قالت مصادر يوم الأربعاء إن من المتوقع أن يعترف الرئيس الأمريكي جو بايدن رسميا بأن مذبحة الأرمن على أيدي الإمبراطورية العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى كانت عملا من أعمال الإبادة الجماعية، في خطوة من المرجح أن تثير حنق تركيا وتفاقم توتر العلاقات بين الدولتين الشريكتين في حلف شمال الأطلسي. ورغم أن الخطوة ستكون رمزية إلى حد كبير إلا أنها تعني تغيرا جذريا عن صياغة شديدة الحذر تبناها البيت الأبيض منذ عقود كما أنها تأتي في وقت صدام بين أنقرة وواشنطن بشأن عدد آخر من الملفات. وقالت ثلاثة مصادر مطلعة على الأمر إن من المرجح أن يستخدم بايدن عبارة “إبادة جماعية” في بيان يوم 24 أبريل نيسان عندما تُنظم فعاليات سنوية لإحياء ذكرى الضحايا في مختلف أنحاء العالم. وقال مصدر على دراية بالأمر “ما فهمته هو أنه اتخذ القرار وسيستخدم عبارة إبادة جماعية في بيانه يوم السبت”. لكن المصادر حذرت من أن بايدن قد يؤثر في اللحظة الأخيرة عدم استخدام هذا التعبير في ضوء أهمية العلاقات الثنائية مع تركيا. وقالت جين ساكي السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض للصحفيين يوم الأربعاء إن البيت الأبيض سيكون لديه “المزيد ليقوله” حول هذه القضية يوم السبت على الأرجح لكنها أحجمت عن الإسهاب في التفاصيل. وأحالت وزارة الخارجية الأمريكية الأسئلة بشأن الأمر للبيت الأبيض ولم يكن لدى مجلس الأمن القومي تعليق يضاف على ما قالته ساكي. * فظائع كان بايدن قد أحيا قبل عام، عندما كان لا يزال مرشحا رئاسيا، ذكرى 1.5 مليون من الرجال والنساء والأطفال الأرمن الذي فقدوا أرواحهم في الأيام الأخيرة للإمبراطورية العثمانية وقال إنه سيدعم مساعي وصف عمليات القتل تلك بالإبادة الجماعية. وقال في تغريدة آنذاك: “اليوم، نتذكر الفظائع التي واجهها شعب الأرمن في الإبادة الجماعية الأرمنية. إذا تم انتخابي أتعهد بدعم قرار يعترف بالإبادة الجماعية للأرمن وسوف أجعل من حقوق الإنسان العالمية أولوية قصوى”. وتقبل تركيا فكرة أن كثيرا من الأرمن الذين كانوا يعيشون في الإمبراطورية العثمانية قُتلوا في اشتباكات مع القوات العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى لكنها تشكك في أعداد من قُتلوا وتنفي أن تكون أعمال القتل مدبرة على نحو ممنهج وتمثل إبادة جماعية. وتعطلت إجراءات كانت تهدف للاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن لعقود في الكونجرس الأمريكي، وأحجم الرؤساء الأمريكيون عن وصفها بذلك خشية تأثر العلاقات مع تركيا سلبا وبسبب حشد مكثف للضغط ضد تلك الإجراءات من أنقرة. وأقام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان روابط وثيقة مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لكنه لم يتحدث مع بايدن منذ دخول الرئيس الديمقراطي البيت الأبيض يوم 20 يناير كانون الثاني. ورغم أن مسؤولين أتراكا وأمريكيين عقدوا محادثات منذ ذلك الحين، إلا أن إدارة بايدن كثفت الضغط على تركيا من خلال التعبير بشكل متكرر عن استيائها من سجل أنقرة المتعلق بحقوق الإنسان إضافة للفجوة بين الجانبين فيما يتعلق بعدد من القضايا تشمل شراء تركيا لأنظمة دفاعية روسية والسياسات المتبعة حيال سوريا. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو يوم الثلاثاء إن من شأن أي تحرك من قبل بايدن لوصف أعمال القتل بالإبادة الجماعية أن يلحق ضررا أكبر بالعلاقات المتوترة بالفعل بين الدولتين العضوين في حلف شمال الأطلسي. وقال مكتب أردوغان يوم الخميس إن الرئيس ناقش الأمر مع مجلس المستشارين الأعلى. وأضاف “رئيسنا قال إننا سنواصل الدفاع عن الحقائق في مواجهة كذبة ما يسمى بالإبادة الجماعية للأرمن وفي مواجهة من يدعمون هذا الافتراء بدوافع سياسية”. وقال إيان بريمر مؤسس شركة أوراسيا جروب للبحوث والاستشارات إن خطوة بايدن المتوقعة تعكس تدهور العلاقة بين البلدين لكن رد أردوغان عليها سيكون محدودا على الأرجح. وأضاف “من المستبعد أن يستفز أردوغان الولايات المتحدة بتصرفات قد تفاقم تقويض اقتصاد تركيا الضعيف”. ومرر مجلس الشيوخ الأمريكي في 2019 قرارا غير ملزم يعترف بعمليات القتل بصفتها إبادة جماعية في خطوة تاريخية زادت وقتها من غضب تركيا. وأرسل النائب الأمريكي آدم شيف ومجموعة من نحو مئة من النواب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي خطابا لبايدن هذا الأسبوع لحثه على الوفاء بتعهده الانتخابي و”تصحيح خطأ مستمر منذ عقود”.
مشاركة :