التحلية نيوز _ رشاد اسكندراني استعرضت مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب (BCG)، عبر استبيان أجرته مؤخراً، بالتعاون مع بيت.كوم، تأثيرات انتشار جائحة كوفيد-19، والتي أدت إلى تبديل الممارسات المهنية في المملكة العربية السعودية على نحو جذري. حيث أشار الاستبيان رغبة ملحوظة لدى نسبة كبيرة من العاملين في مختلف القطاعات لمواصلة العمل عن بُعد، على أقل تقدير، بعد انتهاء الجائحة. وألقى الاستبيان الجديد الضوء على تفضيلات العاملين في مشهد ما بعد الجائحة، حيث صرح 86% من المشاركين في الدراسة عن رغبتهم في مواصلة العمل بشكل افتراضي كلياً أو جزئياً، على نحو يتماشى تقريباً مع المتوسط العالمي البالغ 89%. ويقيّم التقرير المشترك بعنوان “استكشاف التغييرات الطارئة على الممارسات المهنية العالمية”، تأثير انتشار الجائحة على تفضيلات الموظفين وتوقعاتهم، عبر استطلاع رأي شارك فيه أكثر من 1185 شخص على صعيد المملكة. وصرّح الدكتور كريستوفر دانيال، العضو المنتدب والشريك في بوسطن كونسلتينج جروب الشرق الأوسط، قائلاً “فرض انتشار الجائحة لأول مرة على القوى العاملة حول العالم، ضرورة التكيف والتأقلم مع التغييرات المفاجئة والثورية، لضمان استمرارية الأعمال ونجاحها. إلا أن المشهد لم يكن واضحاً آنذاك، حيث كان من الصعب تحديد مدى فعالية التحول الرقمي بشكل دقيق، واستكشاف إمكانيات القوى العاملة وقدراتها على التكيف مع الواقع الجديد، عبر مساحات العمل الافتراضية، وإنجاز مهامها الوظيفية رقمياً، إلا أن هذا المشهد أصبح الآن أكثر وضوحًا بعد الاستبيان الذي أجريناه بالتعاون مع بيت.كوم. والذي يؤكد على الرغبة الواضحة لدى الغالبية العظمى من المشاركين في الاستبيان، في الاستمرار بإنجاز العمل عن بُعد، ويشير إلى رضاهم التام عن المرونة التي وفرتها لهم بيئة العمل الحديثة، فضلاً عن الارتقاء بمستوى الإنتاجية والكفاءة، نظراً لتوفر مجموعة واسعة من الفرص والإمكانات التي ساهمت في تعزيز قدراتهم وأدائهم المهني على نحو واضح. وعلى صعيد آخر، سلط الاستبيان الضوء على المواقف والممارسات المهنية المختلفة التي عبرت عنها القوى العاملة في السعودية”. وفيما يخص العمل عن بعد خلال الأزمة، أتت المملكة العربية السعودية في مرتبة أدنى من المتوسط العالمي، حيث أفاد 30% من المشاركين في الاستبيان أنهم يعملون عن بُعد بطريقة أو أخرى، مقارنةً بنسبة 51% في جميع أنحاء العالم، ويعود السبب في انخفاض هذه النسبة إلى الحاجة إلى الاستئناف المبكر للأعمال التجارية، وأن غالبية القوى العاملة تعمل في قطاعات الخدمات والصناعة وتجارة التجزئة. بالإضافة إلى ذلك، استعرض الاستبيان نماذج العمل التي يتمناها الناس في المشهد المستقبلي، فأشار الاستبيان أن القوى العاملة بالمملكة العربية السعودية أكثر انفتاحاً إلى حد ما على فكرة استمرارية العمل عن بُعد. ونظرًا للتطور الرقمي الهائل الذي تشهده المملكة الذي يتيح إمكانية نجاح ممارسات العمل عن بُعد، أشار 38% من المشاركين إلى أنهم يفضلون العمل من المنزل بدوام كامل مقارنةً بـ 24% من القوى العاملة على المستوى العالمي. وتابع الدكتور دانيال قائلاً: “كان للوباء تأثيرًا إيجابيًا على ممارسات العمل والمهام الوظيفية عبر المملكة العربية السعودية. وقد أكد المشاركون في الاستبيان عدم مواجهتهم أي صعوبات ملحوظة فيما يتعلق بالحفاظ على رفاههم الوظيفي، للتكيف مع بيئة العمل الافتراضية، على عكس ما شهدته القوى العاملة العالمية. وبالتالي، يأمل الكثيرون في استمرارية سياسات العمل عن بعد التي شهدها العالم في الآونة الأخيرة، نظراً للنتائج الإيجابية التي تمت ملاحظتها على مستوى الأداء والإنتاجية”. كما يقدم التقرير الذي أجرته بوسطن كونسلتينج جروب بالتعاون مع بيت.كوم صورة واضحة ومفصلة حول تفضيلات العمل لدى القوى العاملة، حيث أظهرت النتائج أن القيم التي يبحث عنها الأفراد على الصعيد المهني قد شهدت تغيراً ملحوظاً إلى حد ما في السعودية منذ عام 2018. وتعتبر العلاقات الجيدة مع الزملاء، وفرص التطوير المهني، والأمن الوظيفي من أهم الأولويات القصوى لدى المهنيين في المملكة، لتحل مكان الأولويات السائدة في العام 2018 والتي تمثلت في الرغبة بالحصول على فرص تدريبية لتعلم أشياء جديدة وتطوير المهارات، وضمان الأمن الوظيفي، وتعزيز العلاقات المهنية مع الإدارة. على صعيد آخر، أصبح التقدير الوظيفي والتعويض المالي أكثر أهمية للقوى العاملة في السنوات الأخيرة، مع تراجع الرغبة في إيجاد التوازن الأمثل بين الحياة المهنية والشخصية والحصول على فرص التدريب على سلم الأولويات. في الوقت نفسه، أشار الكثير من المشاركين في الاستبيان إلى مدى أهمية قيم التنوع والشمول في مكان العمل، مقارنةً بالعام الماضي، على نحو يعكس التركيز على التنوع ومشاركة الإناث في القوى العاملة السعودية. وأكد 70% من المشاركين الشباب و75% من المشاركين إجمالاً، أن التنوع والشمول يعتبران من أهم القضايا التي تؤثر على اختياراتهم الوظيفية، متخطين المستوى العالمي البالغ 68.7% من حيث الاهتمام بهذه القيم. وعند سؤالهم عن احتمالية رفض دور وظيفي لا يتماشى مع القيم الشخصية التي يؤمنون بها فيما يتعلق بالتنوع والشمول، أتت ردود 43% من الشباب و51% من المشاركين بشكل عام إيجابية في هذا الصدد، الأمر الذي يتوافق تقريباً مع المتوسط العالمي البالغ 51.4%. وفيما يتعلق بالمسؤولية البيئية، أفاد 68% من المشاركين في الاستبيان أن القضايا ذات الصلة بالبيئة أصبحت أكثر أهمية خلال العام الماضي، تماشياً تركيز القيادة السعودية الحكيمة على قضايا الاستدامة كأولوية قصوى في رؤية المملكة 2030. وتتخطى هذه النسبة المتوسط العالمي البالغ 69.6% في هذا الصدد، بينما أفاد 53% من المشاركين برفضهم للعمل لدى الشركات التي لا تتوافق مع قيمهم في مجال الاستدامة البيئية، وهي نسبة أعلى بقليل من المتوسط العالمي البالغ 51.7%. وختم دانيال حديثه قائلاً :” تتطلع القوى العاملة في جميع أنحاء المملكة، إلى الاستفادة من المرونة التي توفرها سياسات العمل عن بعد حتى بعد انتهاء الجائحة تماماً. وما يتضح جليًا من هذه الدراسة، هي الأسباب الكامنة وراء التفضيلات المتعلقة بأساليب وبيئة العمل، والقيم المتعلقة بالتنوع والبيئة، فضلاً عن مدى تأثير كلاهما على القرارات المهنية في المستقبل. وبينما يتطلع أصحاب العمل في المستقبل بعد انتهاء الجائحة، توفر لهم هذه الأفكار مجموعة من الفرص والإمكانات لاتخاذ القرارات المناسبة بناءً على توقعات الموظفين والعوامل المحفزة لتعزيز أدائهم”.
مشاركة :