«تقدم عملة اليوان الصيني الرقمية فوائد قليلة نسبيا كأداة لتعزيز الوجود الدولي الضعيف لليوان، ناهيك عن محدودية استخدامها كسلاح لتحدي تفوق الدولار الأمريكي». «في شهر فبراير الماضي، كانت حصة عملة اليوان الصيني من المدفوعات العالمية تقدر بنحو 2.2 ٪، مقارنة بـ 2.45 ٪ في فبراير 2016، وذلك وفقًا لبيانات جمعتها جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك». يجب على المعلقين المتسرعين الذين يقولون إن اليوان الرقمي الصيني يشكل تهديدًا على الدولار، أن ينصتوا جيدًا إلى كلمة نائب محافظ البنك المركزي الصيني لي بو Li Bo، الذي قال يوم الأحد الماضي، إن إطلاق عملة اليوان الرقمي في البلاد ليس الهدف منه إزاحة الدولار الأمريكي واستبداله.وتعتبر رقمنة عملة اليوان رائعة من حيث آثارها السياسية، وفيما يتعلق بالرافعات الاقتصادية الجديدة التي قد تقدمها للحكومة في السوق المحلي، لكنها تقدم فوائد قليلة نسبيًا كأداة لتعزيز الوجود الدولي الضعيف لليوان، ناهيك عن محدودية استخدامها كسلاح لتحدي تفوق الدولار الأمريكي.وباعتباره عملة أكبر اقتصاد تجاري في العالم، فإن اليوان يستخدم بمعدل أقل بكثير من وزنه الحقيقي في السوق، ووفقًا لدراسة أجراها صندوق النقد الدولي في عام 2019، تشير بيانات من عام 2016 إلى أن حوالي 93٪ من صادرات الصين و95٪ من وارداتها مقومة بالدولار.ولا يبدو أن الكثير من هذه الأرقام تغير الآن، ففي شهر فبراير الماضي كانت حصة عملة اليوان الصيني من المدفوعات العالمية تقدر بنحو 2.2٪، مقارنة بـ 2.45٪ في فبراير 2016، وذلك وفقًا لبيانات جمعتها جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك. وحتى هذا الرقم الضئيل يشكل مبالغة في مقدار الاستخدام الحقيقي لعملة اليوان دوليًا، حيث يتم إجراء ثلاثة أرباع إجمالي مدفوعات اليوان العالمية بشكل ثابت في هونج كونج.وفي حديثه إلى لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية بين الولايات المتحدة والصين الأسبوع الماضي، قال مارتن تشورزيمبا Martin Chorzempa، الزميل الأول في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، إنه لم يسمع حتى الآن حجة مقنعة حول الكيفية التي يمكن أن تعزز بها الرقمنة حقًا الاستخدام العالمي لليوان.وقد تكون المعاملات الرقمية أسرع من التحويلات المصرفية التقليدية، لكن بالنسبة للشركات العالمية الكبرى لا يعتبر عنصر الفورية الشغل الشاغل لهم إلى حد كبير، حيث سيتعين عليهم الحصول على اليوان في المقام الأول حتى يتمكنوا من إجراء هذه المعاملات.ويمكن أن تتجنب الرقمنة العقوبات الأمريكية، لكن معظم الشركات الدولية لن يرغب في القيام بذلك، كما أن العقوبات ليست سببًا رئيسيًا وراء الاستخدام المحدود لليوان في الخارج.على الجانب الآخر، يمكن تحسين الفائدة العالمية لليوان يومًا ما كوحدة حساب أو وسيط للتبادل - وهما وظيفتان من الوظائف الثلاثة التقليدية للنقود - مع تعزيز الاستخدام الدولي له. لكن وظيفته كمخزن للقيمة وهي الوظيفة الثالثة التي تجعل قوة اليوان الدولية مكتملة، تم منعها بالكامل تقريبًا بسبب ضوابط رأس المال في الصين.أيضًا تعتبر الخيارات الاستثمارية المتاحة للأجانب الذين يملكون كميات كبيرة من اليوان محدودة، مقارنة بامتلاكهم كميات كبيرة من الدولارات أو اليورو أو الين، وتمتلك الصين عددًا أقل بكثير من الأصول عالية الجودة، كما أن شعور الحكومة بالقلق من تدفقات رأس المال للخارج يزيد من مخاطر عدم القدرة على استرداد الأموال.ختامًا، قد تؤدي الرقمنة إلى تسريع المعاملات وإزالة بعض العقبات الموجودة في المدفوعات الدولية، لكنها لن تغير موقف العملات التي لا يريد الناس الاحتفاظ بها وتحولها إلى اختيار مرغوب فيه، وبالنسبة لمعظم الأعمال التجارية الدولية، لا يزال اليوان ضمن العملات غير المرغوب فيها، ولا يوجد سوى القليل من العلامات التي تشير إلى احتمالية تحوله لعملة مرغوبة.
مشاركة :