اتفقت مع الأخ أحمد شفيق على أن يكون اجتماعنا المقبل في مصر. هو في ضيافة كريمة من حكومة الإمارات العربية المتحدة في أبو ظبي، وقد رأيته قبل أيام، كما رأيته في السابق، حيث يقيم مع بناته. هو خذلني مرة في مصر وأرجو ألا يخذلني مرة ثانية، فقبل انتخابات الرئاسة المصرية ببضعة أيام اتفقنا على أن نتقابل في مدينة 6 أكتوبر بعد نصف الليل، وتناولنا عشاء خفيفاً في فندق معاً، وتصورنا مع نزلاء الفندق، ثم عدت معه بسيارته ليوصلني إلى الفندق. كان في ذلك اليوم قد استيقظ في السادسة صباحاً وكنا في السيارة في الثانية أو الثالثة من صباح اليوم التالي، ولاحظت أنه متعب يكاد يستسلم إلى النوم فاقتربت منه في المقعد الخلفي حتى إذا نام أسنده بكتفي. وصلنا إلى الفندق وقلت له وأنا أودعه، إنني سأكتب أن رئيس مصر نام على كتفي. وهو قال ضاحكاً: «أصير رئيس مصر واكتب اللي انت عاوزه». أعتقد أنه صار رئيس مصر، وأن النتائج زُوّرت فأعضاء المجلس العسكري كانوا يريدون العودة إلى «دولة» القوات المسلحة، وهم قرروا أن «الإخوان المسلمين» قادرون على تنظيم تظاهرات مليونية وممارسة الإرهاب إذا خسر مرشحهم، فأعلنوا فوز محمد مرسي في ذلك الأحد المشهود خلال مؤتمر صحافي استمر ساعات النهار لتلفيق النتيجة، وليصدق قول اللواء عمر سليمان لي إن أعضاء المجلس العسكري «هُبْل» وإن الجماعة «مش هبل» ويدبرون لهم (للمجلس) مقلباً. كانت عندي صديقة في حملة أحمد شفيق الانتخابية. وهي هاتفتني يوم الجمعة وقالت إن الجيش بلغ أحمد شفيق أنه فاز بالرئاسة، وزلغطت فرحاً. وصباح الأحد عادت إلى الزلغطة وقالت لي إن الجيش بلغ مرشحها أنه سيرسل إليه قوة من الحرس الجمهوري تنقله من بيته إلى القصر الجمهوري. بعد الظهر أُعلِن فوز مرسي واتصلت بي وهي تبكي وقالت لي: «يا تدبر لي أهاجر على كندا أو اقتل حالي». واتفقت والفريق أنها «مجنونة». ولكن بمحبة فهي أبعد الناس عن الجنون. خسارة أحمد شفيق الانتخابات تذكرني بخسارة آل غور الرئاسة الأميركية أمام جورج بوش الابن عام 1992. المرشح الديموقراطي غور نال نصف مليون صوت أكثر مما نال المرشح الجمهوري بوش، غير أن الفوز بالرئاسة يعتمد على أصوات الندوة الانتخابية، أي ممثلي كل ولاية في الندوة. وأصرُّ على أن غور فاز بغالبية من أصوات الندوة الانتخابية، إلا أن تزويراً قلب النتيجة في فلوريدا ليفوز بوش بالانتخابات، فيحكم المحافظون الجدد باسمه، ويشنون حروباً على دول عربية ومسلمة قتلت مليون إنسان، وليدمروا اقتصاد أميركا في الأزمة المالية عام 2008. أخذت القارئ في سياحة سياسية أرجو أن يكون وجدها مفيدة ومسلية وأكمل بنقاط آراها مهمة: - لا أفهم كيف يقدم محام «إخونجي» بلاغاً كاذباً فيدافع المتهم عن نفسه ويثبت براءته. ويذهب المتهم إلى بيته من دون حساب. في بريطانيا، الخاسر يدفع نفقات المحامين، وهي بمئات الألوف أو أكثر، فلو أن هذا كان القانون في مصر لما خسر أحمد شفيق ماله كله في الدفاع عن نفسه ولا يحاسب المتهمون. هناك قضية له أرجو أن تكون الأخيرة. - أوقف باسم يوسف عن تقديم برنامجه الناجح ثم ألغي عقده التلفزيوني. الحكم الانتقالي يجب أن يطلق الحريات التي حاول «الإخوان المسلمون» كتمها، وأمثال باسم يوسف يرفعون رأس مصر ويجب أن يمارسوا حرية القول لتثبت الحكومة إنها ديموقراطية فعلاً لا قولاً. - لا بد أن يكون لـ «الإخوان المسلمين» دور في النظام الديموقراطي الموعود، فهم قوة رئيسة في البلد ولا يجوز عزلهم، والديموقراطية لا تستحق اسمها إلا إذا كانت جامعة ولا تفرق بين أطياف الشعب. khazen@alhayat.com
مشاركة :