ياااه.. إلى هذه الدرجة أنتم مستغربون مما قاله وليد السناني في حواره التلفزيوني مع الزميل داود الشريان؟!، وإلى هذه الدرجة أنتم مصدومون من وجود رجل يرفض أن يرسل أولاده للمدارس ويحرم بطاقات الهوية ويناهض كل الأفكار التي يمكن أن تأتي تحت عنوان (الوطنية) أو (الإنسانية)؟!!، اسمحوا لي يا أهلي وعشيرتي وتاج رأسي أن أقول بأنني مستغرب من استغرابكم، ومصدوم من صدمتكم، فالسناني لم يهبط علينا من كوكب بعيد بل هو منا وفينا، ونحن نشاهده يوميا بيننا بطريقة أو بأخرى!. مناهج التعليم التي صرفت الدولة أموالا طائلة لتطويرها كي تكون جديرة بإعداد أجيال قادرة على مواجهة تحديات العصر لازالت بيئة تعد بصناعة شخصيات مثل وليد السناني الذي درس في كل مراحلها (ما قبل التطوير) وشحن بكل أجواء التحريم المخبأة في ثناياها حتى وصل به الأمر إلى أن يحرم هذه المناهج نفسها!، من قال إننا تجاوزنا هذه المرحلة بعد التطوير الأخير للمناهج؟، صدقوني لم يتغير شيء فانتفاضة التطوير التي بدأت بالاستعانة بشركات عالمية متخصصة في المناهج انتهت بتكليف الدكتور يوسف الأحمد كي يكون أحد مؤلفي هذه المناهج!، والدكتور يوسف الأحمد يرى أن وليد السناني (أسطورة) حيث أطلق عليه هذا اللقب تعليقا على حواره التلفزيوني مع الشريان، وهذا يعني أنكم موعودون خلال السنوات القادمة بالعديد من الأساطير المماثلة فلا تستغربوا يرحمكم الله!. وعموما الحصار الفكري والنفسي لا ينتهي عند أبواب المدرسة، فحتى حين يخرج التلميذ من المدرسة كي يتنفس شيئا من الأوكسجين الحلال يجد نفسه داخل أسوار مدرسة كبيرة تعلمه أن كل نشاط إنساني طبيعي إما محرم أو غير مقبول أو موضع خلاف!، حيث لا يعني السكوت على بعض النشاطات الإنسانية العادية أنها مباحة عند أصحاب هذا الاتجاه، فحتى مشاهدة مباريات كرة القدم العالمية محرم عند البعض ومنهم الدكتور يوسف الأحمد الذي يرى أن السناني أسطورة والذي شارك في تأليف المناهج المطورة.. ألم أقل لكم إن السناني منا وفينا؟، فلم الاستغراب؟.. ما غريب إلا الشيطان!. و سر تحريم كرة القدم أنها وسيلة اتصال سلمية بين البشر على اختلاف دياناتهم وأعراقهم فهي ــ حسب مفهومهم ــ يمكن أن تجعل الطفل المسلم يعجب بلاعب كافر ويحبه وهذا يناقض مفهوم (البغض).. فعن أي حوار مع الآخر تتحدثون؟، إذا كان فينا «السناني وأمثاله» ولأي شيء تستغربون؟، ليس مشاهدة كرة القدم وحدها المرفوضة بل حتى قراءة الكتب شبه محرمة عند هؤلاء ومعرض الرياض للكتاب خير شاهد على صولات وجولات كتائب المحتسبين الذين يرفضون الكتب لأنها فضاء الأفكار وهم يريدون فكرة واحدة لا يعرفون غيرها ولا يريدون لأحد أن يعرف غيرها، حتى الإرث التاريخي و التراث الشعبي مرفوض وحملات الاحتساب على الجنادرية وسوق عكاظ معلومة، ولعل سر محاربة التراث يكمن في قدرته على كشف حقيقة أن هذه الفكرة الواحدة المظلمة هي طارئة، فنحن لم نكن هذا فيما مضى من الزمان!، ومثلما يحاربون التراث يحاربون المستقبل فحتى برنامج الابتعاث الذي يشكل نقلة في حياتنا مرفوض بالنسبة لهؤلاء لأنه يمكن الطلبة الدارسين في الخارج من التواصل مع العالم المتقدم الذي يحترم تعدد الأفكار كيف تطور؟ وكيف أبدع؟، وهذا يهدد مفهوم (البغض) ويربك الفكرة الواحدة المظلمة التي لا يجرؤ الكثيرون على صدها علناً!. طبعا أنا أتحدث عن موقف هذا الاتجاه الفكري المتشدد من التعليم وبطاقات الهوية وكرة القدم والكتب ومهرجانات الابتعاث أو إقامة علاقات مع الدول الأجنبية، متجاوزا الحديث عن موقفهم الرافض للتعايش بين أبناء الوطن على اختلاف انتماءاتهم المذهبية والفكرية أو موقفهم من عمل المرأة أو رفضهم الدائم للمخترعات الحديثة وهو الرفض الذي ينتهي دائما بتحولهم إلى أكبر المستخدمين لها من أجل ممارسة هواية الإنكار!.. نعم أتجاوز هذه الأسس الهامة في بناء الأوطان لأنها للأسف (مختلف عليها!!)، و بالتأكيد سوف أتجنب الحديث عن موقف أصحاب هذا الاتجاه من الفنون الإنسانية العظيمة التي من شأنها تحرير العقل المحاصر من أوهام الفكرة الواحدة مثل المسرح والموسيقى والرسم والسينما لأن قسما لابأس به منكم أعزائي القراء سوف يتهمني حينها بالعلمانية والليبرالية والتغريب وربما الزندقة، ألم أقل لكم إن السناني منا وفينا؟!، فكل التهم ــ بما في ذلك الالحاد ــ جاهزة ومتاحة ما دامت الفكرة الواحدة التي تدور في رأس رجل واحد تحاصر ملايين العقول، فلم أنتم مستغربون من أفكار هذا الرجل؟، إنه مجرد (أسطورة) واحدة ظهرت على شاشة التلفزيون.. وما خفي كان أعظم!. klfhrbe@gmail.com للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ،636250 موبايلي، 738303 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة
مشاركة :