فوضى السلاح تعزز الهيمنة الإيرانية في العراق

  • 4/21/2021
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

انتشرت في الآونةِ الأخيرةِ في العراق عامة وفي منطقة بغداد خاصة باعتبارها عاصمة الدولة العراقية الموحدة ظواهرُ مسلحةٌ تنظمها المليشياتُ التي تعملُ خارج نطاق القانون وأغلب هذه المليشيات مدعومة من إيران ما يثيرُ الفوضى العارمة ويجعل من العراق دولة لا تسيطر على أمنها واستقرارها وهو أخطر وضع يمكن أن يصيب أي بلد في العالم إلى درجة أن رئيس الوزراء العراقي الحالي مصطفى الكاظمي قد أعلن منذ العام الماضي صراحة أن فوضى السلاح لا يمكن أن تعيد إلى العراق أمنه واستقراره وثقة العالم فيه بل الأخطر من ذلك أن هذه الفوضى قد تهدد أمن واستقرار المنطقة بأسرها باعتبار أن استقرار المنطقة هو إلى حد كبير مرتبط باستقرار العراق وسوريا أيضا. ومن مظاهر هذه الفوضى التي تغذيها إيران بالسلاح والأعوان التابعين لها إطلاق صواريخ بشكل متكرر على القواعد الأمريكية وعلى مناطق متعددة تهدد قوى التحالف التي حررت العراق من داعش. ومن مظاهرها أيضا القصف المتكرر للبعثات الدبلوماسية بشكل مباشر وخاصة البعثة الأمريكية مع أن الأمريكان هم من أسقطوا النظام العراقي السابق وهم من شكلوا التحالف الدولي لمقاتلة داعش في العراق وسوريا ويشكل وجودهم نوعًا من الدعم والاستقرار في العراق فهذه المليشيات التي تتبع إيران لم يكن من الممكن أن يكون لها وجود لولا القوات الأمريكية التي أسقطت الدولة العراقية وحلت الجيش العراقي ودمرت البنية السياسية والأمنية التي كانت قائمة قبل عام 2003 ويرجع سبب تحول هذه المليشيات وعددها أكثر من خمسين نحو العداء لأمريكا وللقوات الأمريكية إلى التبعية الكاملة لإيران تمويلا وتدريبا وتوجيها أيديولوجيا بما يجعلها تنفذ الأجندة الإيرانية بزيادة قصفها واستهدافها للأمريكان في العراق كلما زاد التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران كما يزداد ضغطها على الحكومة العراقية وابتزازها كلما حاولت الاتجاه نحو البلدان العربية المجاورة والتطبيع معها وتطوير العلاقات مع دول الخليج العربية في محاولة لترجمة العداء الإيراني للبلدان العربية داخل العراق وبذلك يتضح بما لا يدع مجالا للشك أن ما تقوم به هذه المليشيات من هجمات على القواعد العسكرية وعلى البعثات الدبلوماسية وعلى الأبرياء من المواطنين العراقيين وعلى مؤسسات الدولة الأمنية هو في الحقيقة فعل إيراني بامتياز ففوضى السلاح أداة رئيسية من أدوات الضغط والابتزاز الإيرانيين. كثيرا ما حاولت حكومة الكاظمي بوجه خاص منذ تسلم مهامها أن تعيد هيبة الدولة العراقية من الناحية الأمنية ومحاولة إظهار قوة الدولة في مواجهة المليشيات ولكنها لم تنجح في ذلك لأن هذه المليشيات أقوى من الدولة وأقوى من المؤسسات العسكرية والأمنية. لقد حاول الكاظمي تبني استراتيجية تجمع بين الحزم الأمني ومحاولة الاحتواء السياسي للأحزاب التي تتبعها هذه المليشيات إلا أن هذا الجهد الذي بذله الكاظمي لم يأت بنتيجة جوهرية إلى اليوم بالرغم من أن الكاظمي قد اتخذ عددا من الإجراءات مثل اعتقال بعض العناصر التي أطلقت الصواريخ أو من تم ضبطهم وبحوزتهم صواريخ معبأة للإطلاق وهو الأمر الذي لم يسبق القيام به من الحكومات السابقة نتيجة خوفها الشديد من إيران ومن الأحزاب التي تدور في فلكها ومن المليشيات المسلحة ولذلك بقت تلك الإجراءات التي اتخذتها حكومة الكاظمي خجولة ومحدودة التأثير لأنها لا تشكل سياسة ثابتة وقائمة على برنامج حكومة وطنية واضح وحاسم في مكافحة الفوضى والإرهاب وذلك طالما أن هنالك من يمد هذه الأحزاب والمليشيات بالمال والسلاح والدعم السياسي والأمني والعسكري ولهذا فإن كل ما قام به الكاظمي خلال الفترة الماضية لم يضع حلا لهذه الفوضى التي تعم العراق الشقيق. إن الحل الوحيد لوضع نهاية لهذه الفوضى يقوم على ثلاث نقاط متكاملة وهي: الأولى: حل المليشيات المسلحة بقرار وطني شجاع ودمج جزء من عناصرها في الجيش العراقي أو في الأجهزة الأمنية العراقية. الثانية: تقوية الجيش العراقي وإعادة بنائه على أسس وطنية لا علاقة لها بالطائفية. الثالثة: إظهار الحزم والجدية في التعامل مع إيران ورفض أي تدخل لها في العراق تحت أي شعار عقائدي أو طائفي وهذا لن يتسنى إلا بتعزيز العلاقات العراقية العربية ووقوف الدول العربية مجتمعة مع العراق ودعمه سياسيا واقتصاديا وأمنيا حتى يصبح قادرا على بناء علاقة متوازنة مع إيران ليس فيها الهيمنة التي نراها في الوضع الراهن.

مشاركة :