واصلت أسعار النفط الخام تراجعاتها تحت ضغوط من الزيادة غير المتوقعة في مستويات المخزونات النفطية الأمريكية، إضافة إلى عودة مستوى الإصابات شديد الارتفاع في الهند واليابان بفيروس كورونا، ما أدى إلى تجدد المخاوف من صعوبة تعافي الطلب العالمي وعودة وتيرة النمو الاقتصادي العالمي المتسارعة. ويقاوم الانخفاضات السعرية جهود تحالف "أوبك+" لضبط المعروض النفطي، حيث حققت نسبة مطابقة وامتثال لتخفيضات الإنتاج في مارس الماضي بلغت 113 في المائة، فيما يستعد وزراء الطاقة في المجموعة إلى اجتماعي افتراضي شهري جديد يوم الأربعاء المقبل لبحث أساسيات السوق وآليات تنفيذ الزيادات التدريجية بدءا من الشهر المقبل، التي ستضيف نحو مليوني برميل يوميا إلى المعروض العالمي بحلول تموز (يوليو) المقبل لتلبية احتياجات الاستهلاك المرتفع صيفا. ويقول لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون إن أنظار السوق تتوجه صوب اجتماع جديد لوزراء الطاقة في مجموعة "أوبك+" الأربعاء المقبل، الذي على الأرجح سيكتفي بتقييم وضع وأساسيات الأسواق النفطية الحالية بدلا من تعديل أهداف الإنتاج، حيث تبدو السوق تقطع خطوات جيدة نحو التوازن بعد الإعلان عن زيادات تدريجية على مدى أشهر الصيف. ونوه المختصون إلى تأكيد ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء الروسي أن المنتجين راضون عن خططهم الإنتاجية للشهور الثلاثة المقبلة، وأن الاجتماع المقبل يستهدف مراجعة المستجدات وتقييم الوضع الحالي. وأشار المختصون إلى أن التوتر المتصاعد في العلاقات الأمريكية الروسية وفرض عقوبات جديدة على موسكو في 15 نيسان (أبريل) الجاري قد يكون لها تأثيرات قوية على استقرار سوق النفط على الرغم من عدم استهداف العقوبات للقطاع النفطي لافتين إلى شعور الحكومة الروسية الآن بمزيد من الاهتمام بالعمل بشكل بناء مع السعودية لدعم أسعار النفط، خاصة في الأجل القصير ومنع حدوث انخفاض إضافي في قيمة العملة، مشيرين أن القيود الأوسع على الاستثمارات النفطية في مشروعات المنبع غير محتملة ما لم تتدهور العلاقات بشكل أكثر بين البلدين. وفي هذا الإطار، يقول الدكتور فيليب ديبيش رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة إن الأسعار ما زالت في مرحلة التقلبات المتلاحقة والشكوك المحيطة بالتعافي في ضوء تجدد الإصابات في دول محورية في منظومة الطلب العالمي، ولكن على المدى الأطول، فإن أغلب المنتجين على قناعة بتعاف تدريجي للطلب خاصة على الوقود، وهو ما دفع مجموعة "أوبك+" إلى إعلان قرارها بزيادة الإنتاج تدريجيا بأكثر من مليوني برميل من النفط الخام يوميا بين أيار (مايو) وتموز (يوليو) في ضوء توقع التعافي من تأثير الوباء. وأشار إلى أن الزيادات موجهة في الأساس إلى تلبية احتياجات الاستهلاك المحلي المرتفعة في شهور الصيف، حيث تشمل الزيادة عودة تدريجية قدرها مليون برميل يوميا من الخام السعودي، الذي خفضته طواعية في وقت سابق من هذا العام في إطار جهود أكبر منتج في "أوبك" لتحقيق التوازن في السوق. ومن جانبه، يقول مفيد ماندرا، نائب رئيس شركة "إل إم إف" النمساوية للطاقة إنه على الرغم من عدم استقرار السوق وهشاشة وضع الاقتصاد العالمي إلا أن أغلبية الأطراف المعنية بقطاع الطاقة على قناعة بأن سوق النفط العالمية تدخل بالفعل في المراحل الأولى من التعافي من الوباء. وأشار إلى أن مجموعة "أوبك+" لديها قدرات إنتاجية واحتياطية وفيرة، وفي حالة تنامي الطلب بقوة تستطيع توفير النفط الخام الضروري بسرعة وعلى المدى القريب، بينما تظل إشكالية ارتفاع تكاليف الإنتاج والصعوبات التمويلية تحد من قدرة الإنتاج الأمريكي على الاستجابة السريعة لنمو الأسعار، كما كان يحدث في فترات سابقة، خاصة عقب اندلاع ما يسمى بثورة النفط الزيتي الضيق. ويرى، ماثيو جونسون المحلل في شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات أن أسعار النفط الخام حاليا تحت تأثير ضغوط حادة بسبب الإصابات الجديدة وتضخم المخزونات، ولكن الصورة ستتبدل قريبا، حيث من المرجح أن تتحول أسعار النفط إلى الأعلى مرة أخرى بمجرد أن تتخلص السوق من نوبة التوتر المرتبطة بتسارع الإصابات أخيرا بفيروس كورونا. ونوه إلى أن عديدا من بنوك الاستثمار الدولية قدمت رؤى إيجابية لوضع السوق النفطية في النصف الثاني من العام الجاري، مشيرا إلى أن تقديرات صادرة عن وكالة "بلاتس" ترجح أن ترتفع أسعار النفط فوق 70 دولارا للبرميل في منتصف العام تقريبا، حيث تؤدي أساسيات العرض والطلب المحسنة بدءا من مايو إلى سحب كبير من فائض المخزونات النفطية حتى أغسطس المقبل. وبدورها، تقول ويني أكيللو المحللة الأمريكية في شركة "أفريكان إنجنيريج" الدولية إنه بينما تضغط دول الاستهلاك نحو زيادة الإمدادات نجد أن مجموعة "أوبك+" تلتزم الحذر الشديد وحريصة على عدم التخلي عن الامتثال لاتفاق خفض الإنتاج، الذي بلغ 113 في المائة في مارس الماضي، وهو ما يجعل أسعار النفط تستقر حول مستوياتها الراهنة حول 60 دولارا للبرميل. ونوهت إلى تقديرات صادرة عن وكالة الطاقة الدولية تؤكد أن أسعار النفط المستدامة، التي تزيد على 60 دولارا للبرميل قد تسمح لشركات النفط باحترام التعهدات، التي قطعتها في أحدث استراتيجياتها للمستثمرين للحفاظ على انضباط وكفاءة رأس المال وإعادة الأرباح إلى المستثمرين وخفض ديون الشركات، وفي الوقت نفسه زيادة استثماراتهم، مشيرة إلى أن الركود الاقتصادي قد يتسبب في عدم وصول إنتاج النفط الخام إلى مستويات الذروة في 2019. ومن ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، واصلت أسعار النفط خسائرها للجلسة الثالثة الخميس 22 نيسان (أبريل)، إذ غذت زيادة مفاجئة في مخزونات الخام الأمريكية وتصاعد جديد في الإصابات بكوفيد-19 في الهند واليابان المخاوف حيال تعافي الاقتصاد العالمي، وأن الطلب على الوقود ربما يتعثر. وبحلول الساعة 05:27 بتوقيت جرينتش، نزلت العقود الآجلة لخام برنت 20 سنتا أو ما يعادل 0.3 في المائة، إلى 65.12 دولار للبرميل، عقب أن انخفضت 1.25 دولار الأربعاء. وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 21 سنتا أو ما يعادل 0.3 في المائة، إلى 61.14 دولار للبرميل، بعد أن خسرت 1.32 دولار أمس الأول، وهبط العقدان ما يزيد على 2 في المائة، في الأربعاء، ليغلقا عند أدنى مستوياتهما منذ 13 نيسان (أبريل)، وهما منخفضان بنحو 3 في المائة، منذ بداية الأسبوع الجاري. وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أمس الأول، إن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة ارتفعت في الأسبوع المنتهي في 16 نيسان (أبريل)، إذ زادت المخزونات 594 ألف برميل يوميا مقابل توقعات المحللين في استطلاع أجرته "رويترز" لانخفاض ثلاثة ملايين برميل. ومن جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 64.02 دولار للبرميل الأربعاء مقابل 65.36 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" الخميس إن سعر السلة، التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول انخفاض عقب ارتفاع سابق وأن السلة كسبت نحو دولار واحد، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 63.39 دولار للبرميل.
مشاركة :