تراجع النشاط الصناعي في الصين خلال أيلول (سبتمبر) الماضي إلى أدنى مستوى له منذ 78 شهرا وهو ما يعزز المؤشرات على تباطؤ ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وبحسب "الألمانية"، فقد ذكر المؤشر الأولي لمديري مشتريات الشركات الصناعية الذي تصدره حاليا مجلة "كايشن" الاقتصادية الصينية تراجع المؤشر من 47.3 نقطة خلال آب (أغسطس) الماضي إلى 47 نقطة خلال الشهر الحالي، وهو ما يقل كثيرا عن مستوى 50 نقطة الذي يفصل بين النمو والانكماش. وتشير قراءة المؤشر لأقل من 50 نقطة إلى انكماش النشاط الصناعي في حين تشير قراءة المؤشر لأكثر من 50 نقطة إلى نمو النشاط. وتراجعت الأسهم في الصين وهونج كونج أمس، عقب صدور التقرير، فقد أغلق مؤشر شنغهاي المجمع منخفضا بنسبة 2.19 في المائة. وتراجع مؤشر شينزين بنسبة 1.04 في المائة، كما انخفض مؤشر تشاينا نكست بنسبة 0.04 في المائة. وفي هونج كونج، أغلق مؤشر هانج سينج متراجعا بنسبة 2.26 في المائة، وقال يي تان المحلل الاقتصادي، "إن نتائج المؤشر لشهر أيلول (سبتمبر) الجاري جاءت أسوأ من توقعات الاقتصاديين، ومن المرجح أنه سيتم ربطها بفائض قدرة الإنتاج الذي نجم عن تراجع الأسعار وانخفاض طلبات التصدير". وأضاف أن "مشاريع البنية التحتية المستقبلية ربما تدعم نشاط المصانع، ولكن الإصلاحات الهيكلية، ستكون طويلة ومؤلمة، بالنسبة إلى قطاع الصناعة". وأشار هي فان كبير المحللين الاقتصاديين في مؤسسة "كايشن إنسايت جروب" إلى أنه بشكل عام تعتبر أسس الاقتصاد الصيني جيدة، وربما يحتاج الأمر إلى قدر من الصبر على السياسات الرامية إلى تعزيز الاستقرار حتى تظهر فاعليتها. يشار إلى أن هذا المؤشر كان يصدر في السابق برعاية مجموعة "إتش.إس.بي.سي" المصرفية البريطانية، قبل أن تنتقل رعايته الآن إلى مجموعة "كايشن" للنشر المالي والاقتصادي. ويستهدف المؤشر الأولي تقديم تقديرات دقيقة لبيانات المؤشر النهائي حيث يعتمد على رصد ردود 85 في المائة من مديري المشتريات الذين يشملهم التقرير. ويتزامن الإعلان عن تلك البيانات مع وصول الرئيس الصيني شي جين بينج إلي سياتل في مستهل زيارة للولايات المتحدة تستمر أسبوعا تتضمن لقاءات مع زعماء قطاع الأعمال الأمريكي ومأدبة عشاء رسمية في البيت الأبيض يقيمها الرئيس باراك أوباما وإلقاء كلمة في الأمم المتحدة. وحطت طائرة بوينج 747 تابعة لشركة طيران إير تشاينا تقل شي وزوجته في مطار باين فيلد الملاصق لمصنع ضخم لبوينج يقوم بتجميع أضخم طائراتها على مبعدة نحو 40 كيلومترا شمالي سياتل، وكان في استقبالهما جاي انسلي حاكم ولاية واشنطن. وفي اليوم الأول للزيارة أعلنت مجموعة من الشركات الصينية توقيع اتفاق لشراء 300 طائرة من بوينج الأمريكية إضافة إلى إقامة أول مصنع لها في بكين، وتعد هذه التعاقدات واحدة من أكبر الصفقات التي تبرم في قطاع الصناعات الجوية في السنوات الأخيرة. ووقعت بوينج "اتفاق تعاون" لفتح مركز للأعمال النهائية (أو التشطيب) لطائرات الرحلات المتوسطة بي 737 في الصين. وذكرت صحيفة المال شنغهاي جينجكوان باو، أن المجموعة الأمريكية تنوي إقامة المصنع في زوشان في إقليم جيجيانج الشرقي، حسب مشروع عرض على الحكومة الصينية، وسيشكل هذا المصنع منعطفا استراتيجيا للمجموعة في السوق الصينية المهمة. وكان الرئيس الصيني قام أمس بجولة في مصنع بوينج للطائرات العريضة البدن ومقر شركة مايكروسوفت القريب، والتقي المستثمر الشهير وارن بافيت وتيم كوك الرئيس التنفيذي لشركة أبل وجيف بيزوس رئيس أمازون دوت كوم بين 30 من زعماء قطاع الأعمال الأمريكيين والصينيين في مناقشة حول طاولة مستديرة. وتسعى شركات التكنولوجيا الأمريكية إلى توسيع فرصها في السوق الاستهلاكية الصينية، وفي تعليقات نشرت في صحيفة وول ستريت جورنال قبل وصوله قال شي "إن الحكومة الصينية لا تتورط في سرقة أسرار تجارية ولا تدعم شركات تفعل ذلك". وأضاف شي أيضا أن "اقتصاد بلاده يواجه مخاطر نزولية"، لكنه ما زال يعمل في نطاق مناسب، مضيفا أن "إصلاح سعر الصرف سيستمر وأن الحديث عن خفض متواصل لقيمة اليوان لا أساس له". إلى ذلك، أعلن المدعي العام الصيني توسيع الحملة التي تشنها البلاد على الأنشطة الإجرامية في أسواق الأسهم والأوراق المالية بعد سلسلة من القضايا الكبرى التي تورطت فيها إحدى الجهات المسؤولة عن تنظيم السوق في البلاد وشركات أوراق مالية. وقال المدعي العام في مؤتمر صحفي في بكين "إنه سيعزز التنسيق مع منظمي السوق في إطار جهود وقف هذه الأنشطة ومن بينها المضاربة من الداخل وترويج معلومات كاذبة". وبدأت السلطات في حزيران (يونيو) تكثيف التحقيقات حول المشاركين في عمليات السوق عندما أدت تقلبات شديدة إلى هبوط سوق الأسهم بما يصل إلى 40 في المائة وخضع مستثمرون ومديرو صناديق ومسؤولون في جهات رقابية للتحقيقات في إطار الحملة. وأوضحت لجنة تنظيم عمل الأوراق المالية في الصين في 18 أيلول (سبتمبر) أنها بدأت أخيرا التحقيق في 19 قضية تتعلق بالاشتباه في عمليات بيع غير قانونية للأسهم وأنشطة مضاربة. وتحقق السلطات في ذات الوقت مع مسؤولين تنفيذيين في شركة سيتيك للأوراق المالية أكبر شركة سمسرة في البلاد ومن بينهم المدير العام للشركة بشأن اتهامات بارتكاب مخالفات تشمل المضاربة من الداخل وتسريب معلومات. وطالت الحملة أيضا لجنة تنظيم عمل الأوراق المالية حيث ذكرت وسائل الإعلام الحكومية أمس الأول أن الحزب الحاكم أقال جانج يو جون مساعد رئيس اللجنة بعد أيام من الإعلان عن التحقيق معه في قضية كسب غير مشروع. وبدأت الحملة التي تهدف إلى تحديد هوية من يعتبرون مسؤولين عن موجة البيع الحادة في سوق الأوراق المالية ومعاقبتهم بعد وقت قليل من الاضطراب الذي حدث في حزيران (يونيو) إلا أن معظم المحللين يعزون الانهيار المفاجئ الذي حدث في الصيف إلى تلاشي فقاعة زائفة في سوق الأسهم سببتها وسائل الإعلام الرسمية وعززها المال المقترض.
مشاركة :