تحتفي الأوساط الثقافية والفنية، اليوم الأربعاء، بذكرى رحيل الشاعر ورسام الكاريكاتير الشهير صلاح جاهين، صاحب الرباعيات الأكثر شهرة ومبيعا، وأحد رسامي الكاريكاتير في مجلة "روز اليوسف" و"صباح الخير" ثم جريدة "الأهرام" واتسم كاريكاتير جاهين بطابع خاص ظل ثابتا حتى وقتنا هذا بصورته الفكاهية ونقده البناء. كما أنه مؤلف الأوبريت الشهير "الليلة الكبيرة"، الذي جمعه بالملحن سيد مكاوي، والمخرج صلاح السقا، ويعد الأكثر جماهيرية وشعبية في تاريخ مسرح العرائس، ويشكل جزءا من وجدان الشعب المصرى، وأصبح جزءا من التراث الفني المصري الأصيل. كتب "جاهين" العديد من سيناريوهات الأفلام التي من بينها "أميرة حبي أنا، شفيقة ومتولي، المتوحشة"، إلى جانب "خلي بالك من زوزو" الذي حقق نجاحا كبيرا، بالإضافة إلى مشاركته ممثلا في أفلام "شهيد الحب الإلهي، المماليك، اللص والكلاب" وغيرها، إلى جانب إنتاجه لأفلام "أميرة حبي أنا"، "عودة الابن الضال"، التي تظل خالدة في تاريخ السينما الحديثة. وفي إحياء ذكرى وفاته رسم الفنان التشكيلي والروائي عبدالعزيز السماحي بورتريه للشاعر صلاح جاهين تعبيرا عن حبه وارتباطه الشديد بدرره وبحياته التي تشبهه قائلا: "زمان في بداية حياتي وأنا طالب لسه بادرس الفن كنت عايش لوحدي في أوضه صغيرة فوق السطوح وفضلت عايش فيها سنوات كتير بعد التخرج، وقتها طلبت من صديق قديم بيشتغل خطاط في كشك صغير "نحو متر وربع" في منطقة باب اللوق بوسط البلد إنه يكتب لي رباعية معينة من رباعيات صلاح جاهين بخط جميل وكبير علشان أعلقها عندي على الحيطة ولما اندهش قال لي: "مين صلاح جاهين دا ؟؟ ويعني إيه رباعية؟! وبعدين ما تكتبها بأي خط وأي قلم عندك وعلقها علطول". وتابع: "قلت له لأ أنا عاوزها بشكل حلو وبخط جميل علشان أبص عليها قبل ما أنام وأول ما أصحى.. قال لي باستغراب شديد: "هو أنت مش حافظها؟ قلت له أيوه حافظها زي اسمي وحافظ الديوان كله كمان، قالي خلاص عاوز تكتبها وتعلقها ليه، ما تقولها لنفسك قبل النوم وبعد الصحيان وخلاص؟ قلت له لأ عاوز أعلقها علشان أشعر بالونس وإن في حد باصص عليَّه بالكلام والشعر وبيشاركني نفس الشعور وبيقولي متخافش.. أنت مش لوحدك اللي حاسس بكده، دا احنا كتير.. صاحبي رفع حواجبه لفوق لحد سقف الكشك واندهش جدا وقال في نفسه "أكيد الجدع ده مجنون أو جراله حاجه"، المهم بعد ما فشلت في إقناعه وعلشان يريح دماغه كتبهالي بخط جميل وبمزاج على ورق سميك وهوه بيسلِّمهالي مع عزومه على فنجان قهوة عالسبرتاية ابتسم وقال لي: "تصدق الرجل اللي كتب الكلام دا برغم إنه بسيط لكن عبقري وملوش مثيل، دا أنا سرحت في المعاني وأنا بكتبها يا جدع"، قلت له عشان كده أنا قررت إن أول معرض خاص أعمله بعد التخرج لازم ارسم فيه لوحة وأهديها لروحه "اللوحة اللي قدامكم في الصورة دي" وقلت له حجيب لك نسخة من الديوان كله في الزيارة الجايه، دا مليان دُرر، وأخدتها ورجعت البيت وأنا في منتهى السعادة كأني اقتنيت لوحة لرينوار أو ماتيس، وبالليل بعد ما أكلت وشربت القهوة قمت علقتها عالحيط اللي في مواجهة السرير وكنت باشعر في كل مرة أقراها بإني مش لوحدي وإن في الدنيا حد زيي حتى ولو مش موجود هنا، وإن في إنسان يشبهني بالظبط في إحساسه ومر بنفس رحلة المعاناة والألم في الدنيا الواسعة الكبيرة، الرباعية دي من أصدق الرباعيات تعبيرًا عني وكل لما اقراها أشعر بنفس الشجن والصدق اللي فيها وبدوام صدقها الأبدي: أنا شاب.. لكن عمري ولا ألف عام وحيد.. لكن بين ضلوعي زحام خايف.. لكن خوفي منِّي أنا أخرس.. لكن قلبي مليان كلام"
مشاركة :