة عالية ستلتهم راتبه الشهري وأكثر، ولن يتبقى له ما يصرفه على مستلزمات العيد، على حد تعبيره، ومثله كثيرون، لهذا فضّل البقاء في صنعاء في الشقة المستأجرة مهما كانت الظروف. وشهدت صنعاء موجات نزوح متقطعة منذ اندلاع الحرب في اليمن نهاية مارس/ آذار، غير أن الموجة الأخيرة، التي بدأت قبل أيام تزامنت مع إجازة العيد، وعادة كل عام يفضل الكثيرون من ساكني صنعاء قضاء أيام العيد خارجها. ليس الخوف من اندلاع القتال أو إجازة العيد فقط ما يدفع الناس للخروج من صنعاء ،بل إن استمرار الوضع المتردي في المدينة وانعدام الخدمات ساهم في أن يفضل الكثيرون النزوح منها، لا كهرباء وشح في المياه وارتفاع في الأسعار وتعطل شبه كلي للخدمات ومراوحة المشتقات النفطية والغاز المنزلي بين الشح والانعدام، فضلاً عن ارتفاع أسعارها في السوق السوداء، التي باتت تديرها عناصر الميليشيات في العاصمة. وضع كهذا جعل المُسنة أم أحمد تشكو ضيق الحال وهي تتحدث إلى جارتها في أحد أحياء صنعاء ولا تملك إلا الدعاء: الله يجازي اللي من تسبب في وصولنا إلى هذه الحال، لتلخص معاناتها بالقول تعبنا، لا نستطيع الاحتمال أكثر! حالنا انقلب منذ دخول الحوثيين إلى صنعاء. ووسط تضارب التكهنات الشعبية حيال ما ستؤول إليه الأوضاع في صنعاء، وهل ستشهد شوارعها القتال كما حدث في عدن وتعز، يعتقد محمد الأكوع، وهو أحد أبناء صنعاء، أن العاصمة لن تشهد قتالاً أو اقتتالًا، رغم ما يتردد حول الحرب والحشد العسكري الكبير في محافظة مأرب، ويرى أن أيام العيد ستمضي في صنعاء في هذا الوضع الصعب والمتردي. ويوضح: سكان صنعاء من كل مناطق اليمن وهذه ميزة تجعلها أقرب إلى السلامة، ووفقا لرأيه هناك أغلبية صامتة في صنعاء وهي تميل إلى السلامة ولا تريد أن تشهد المدينة أي نوع من القتال أو الاقتتال، وبالتالي هي مع الضغط على الحوثيين لاتخاذ موقف يجنب صنعاء الخراب. ويلفت الأكوع إلى أن فرقاء الصراع يمتلكون من المصالح المختلفة في صنعاء، ستجبرهم على الدفع نحو تجنب إقحامها في قتال شوارع، يتضررون بسببه.

مشاركة :