فتاة بسيطة، مطحونة بسبب مستواها الاجتماعى وقدراتها المادية، تتعرض لأزمة الاغتصاب لتنقلب حياتها، شخصية جسدتها الفنانة سهر الصايغ في مسلسل «الطاووس» أمام الفنان جمال سليمان، لتتلقى عنها ردود أفعال جيدة، وليثير المسلسل الجدل حول علاقته بقضية «فيرمونت»، وهو ما نفته «سهر» مؤكدة في حوارها لـ«المصرى اليوم» أن حوادث الاغتصاب تكررت كثيرا الفترة الماضية بين أبناء الطبقة الراقية، مشيرة إلى ضرورة تناولها للتصدى لها، وتحدثت «سهر» عن كواليس تجسيدها للدور وأصعب مشاهدها وما سببته الشخصية نفسيا بعد تجسيدها لها.. وإلى نص الحوار: ■ لنبدأ من النقطة الأكثر جدلًا حول مسلسل «الطاووس»..هل يرصد قضية الفيرمونت الشهيرة؟ - العمل يحمل الجانبين، قد تكون هناك أوجه تشابه بين المسلسل والفيرمونت ولكن ليس بشكل صريح، من الممكن أن تكون الأحداث قريبة من قضية الساحل، أو المعادى، مثل هذه القضايا تم تكرارها في مجتمعنا في الشهور الأخيرة، من الطبيعى أن يحدث هذا اللبس والجدل حول قضية العمل، لكنه لا يحاكى قضية معينة بعينها إطلاقًا. ■ وهل اعتمدتِ وقت تحضيرك لشخصية «أمنية» على الفيرمونت كمرجع لك وقرأت عنها؟ - لا نعكس القضية إطلاقًا، وهو ما أؤكد لك عليه، بالتأكيد كان لدى علم بتلك القضية لكنى لم أعتمد عليها في تكوين تاريخ الشخصية لأن القصة بعيدة عنها ولا نتصدى لها على الإطلاق، حدوتة «الطاووس» مستقلة، نعم تحاكى الواقع لأنها حادث تكرر أكثر من مرة وبعدة صور. ■ مشاهد اغتصاب وقهر وعنف ما سبب حماسك للمسلسل؟ - تحمست جدًا لدور أمنية، لأننى دائمًا أبحث عن الاختلاف في كل تجربة ودور أجسده، وفى «الطاووس» إلى جانب أن الشخصية جديدة بالنسبة لى، ولكن رسالة الدور والهدف منه والمضمون المجتمعى من خلاله أمر في غاية الأهمية، الدراما التليفزيونية يجب أن يكون لها دور بارز في مناقشة مثل هذه القضايا حتى يتم محاربتها والقضاء عليها، أحببت الرسالة، أما بخصوص فكرة الطرح والدور فصراحة كنت معتمدة فيه وبشكل كبير جدًا على المخرج رؤوف عبدالعزيز لأنه مميز وواع جدًا، وأعماله السابقة تؤكد أنه يتصدى لطرح حتى القضايا الجريئة ولكن بشكل متوازن دون ابتذال، جمعتنا جلسات طويلة قبل التصوير، وهو يمتلك وجهة نظر ورؤية أتفق معها جدًا في تجسيده لأى مشهد بغض النظر عن مدى جرأته. ■ التحضير لـ«أمنية» بالتأكيد كان مختلفا، كلمينا عن تحضيراتك للشخصية؟ - التحدى الأصعب بالنسبة لى كان في فكرة المصداقية والحفاظ عليها لدى المتلقى، والحمد لله ردود الفعل كانت جيدة جدًا على الحلقات الأولى، ووجهة نظرى أن الجمهور أقدم على مشاهدة العمل لأن القضية قريبة جدًا من الناس، فكرة الاغتصاب أو التحرش أو التعدى على المرأة بشكل عام أمر ملموس في غالبية البيوت، وهنا كانت الصعوبة، أن تكون أمنية قريبة من الناس، ويتم التعاطف معها وتصديقها، بعيدًا عن فكرة التصنع، وصراحة الدور كان صعبا جدًا، أغلب مشاهده ماستر سين. ■ ماذا عن مصادرك في تجسيد هذا الدور؟ - اعتمدت بشكل كبير على السيناريو لكريم الديلى، مكتوب بحرفية شديدة تحت إشراف الأستاذ محمد ناير، والمخرج رؤوف عبدالعزيز، جلسنا معًا طويلا لمذاكرة النص، وتحديد تفاصيل الشخصية نصًا وموضوعًا وشكلاً ونفسيًا وكل أبعادها، ساعدنى كثيرًا وكان مؤمنا بموهبتى، وذاكرت قدر الإمكان واجتهدت على نفسى جدًا وأتمنى التوفيق في الحلقات المقبلة. ■ كيف تعاملت مع مشهد الاغتصاب؟ - رؤية المخرج هي الفيصل في هذا الأمر، الاغتصاب كمشهد تم تناوله بطرق عدة سواء في الدراما التليفزيونية أو السينما، كل مخرج له وجهة نظر في تناول تلك المشاهد، وكان هناك حرص على عدم تجاوز الحد الأدنى من الأخلاق وقيم المجتمع، وألا يشاهد المتفرج شيئا غير مقبول أو غير راض عنه أو يخجل منه. ■ وماذا عن التأثير النفسى عليكِ على المستوى الشخصى؟ - تأثرت به نفسيًا جدًا، لأن الدور صعب جدًا، وصعوبته تكمن في أننى مطالبة بمعايشة كل الأحداث التي تمر بها أمنية، مررت بكل التقلبات النفسية التي عاشتها أي فتاة تعرضت لحادث اغتصاب، وهو أمر قاس جدًا، المسلسل يرصد تفاصيل تلك الرحلة، كنت حريصة على أن أجسدها بصدق، لأن الأمر لا يقتصر فقط على الكشف عن القضية وتفاصيلها والتحقيق فيها من جانب الجهات المعنية ولكن هناك جانبا أخر لا ننظر إليه متعلقا برحلة المعاناة التي تعيشها الفتاة ضحية هذا الجرم، تفاصيل لا يطلع عليها الجمهور، فكرة أن تخوض الدراما في هذه المنطقة كانت رسالة مهمة بالنسبة لى أن أقدمها إذ ربما نساعد في الحد من تلك الظاهرة، وليدركوا إلى أي مدى هذا الأمر موجع جدًا ومؤلم. ■ هل عاشت داخلك أمنية لفترة طويلة حتى بعد انتهاء التصوير؟ - لن أخفى عليك، أنا أمتلك القدرة على الخروج من أي كاركتر أجسده بسرعة، ولكن الطاووس Overdose، كلما أحاول الخروج منها أجد نفسى أتأثر بها سريعًا. ■ تخليت عن الماكياج بسبب أمنية كيف تعاملت مع ذلك؟ - بالفعل تخليت عن الماكياج، ولكن رغم ذلك مدير التصوير رؤوف عبدالعزيز كان حريصا على خروج الشخصيات بشكل جمالى. ■ مشهد كان الأصعب بالنسبة لكِ في كواليس المسلسل؟ - بمنتهى الأمانة، في «الطاووس» عبارة عن مشاهد ماستر سين يتخللها مشاهد المسلسل، منها مع الأستاذ جمال سليمان وسميحة أيوب وأحمد فؤاد سليم، وهبة عبدالغنى الأخت، وأشرف مصيلحى زوج الأخت، والأستاذ جميل برسوم، المغتصبين أنفسهم، المحاكمات، كل المشاهد صراحة كانت صعبة جدًا. ■ ماذا عن رسالة «الطاووس» من وجهة نظرك؟ - المسلسل يعكس رسالة مهمة تكمن في أن كل أشكال العنف ضد المرأة مرفوضة مجتمعيًا، ويرصد للناس كواليس هذا العنف وتأثيره نفسيًا واجتماعيًا على الضحايا الفتيات والأهالى والمجتمع ككل، لأن الموضوع ليس مقتصرا على الأنثى فقط ولكن الشباب المغتصبين أنفسهم والتربية الخاطئة لهم من أهاليهم، ويعتبر صحوة توعوية للحد من هذه الظاهرة التي ازدادت في مجتمعنا مؤخرًا. ■ ما الذي ينادى به محمد ناير من خلال الأحداث؟ - الحد من العنف ضد المرأة، أخلاقيًا أو دينيا يجب أن نواجه الاغتصاب والتحرش في مجتمعنا بمنتهى الحزم والقانون، شهريًا لدينا قضية جدلية في هذا الإطار، مؤخرًا فتاة المعادى الصغيرة التي واجهت التحرش، وقبلها بشهرين قضية الساحل، والفيرمونت وغيرها، طالما كانت موجودة في مجتمعنا لكنها شهدت زيادة غير مقبولة. ■ هل تعتبرين «الطاووس» مرحلة فاصلة في حياتك الفنية؟ - بالتأكيد مرحلة مهمة بالنسبة لى، لأنه يحمل رسالة، وفى النهاية النجاح بيد الله سبحانه وتعالى، «كلنا مقدمين عمل راضيين عنه»، هذا إحساس كل ممثل صغيرا كان أو كبيرا في الطاووس، تشرفت جدًا بالمسلسل والمشاركة فيه، وسعيدة بالعمل مع كل كاست الممثلين هؤلاء النخبة، أول مرة أعمل معهم جميعًا، واستمتعت جدًا بالتمثيل والوقوف أمامهم، والطاووس بالنسبة لى إضافة كبيرة. ■ هل من وجهة نظرك العمل يستدعى عرضه بتصنيف عمرى؟ - من وجهة نظرى الطاووس ليس بحاجة لتنصيف عمرى، لأن التناول محترم جدًا، لكن قد تقتضى القضية نفسها تصنيفا عمريا، لن يفهمها من هم أقل من 12 عاما، وغير مطلوب من الفن والأسر أن يفتحوا مداركهم نحو تلك الأمور والقضايا، لكنهم في النهاية إذا شاهدوا المسلسل لن يجدوا ما يخدش الحياء أو يؤذى الأطفال، وإن كانت القضية نفسها شائكة وجريئة. ■ ما هو تصنيفك للمسلسل؟ - العمل اجتماعى تشويقى بدون شك، مع كل حلقة من حلقاته بغض النظر عن قضية الاغتصاب، ولكننا نحاكى الواقع بشكل كبير جدًا، على عكس الدراما التي تتطلب في بعض الواقع تجميل الأشياء، ونرصد لفكرة «المحسوبيات» في المجتمع، ومن الصعب توقع تفاصيل الحلقات المقبلة. ■ من كان وراء اختيارك لتخوضى البطولة في المسلسل؟ - المخرج رؤوف عبدالعزيز وهى تجربتى الأولى معه وقلت له «انت ليه مكنتش بتجيبنى قبل كده؟»، واع، محترم، فاهم أدواته، مريح في الشغل جدًا، أستاذ في توجيه الممثل، وكيفية استغلال قدراته بشكل كبير، ساعدنى كثيرًا في ظهورى بهذا الصدق.
مشاركة :