تحقيق إخباري: الحصول على مياه صالحة للشرب يزيد من الأعباء المالية على سكان غزة

  • 4/27/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تشتكي الأربعينية بثينة أبو غبن من سكان مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة، من تضاعف مصاريفها اليومية للحصول على مياه صالحة للشرب والاستخدام اليومي خاصة في شهر رمضان المبارك. وتقول بثينة (44 عاما) بينما تقف على باب منزلها القديم لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن شهر رمضان يمتاز بطقوس خاصة من تحضير الشراب والطعام، ما يزيد من استهلاك المياه بشكل يومي. وتشتري السيدة المياه من أحد موزعي المياه العذبة (المفلترة والمعاد تحليتها) ما يقارب 500 لتر أسبوعيا، بحوالي 30 شيقلا (الدولار يساوي 3.40 شيقل). وتشير الأم لـ 7 أفراد، إلى أن المصاريف تمثل "عبئا حقيقيا على أسرتها التي تعتمد على راتب شهري قرابة 250 دولارا، يذهب 20 في المائة منه كمصروف للمياه والكهرباء". وبموازاة ذلك تعتمد بثينة على مياه "الصنبور" في بقية الأعمال المنزلية اليومية مثل الاستحمام وغسل الملابس والأواني وتنظيف البيت، لكنها تشكو من وصولها ثلاثة أيام أسبوعيا ما يدفعها لتخزينها في أوان كبيرة. ولا تتوقف أزمة بثينة عند ذلك بل تشكو أيضا من ملوحة المياه وتسببها بأمراض جلدية وتلف الشعر لأفراد عائلتها، بالإضافة إلى تلف الأواني المعدنية التي يأكلها الصدأ. وتشير إلى أنها حال أقدمت على شراء المياه المحلاة لأعمال المنزل فهي بحاجة إلى "راتب مضاعف يتم صرفه على المياه فقط"، مما يعني "موتنا جوعا" على حد تعبيرها. ويبدو الأمر مماثلا لمئات الأسر التي تعيش تحت خط الفقر في القطاع الذي يقطنه زهاء مليوني نسمة ويعاني من أوضاع اقتصادية صعبة جراء الحصار الإسرائيلي المفروض منذ 14 عاما. كما تلجأ عائلات أخرى غير مقتدرة على شراء المياه للاعتماد على "مياه السبيل" التي يتم افتتاحها من قبل هيئات خيرية لتزويد بعض المناطق الفقيرة بالمياه المحلاة. وعلى مقربة من إحدى النقاط التي افتتحت قبالة أحد المساجد في نفس المخيم، تجمع عشرات الأطفال والفتيان لتعبئة جالونات وأوان كبيرة بالمياه بينهم أمجد المشهراوي (16 عاما) الذي يأتي منذ ساعات الصباح يوميا لأخذ حاجة عائلته. ويقول بينما انتهى للتو من تعبئة الجالونات معه لـ ((شينخوا))، إن "هذه مياه سبيل يسمح لنا باستخدامها والتعبئة مجانا، لأننا فقراء لا نملك المال كي نشتري المياه المحلاة". ويضيف الفتى، أن عائلته تستخدم المياه " للشراب والطعام والاحتياجات"، مبديا حزنه لأن مياه البلدية تصل الى منزلهم ثلاثة أيام أسبوعيا و"لا تصلح للاستعمال كونها مالحة". وتتهم سلطة المياه في قطاع غزة التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسرائيل بمسؤوليتها عن تفاقم أزمة المياه في القطاع وذلك بعد فرضها حصارا مشددا عليه في عام 2007، مشيرة إلى أنها منعت المواد والأجهزة الخاصة بتطوير المياه. وبحسب مسؤولين في سلطة المياه، فإن حوالي 97 في المائة من المياه الجوفية ملوثة بسبب توقف غالبية المشاريع التطويرية لاستخدامها، إضافة إلى تسرب مياه البحر إليها بفعل إنتاج مياه من الخزان الجوفي بطاقة أكبر من المفترضة. وفي محاولة لتوفير المياه الصالحة للشرب لسكان القطاع، تم إنشاء محطات تحلية تابعة للبلديات بالإضافة لإنشاء العشرات من محطات التحلية الخاصة والتي عادة يتم من خلالها بيع المياه للناس. ويوجد في القطاع قرابة 220 محطة تحلية خاصة، 70 في المائة منها غير مرخصة وغير مراقبة وتقدم منتجا دون المستوى المطلوب من الجودة، بحسب ما يقول الخبير في مجال البيئة أحمد حلس لـ ((شينخوا)). وذكر حلس، أن أكثر من مليوني إنسان "محاصرون بين خيارين أحلاهما مر، الأول استعمال مياه غير صالحة للاستعمال الآدمي، والثاني استعمال مياه محلاة منزوعة الأملاح المهمة للإنسان وخاصة الأطفال". وأرجع الخبير، السبب في الأزمة إلى الإجراءات الإسرائيلية ضد قطاع المياه من بينها تعمد استهداف آبار المياه والخزانات الكبيرة ومحطات المعالجة خلال التوترات العسكرية مع الفصائل الفلسطينية في غزة ومنع إدخال آلاف السلع بدواع أمنية. وتقام في غزة ثلاثة مصانع كبيرة تعمل على تصنيع المياه المحلاة وتعبئتها في عبوات بلاستيكية للبيع، فيما يجرى بيع المياه من محطات التحلية للتجار الصغار على عربات صغيرة من أجل توريدها للمنازل. وتعد محطة ياسين لتحلية المياه، إحدى المحطات المركزية بالقطاع التي تعمل على الطاقة الشمسية، حيث أنها تنتج ما يقارب 800 -900 كوب من المياه يوميا تمر بعد مراحل منها إزالة الشوائب وإضافة الكيماويات ومن ثم فلترتها ولاحقا إضافة المعقمات وصولا للمنتج النهائي مياه "صالحة للشرب". ويقول عدي الدنف المشرف على عملية التحلية في الشركة لـ ((شينخوا))، إن محطات التحلية ساعدت في توفير مياه الشرب للناس في ظل عدم توفرها منذ سنوات طويلة. ويشير الدنف إلى أن المحطات حلت أزمة مياه ولكن لم تتمكن من حل أزمة المياه القابلة للاستعمال اليومي.

مشاركة :