وجهت المفوضية الأوروبية انتقادا إلى 19 دولة عضوا في الاتحاد الأوروبي، بينها فرنسا وألمانيا، لعدم احترامها حق اللجوء، وذلك في بيان صدر أمس. وقال المسؤول الثاني في المفوضية، فرانز تيمرمانز، قبيل قمة طارئة للقادة الأوروبيين في بروكسل حول أزمة المهاجرين: «آن الأوان لتقوم الدول الأعضاء بما ينبغي القيام به». وفي سياق متصل، عقد القادة الأوروبيون، أمس، قمة طارئة في بروكسل لمناقشة زيادة المساعدات للاجئين وتشديد الضوابط على الحدود لمواجهة أزمة المهاجرين، إلا أن الانقسام المتزايد بين دول شرق وغرب أوروبا حول الاتفاق لتقاسم 120 ألف لاجئ يرخي بظلاله. وقبل ساعات من الاجتماع، رفض رئيس الوزراء المجري ما وصفه بـ«إمبريالية أنجيلا ميركل الأخلاقية»، في أسوأ أزمة مهاجرين تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، فيما قالت سلوفاكيا إنها ستطعن على اتفاق حصص اللاجئين أمام المحكمة. وأقرت أغلبية واسعة من وزراء الداخلية، أول من أمس، «إعادة إسكان» 120 ألف لاجئ، لكن بعد مناقشات استمرت ثلاث ساعات أصرت في نهايتها المجر ورومانيا والجمهورية التشيكية وسلوفاكيا على رفضها القاطع للاقتراح. وكانت دول عدة، بينها فرنسا، تفضل عدم إجراء تصويت وتميل إلى الإجماع. وقد نجحت هذه البلدان في إقناع بولندا، لكن جهودها لم تُجدِ في مواجهة أربع دول ترفض مبدأ الحصص ملزمة. ووسط إعلان كرواتيا استقبالها عددا قياسيا من المهاجرين، وشعور الدول في المنطقة بالضغوط بسبب اللاجئين الآتين من مناطق النزاع، مثل سوريا وأفغانستان، بدا زعماء الاتحاد الأوروبي منقسمين أكثر من أي وقت مضى. وصوتت المجر وجمهورية تشيكيا ورومانيا وسلوفاكيا ضد خطة توزيع اللاجئين، وقالت إن الاتحاد الأوروبي ليس له حق في التعدي على السيادة الوطنية للدول وإجبارها على قبول مهاجرين من الدول التي وصلت منها أعداد كبيرة. وردا على سؤال حول ما يتوقعه من ميركل، قال الزعيم المجري المتشدد، فيكتور أوروبان، إن «أهم شيء هو عدم وجود إمبريالية أخلاقية». ويمثل اللاجئون الـ120 ألفا، جزءا فقط من اللاجئين الذين وصلوا إلى الشواطئ الأوروبية، وعددهم نحو نصف مليون لاجئ. كما أنهم جزء من نحو أربعة ملايين سوري ينتشرون في الدول المجاورة لسوريا. من جانبه، طالب رئيس الاتحاد الأوروبي، دونالد توسك، الزعماء الأوروبيين بمعالجة قضايا أساسية، من بينها تشديد الضوابط على حدود الاتحاد الخارجية وسط تهديدات لمستقبل منطقة «شينغن» (الفضاء الحر). ويتوقع أن تتعرض اليونان إلى ضغوط لقبول مساعدة الاتحاد الأوروبي في ضبط حدودها، حيث إنها البلد الذي يلجأ إليه معظم الفارين من بلادهم عبر مياه المتوسط. كما سيضغط توسك، رئيس الوزراء البولندي السابق، على زعماء الاتحاد الأوروبي لكي يقدموا مزيدا من المساعدات للدول غير الأوروبية المتضررة من تدفق اللاجئين؛ وهي تركيا والأردن ولبنان، إضافة إلى برنامج الأغذية العالمي. وبهذا الصدد، تعهّدت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الذي يضم 28 بلدا، أمس، بتخصيص مبلغ 1 مليار يورو إضافي مساعدات. واقترح أوروبان تخصيص ثلاثة مليارات يورو للتعامل مع الأزمة، إلا أنه لم يتضح ما إذا كان الزعماء سيناقشون ذلك. ومع ازدياد التوتر، رفض المفوض الأوروبي للهجرة، ديمتريس أفراموبولوس، أي تلميح إلى أن ضرر الفشل في التوصل إلى توافق حول خطة توزيع اللاجئين كان أكبر من فائدته. وقال: «بالعكس، هذا نصر للاتحاد الأوروبي ولجميع الدول الأعضاء». إلا أن رئيس الوزراء السلوفاكي، روبرت فيكو، انتقد في براتيسلافا «إملاءات» الاتحاد الأوروبي التي تجبر بلاده على قبول 800 لاجئ بموجب الخطة، وأكد أنه يفضل «مخالفة القواعد الأوروبية» على قبول الحصص. وأضاف: «سلوفاكيا لن تلتزم بالحصص الإجبارية. سنرفع قضية في محكمة لوكسمبورغ»، بحسب ما نقل عنه موقع «إس إم اي» السلوفاكي. واتضح حجم الأزمة في كرواتيا، التي دخلها نحو تسعة آلاف مهاجر يوم الثلاثاء الماضي وحده، وهو رقم قياسي يسجل لأول مرة في يوم واحد منذ بدأ المهاجرون الوصول إلى هذا البلد بعد أن أغلقت المجر حدودها في وجوههم. من جانبه، علّق تلفزيون «إتش ارتي» الحكومي بأن أعدادا كبيرة من المهاجرين تدفقت ليلا باتجاه مركز اللاجئين الذي افتتح مؤخرا في قرية «أوبتافاتش» شرق أوكرانيا، قبل أن يتم نقلهم بالحافلات إلى المجر. ودخل أكثر من 44 ألف مهاجر إلى كرواتيا من صربيا، الدولة غير العضو في الاتحاد الأوروبي، خلال الأسبوع الماضي، بحسب الإحصاءات. من جهتها، اعتبرت منظمة «كاريتاس»، وهي منظمة إنسانية غير حكومية، أن الأزمة الحقيقية في أوروبا لا تكمن في تدفق اللاجئين، بل في مفهوم التضامن بين الدول. ودعت «كاريتاس»، في بيان صدر عنها أمس، رؤساء حكومات وزعماء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى الإقرار بهذه الحقيقة، وذلك غداة محادثات جرت في هذا الصدد مساء الثلاثاء الماضي بين بريطانيا وفرنسا. ويتبين من خلال الخلافات الأخيرة بين بلدان الاتحاد الأوروبي وجود فجوة بين الدول القديمة في الاتحاد والدول الحديثة من وسط وشرق أوروبا. واعترفت الرئاسة اللوكسمبورغية على لسان وزير خارجيتها، جان اسيلبورن، بوجود مشكلة عندما قال إن هناك مشكلة في المفاهيم موجودة لدى تلك الدول و«يجب العمل على تغيير العقليات»، على حد قوله. وفي واشنطن، دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما، أول من أمس، خلال مكالمة هاتفية مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كل دول الاتحاد الأوروبي إلى استضافة «حصتها العادلة» من اللاجئين لمعالجة أزمة تدفق اللاجئين السوريين على أوروبا. وقال البيت الأبيض في بيان إن أوباما وميركل «اتفقا على ضرورة أن يكون هناك حل على المستوى الأوروبي تقبل فيه كل الدول الأعضاء بحصتها العادلة من اللاجئين». ومع اضطرار ملايين السوريين إلى العيش في مخيمات في عدد من دول الشرق الأوسط، يعبر عشرات الآلاف منهم أوروبا سيرا بينما لم يحالف الحظ مئات منهم غرقوا أثناء محاولتهم العبور بحرا. ووعدت الولايات المتحدة باستقبال خمسة عشر ألف لاجئ العام المقبل. إلا أن هذا العدد يبقى ضئيلا مقارنة مع المليون لاجئ سوري الذين تتوقع ألمانيا استقبالهم هذا العام فقط.
مشاركة :