من المعالم البارزة في المسجد النبوي الشريف منبر النبي صلى الله عليه وسلم، والذي جاءت الروايات بفضله، فهو قطعة من قطع الجنة، وفي الحديث الشريف: "منبري على حوضي ومنبري على تُرعة من ترع الجنة وإن قوائم منبري هذا على رواتب من الجنة"، وفي الرواية عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إلى جنب خشبة يسند ظهره إليها، فلما كثر الناس قال: "ابنوا لي منبراً"، فبنوا له منبراً له عتبتان، فلما قام على المنبر يخطب حنت الخشبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أنس: وأنا في المسجد، فسمعت الخشبة تحن حنين الواله، فما زالت تحن حتى نزل إليها فاحتضنها فسكتت. قال ابن النجار: طول المنبر - أي ارتفاعه - ذراعان وشبر وثلاثة أصابع، وعرضه ذراع راجح، وطول صدره - أي ارتفاع مسنده - وهو مستند النبي صلى الله عليه وسلم ذراع، وطول رمانتيه اللتين كان يمسكهما بيديه الكريمتين إذا جلس، شبر وإصبعان، وروى يحيى عن ابن أبي الزناد: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس على المجلس، ويضع رجليه على الدرجة الثانية، فلما ولي أبو بكر رضي الله عنه قام على الدرجة الثانية، ووضع رجليه على الدرجة السفلى، فلما ولي عمر رضي الله عنه، قام على الدرجة السفلى ووضع رجليه على الأرض إذا قعد، فلما ولي عثمان رضي الله عنه، فعل ذلك ست سنين من خلافته، ثم علا إلى موضع النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عثمان رضي الله عنه أول من كسا المنبر قبطية "الثوب الرقيق الأبيض من ثياب مصر"، وقد تعددت درجات المنبر فيما بعد، كما تعددت صناعته، فكان يصنع أحياناً من الخشب أو من المرمر، أو من الرخام، وفي العهد السعودي الميمون اهتمت حكومة المملكة بالمنبر وشملته بالرعاية والعناية المستمرة حيث يتم طلاؤه بماء الذهب كلما دعت الحاجة إلى ذلك، ووضعت عليه ورقاً شفافاً لحمايته من اللمس حفاظاً عليه ليبقى شاهداً على دقة الفن الإسلامي وإحدى أعاجيبه الباقية.
مشاركة :