مفهوم وكيفية التوازن المالي في ميزانية الدولة

  • 4/22/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لا يتحقق التوازن المالي في ميزانية الدولة إلا عندما تكون الإيرادات والمصروفات متوازنة. وفي ظل ميزانية مصروفات متنامية وإيرادات متراجعة وقطاع خاص متواضع في التوظيف والأداء والتوسع والنمو يصبح التوازن مهمة صعبة جداً، بل بتعبير أصح إن ذلك مستحيل إلا بتوافر مصادر تمويل لا ترهق المواطن وتنفر المستثمر السعودي والأجنبي على حد سواء. المشكلة في التوازن المالي ذات جوانب عديدة. أولاً أسعار النفط لا تزال منخفضة ومتذبذبة وغير مستقرة بالرغم من التزام المملكة بما اتفقت عليه الأطراف المتفاوضة، حيث أشاد بذلك صندوق الاستثمار الأمريكي جي بي مورقان في تقريره عن الأسواق الناشئة. فقد جاء في تقريره أن المملكة العربية السعودية التزمت باتفاقية خفض الإنتاج النفطي حسب اتفاقية أوبك في فينا. أما قرارات زيادة الرسوم فإنها لن تكون الحل المناسب والمرغوب لكل من المواطن والمقيم وقطاع الأعمال، لأنها تضعف القوة الشرائية للمستهلك وبالتالي تتراجع مبيعات وأرباح قطاع التجزئة. وبالتأكيد التكاليف على المستثمر السعودي والأجنبي لا تجذب الاستثمار الداخلي والخارجي مما يؤثر في التنمية الاقتصادية في المملكة. نعلم أن الحكومة تحاول تحقيق التوازن المالي الذي لا يضر المواطن والمقيم، لكن الخيارات أمامها قليلة وقراءة أسعار النفط غير مؤكدة وغير مستقرة. وبخصوص الضرائب والرسوم على الأفراد والشركات الأجنبية فإنه خيار يتعارض مع إستراتيجية جذب الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة. أما الرسوم على العاملين الأجانب في المملكة من الأفراد والتابعين فإن أثره في نظري سيكون سلبياً على الاقتصاد، فإما أن يغادر الموظف الأجنبي المتخصص الذي نحتاجه في التنمية ومعه أسرته أو يبقى رب الأسرة، وتعود أسرته إلى بلدها ليتراجع الطلب على السكن والمعيشة والكماليات، مما يؤثر في قطاعات عديدة مثل التجزئة والعقارات السكنية والطاقة والصحة وغيرها. والطرف الآخر في المعادلة هو الإنفاق الحكومي على المشاريع التي اتضح في السنوات العشر الأخيرة ارتفاع تكاليفها وتعثر بعضها. تكاليف المشاريع عالية بجودة متواضعة وهنا نسأل عن أهمية الرقابة على الجودة والتكاليف ومعايير ومدة الإنجاز. وتستطيع الحكومة خفض تكاليف المشاريع مما يوفر عليها أكثر من 50% من تكاليفها. إن مراقبة التكاليف والجودة في مختلف قطاعات الميزانية سيوفر نسبة كبيرة من الميزانية، ولا أبالغ إذا أشرت إلى أننا نستطيع تحقيق التوازن المالي بين الإيرادات والمصروفات إذا تمت الرقابة الشفافة والفعالة على المشاريع، بحيث يصرف كل ريال في مكانه المناسب. إن التقشف في مصروفات الحوافز الوظيفية سيؤثر في تحفيز الموظفين في القطاعين الحكومي والخاص وبالتالي سيكون له أثر سلبي في الإنتاجية العامة للاقتصاد، لذلك آمل ألا تتكرر سياسة تجميد نظام الحوافز في البدلات والترقيات، وكذلك تنشيط التوظيف في القطاعين الحكومي والخاص لأن الأمل في توسع مسؤوليات الشركات الإنتاجية والخدمية في القطاع الخاص يصاحبه بالضرورة توسع التوظيف في القطاع الحكومي. تحقيق التوازن المالي مهمة صعبة تحتاج لمشاركة جميع أطراف المعادلة للوصول للغاية المأمولة. يعتمد التوازن المالي بدرجة كبيرة على مشاركة القطاع الخاص في التوظيف والإنتاجية وجودة الحياة والمعيشة والمسؤولية الاجتماعية في مختلف القطاعات المتكاملة. وإذا استطاع القطاع الخاص الاعتماد على نفسه فإنه سيخفف عن الحكومة مسؤوليات مالية كبيرة، بحيث تركز الحكومة مسؤولياتها في الأمن والتعليم والصحة.

مشاركة :