لماذا تضطر الشركات لإعلان إفلاسها، ولماذا يعتبر هذا الخيار هو الخيار الأخير من أجل إنقاذ الشركة وإبقائها على قيد الحياة ؟.. فكما هو معمول به حالياً ووفقاً للممارسات العالمية، تعمل معظم الشركات في العصر الحديث بعدة أضعاف رأسمالها المدفوع، ولذا تجد أن إجمالي موجودات الشركة قد تكون أحياناً عشرة أضعاف أو عشرين ضعف رأسمالها أو (قاعدة رأس المال)، ويرتفع هذا المضاعف في القطاع المالي عامة أكثر من غيره من القطاعات. وترتفع الموجودات للشركة نتيجة ارتفاع المطلوبات، والتي تأتي من عدة مصادر وتوظف في استثمارات وأصول يفترض أن تدر عائداً على الشركة. ومصادر المطلوبات هي قاعدة رأس المال، وتشمل ( رأس المال المدفوع والأرباح المحتجزة أو المدورة والاحتياطيات الإلزامية والاختيارية)، والقروض والتسهيلات المصرفية، والسندات أو الصكوك الصادرة عن الشركة، والودائع و الديون المطلوبة من الشركة غير المسددة، سواء كانت نقداً، أو بصيغة مواد خام أو أدوات إنتاج أو غيره، وهذه المطلوبات يتم استثمارها في الأصول التابعة للشركة، أو التي تديرها الشركة، وقد تكون أصولاً تابعة مباشرة للشركة، أو استثمارات في شركات أخرى مملوكة لها كلياً أو جزئياً. وغالباً تكون المطلوبات المكونة من الديون بكافة أشكالها مقدمة للشركة مقابل ضمانات، وخاصة الرهون على الملكيات المنقولة أو غير المنقولة. الأزمات الاقتصادية ونتيجة للأزمات الاقتصادية والظروف الطارئة أو الظروف غير الطبيعية، تصبح كمية وقيمة السيولة الداخلة أقل من السيولة المطلوب تسديدها، وتواجه الشركة حالة من التعثر. وقد تكون هذه الحالة مؤقتة، فتستطيع الشركة إدارة الأزمة من خلال تسديد جزء من الديون وإعادة جدولة ديون أخرى مستحقة، أو إصدار جديد من السندات أو الصكوك، ولو بسعر فائدة أو تكلفة أعلى، أو اللجوء إلى مزيد من الاقتراض وهكذا. ولكن عندما تصبح حالة التعثر مستعصية على الحلول، أي تمتد إلي فترة زمنية طويلة نسبياً، وتفقد الشركة إمكانية الاقتراض من جديد، أو إصدار السندات أو اللجوء إلى أسواق رأس المال، وتبدأ بمواجهة الاستحقاقات وأولها الحجز على موجودات الشركة، ما يؤدي إلى توقفها وتعطيل الإنتاج، وفقدان أي إمكانية لإنقاذها، عندها تلجأ الشركة لإعلان إفلاسها. إعلان الإفلاس ربما لا تدل التسمية على المعنى الحقيقي للقانون، إذ إن إعلان الإفلاس يعني طلب الشركة الحماية من الدائنين بقوة القانون. ومجرد قبول الجهات المسؤولة بإعلان الإفلاس، يعني أن أياً من الدائنين لن يستطيع استخدام الرهون والحقوق الموجودة لديه من أجل الحجز على موجودات الشركة، وإنما عليه الدخول في تفاوض مع إدارة الشركة والجهة الحكومية المشرفة على تنفيذ عملية الإفلاس، لإعادة جدولة ديونه لفترات زمنية طويلة نسبياً، تسمح للشركة بالاستمرار بالعمل، وتسديد التزاماتها تدريجياً حتى تتمكن من تسديد كامل الالتزامات والعودة للعمل الطبيعي. لكن القانون حدد شروطاً كثيرة لقبول طلب الشركات إعلان إفلاسها، وأهمها التأكد من أن الشركة لا تسعى من وراء ذلك للتهرب من التزاماتها، وأنه لا يوجد شبهات فساد أو غيره في إدارة الشركة المعنية. باختصار هو قانون يهدف لتحقيق التوازن بين حماية الشركات، وتأمين قدرتها على الاستمرارية والعمل من جهة، ويضمن حقوق الدائنين من جهة أخرى، وبذلك يكون هذا القانون قدم خدمة كبيرة للاقتصاد الوطني والمصلحة العامة قبل كل شيء.
مشاركة :