اليخو كاربنتييه: الروائي الذي اخترع الواقعية السحرية

  • 9/24/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

يقال لا يمكن فهم "الثورة الصناعية" في بريطانيا وأوربا وأثرها على الناس هناك دون قراءة روايات الروائي الإنجليزي "تشارلز ديكنز" ولا يمكن فهم "الثورة الفرنسية" وأثرها على الفرد والمجتمع هناك - حتى بالنسبة للمطلعين على تاريخ الثورة الفرنسية سياسيا- دون قراءة روايات الفرنسي "فيكتور هوغو". هكذا يمكن أن نقول أيضا عن أدباء "الواقعية السحرية" في أمريكا اللاتينية، إذ لا يمكن أيضاً فهم تاريخ تلك الشعوب وأثر الاستعمار عليها ونضالها وتضحيتها من أجل الاستقلال سوى بقراءة أدباء تلك المنطقة، الذين من أهمهم الكوبي "أليخو كاربنتييه". لقد كان إيمان كاربنتييه بالرواية عميقا لتوثيق تاريخ شعوب تلك المنطقة، فسجل في روايته التاريخية "مملكة هذا العالم" وقائع ما يسمى "ثورة العبيد" في "هايتي" أواخر القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر، فسجل بذلك جزءاً هاماً من تاريخ تلك المنطقة وواحدة من أهم الثورات العالم. حتى أن كبار أدباء أمريكا اللاتينية ينسبون لهذا الكوبي الفضل في ولادة أدب الواقعية السحرية في بلدانهم متأثراً بذلك في السيرياليين الذين اتصل بهم في باريس على إثر نفيه من كوبا إبان الديكتاتورية قبل أن يعود إليها مجددا بعد نجاح الثورة الكوبية، فشق بذلك طريقاً إبداعياً مهماً لمن جاء بعده من مبدعي أمريكا اللاتينية. تصف هذا الروائية التشيلية إيزابيل الليندي قائلة: "الأدب الأمريكي اللاتيني إلى ظهور اليخو كاربنتييه كان تقليداً للأدب الأوروبي: الإقليمية، وصور من الأدب (عبر الحياة اليومية المحلية)، كنا نقلد الأسبان، واليخو كاربنتييه الذي كان على علاقة بالسرياليين في باريس، يبدأ يفكر ويقول: "ماذا يفعل أصدقائي هنا؟، أصدقائي السرياليون يضعون عنصرين أو ثلاثة عناصر مألوفة في موقف غير عادي فينتجون حدثاً يسمى "السريالية!" ". المثال التقليدي للسريالية هو طاولة التشريح والمظلة وماكينة الخياطة. وأدرك اليخو كاربنتييه أنه لم يكن عليه وضع أي شيء مع شيء آخر في كوبا، لأنه كان بالفعل في مكان: في كوبا، والحمار كان يجلس على قمة البيانو، البيانو البيضاء، والرجل الأسود يعزف. لذلك كاربنتييه هو أول من يرخي ياقته ويقول: "سنحكيها كما هي، اللعنة!". ويحكيها، ويحكيها بمثل هذه المفردات وبمثل هذه الحرية وبعمل استثنائي!". ثم تضيف الليندي مؤكدة على أن "كاربتييه" هو أول من توصل إلى "الواقعية السحرية" في أمريكا اللاتينية ثم تلاه آخرون ساهموا في انتشارها وشعبيتها مثل الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز: "أود أن أقول إن الواقعية السحرية بدأت مع الغزاة الذين أتوا إلى أمريكا اللاتينية وكتبوا تلك الرسائل إلى الملك أو إلى أسبانيا يتحدثون فيها عن القارة التي بها ينابيع من الشباب القادرين على استخراج الذهب والألماس من الأرض. هؤلاء الناس الذين لديهم جينات وأقدام كبيرة جدا يمكن أن تستخدم وقت القيلولة كمظلة يستظل بها.أعني، هذا ليس من ابتداعي، بل هذا ما جاء في رسائل الغزاة. لذلك تم إبداع هذا الواقع في أمريكا اللاتينية وأسبانيا معاً. كان الكاتب الكوبي العظيم ( كاربنتييه) هو أول من توصل إلى جمع كلمات هذا المصطلح معا أول مرة. ثم أتى ماركيز ووسع شعبيته". كما وأن كاربنتتيه يقصد نفسه في هذا المقطع من روايته "مملكة هذا العالم" بأنه يعمل ويتعذب من أجل الأجيال القادمة من بعده فيقول: "الإنسان لا يعرف أبداً لمن يتعذب أو يأمل. إنه يتعذب ويأمل ويعمل من أجل أناس لن يعرفهم أبداً، وبدورهم سوف يتعذبون ويأملون ويعملون من أجل آخرين لن يكونوا سعداء أيضاً، ذلك أن الإنسان يسعى دائما وراء سعادة توجد أبعد مما هو معطى له بالقسمة. لكن عظمة الإنسان تتمثل تحديدا في محاولة تحسين العالم، وإلزام نفسه بمهمات"، ويؤكد كاربنتييه: "إن الإنسان الذي يسحقه الألم والمهام الشاقة، الإنسان الجميل في بؤسه، الإنسان القادر على الحب وسط المصائب، لا يستطيع أن يجد عظمته، وأعلى قيمة له إلا في مملكة هذا العالم".

مشاركة :