دعا المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران إلى وقف هجومها المتواصل على مأرب، بالتزامن مع استمرار المعارك الأعنف التي توشك أن تدخل شهرها الرابع غرب المحافظة النفطية. وفي حين أكد الجيش اليمني مقتل العشرات من عناصر الميليشيات خلال اليومين الأخيرين، ذكرت المصادر الرسمية، أن الرئيس عبد ربه منصور هادي تابع سير المعارك ضد الميليشيات الحوثية هاتفياً مع المحافظ سلطان العرادة. تصريحات المبعوث الأممي إلى اليمن حملها بيان جاء عقب انتهائه من زيارة إلى مصر استغرقت يومين التقى خلالها وزير الخارجية المصري سامح شكري والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وعدداً من ممثّلي الأحزاب السياسية اليمنية وشيوخ القبائل والنساء والمجتمع المدني والصحافيين، إضافة إلى لقاء عن بعد مع رئيس مجلس النواب اليمني سلطان البركاني. وبحسب البيان الذي نشره الموقع الرسمي لمكتب المبعوث الأممي، أطلع غريفيث وزير الخارجية المصري والأمين العام للجامعة العربية على الجهود القائمة من أجل التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في اليمن وتحسين الوضع الإنساني وإحياء عملية سياسية شاملة لحل النزاع. وشدّد على أهمية الدعم الإقليمي والدولي لإعادة اليمن إلى مسار السلام. وفي لقائه مع رئيس مجلس النواب اليمني، تحدث المبعوث الخاص عن اللقاءات التي أجراها أخيراً، مؤكداً الضرورة الملحة لأن يتوصّل الطرفان إلى اتفاق على وقف إطلاق النار وإجراءات لبناء الثقة. وفي سلسلة الاجتماعات التي عقدها غريفيث مع ممثلين وممثلات عن المجتمع المدني اليمني والنساء والأحزاب السياسية والصحافيين، أكّد ضرورة وقف الهجوم على مأرب، مشيراً إلى التبعات الإنسانية المأساوية للهجوم والخطر الذي يشكّله على فرص استئناف العملية السياسية، كما تبادل معهم الأفكار وناقش المبادرات المرتبطة بالمشاركة الحقيقية لمختلف المكوّنات اليمنية في الجهود الرامية إلى تحقيق سلام مستدام في اليمن يلبّي تطلّعات الشعب اليمني، بحسب ما جاء في البيان الذي نقل عن غريفيث قوله، إن «على الطرفين إعلاء حاجات الشعب اليمني على جدول الأولويات والتوقف عن القتال والانخراط الجاد مع جهود الأمم المتحدة». كما أضاف، أن المبعوث سيستمر «في بذل المساعي الحميدة بدعم من أصحاب المصلحة المعنيين إقليمياً ودولياً لوقف الأعمال العدائية العسكرية ورفع وطأة المعاناة والتوصّل إلى تسوية سلمية ومستدامة لإنهاء النزاع في اليمن». في السياق ذاته، قالت المصادر اليمنية الرسمية، إن هادي أجرى اتصالاً هاتفياً بمحافظ مأرب للاطلاع على تطورات الأوضاع الميدانية والعمليات العسكرية التي يخوضها الجيش الوطني ورجال القبائل والمقاومة الشعبية في مختلف المواقع والجبهات. وأوردت وكالة «سبأ»، أن هادي «أشاد بالانتصارات التي يحققها الجيش الوطني في مختلف المواقع للدفاع عن النظام الجمهوري والوحدة وعزة وكرامة أبناء الشعب اليمني في مواجهة الميليشيات الحوثية الإيرانية». وقال إن «التضحيات التي تتوج بالانتصارات المتوالية على الميليشيات الإيرانية ستظل محل تقدير واعتزاز كافة أبناء الشعب اليمني التائق للدولة المدنية الاتحادية الحديثة المبنية على العدالة والمساواة والحكم الرشيد». ميدانياً، تواصلت المعارك غرب مأرب، وقال الإعلام العسكري، إن قوات الجيش تمكنت من دحر ميليشيا الحوثي المتمردة المدعومة من إيران، من مواقع مهمة في جبهة المشجح في الأطراف الغربية للمحافظة. ونقل الموقع الرسمي للجيش «سبتمبر نت» عن مصادر عسكرية قولها، إن «قوات الجيش مسنودة برجال القبائل شنّت هجوماً عكسياً تمكنت خلاله من دحر ميليشيا الحوثي من مواقع استراتيجية في جبهة المشجح، وإجبارها على الفرار، وأن المواجهات أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، في صفوف الميليشيا الحوثية، وتدمير عربات تابعة لها». وفي حين تمكن الجيش من إسقاط طائرة مسيّرة مفخخة أطلقتها الميليشيا الحوثية، أحبطت القوات هجوماً للميليشيا الحوثية في منطقة الكسارة، وأجبرتها على التراجع، بعد تكبيدها قتلى وجرحى في صفوفها، وفق ما أفاد به الإعلام العسكري. وأشار إلى أن مدفعية الجيش استهدفت تعزيزات للميليشيا في الجبهة؛ ما أدى إلى تدمير عربات عسكرية عدة ومصرع من كان على متنها، كما قامت القوات بتنفيذ كمين لمجموعة من الميليشيا في جبهة المخدرة؛ ما أسفر عن مصرع 10 من عناصرها، بينهم أحد القادة الميدانيين. وذكر الإعلام العسكري، أن عدداً من عناصر الميليشيا الحوثية بينهم قيادات قتلوا وآخرين جرحوا بنيران الجيش في جبهة جبل مراد في الجبهة الجنوبية من محافظة مأرب، وذلك بالتزامن مع ضربات لمقاتلات تحالف دعم الشرعية استهدفت مواقع وتعزيزات الميليشيات في أطراف المحافظة. ومع إصرار الجماعة الحوثية على مواصلة القتال ورفض الدعوات الأممية والدولية لوقف الهجوم على مأرب، اتهم وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني «النظام الإيراني وميليشياته الطائفية» بأنهم «دفعوا بكافة إمكاناتهم السياسية والإعلامية والعسكرية خلال الأشهر الماضية لإسناد ميليشيا الحوثي الإرهابية في مختلف جبهات محافظة مأرب، في محاولة لإسقاط المدينة التي مثلت حاجز صد أمام مشروع تصدير الثورة الخمينية والمد الإيراني في المنطقة». وقال الوزير في تصريحات رسمية، إن «انتصار الجيش وكسب معركة مأرب سيعني إسقاط المشروع التوسعي الإيراني»، داعياً الشعوب العربية إلى «إعلان موقف واضح من السياسات الإيرانية المزعزعة للأمن والاستقرار». يشار إلى أن الهجوم الحوثي المتواصل يهدد حياة أكثر من مليون نازح في محافظة مأرب ممن هربوا من المناطق التي احتلتها الميليشيات، بحسب تحذيرات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية. وتقول الحكومة اليمنية، إن محافظة مأرب تستوعب حالياً أكثر من 2.3 مليون نازح، موزعين على 145 مخيماً، بالإضافة إلى وجود أكثر من 20 ألف لاجئ أفريقي تقوم السلطات الرسمية بدورها تجاههم رغم شح الإمكانيات وضعف البنية التحتية ومحدودية تدخلات المنظمات الدولية.
مشاركة :