حتى يتواجه البلجيكي كيفن دي بروين مع البرازيلي نيمار، على مشجعي كرة القدم الانتظار حتى المراحل المتقدمة من أي بطولة لرؤيتهما أرضية الملعب نفسها، وها هما يتواجهان في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، إحدى أهم المراحل لأي نادٍ يسعى لرفع نفسه لمكانة مرموقة في «القارة العجوز». والآن فإن الفرصة أصبحت قائمة مع تأهل دي بروين ونيمار بصحبة فريقيهما مانشستر سيتي الإنجليزي وباريس سان جيرمان الفرنسي توالياً إلى المربع الذهبي لأهم مسابقة للأندية في العالم. عندما التقى اللاعبان للمرة الأخيرة، كانت النتيجة موجعة بالنسبة لنيمار، كانت «أتعس لحظة في مسيرتي» بحسب ما أقر البرازيلي، في إشارة منه إلى ربع نهائي مونديال روسيا 2018 حين فاز دي بروين ورفاقه في المنتخب البلجيكي 2-1 على «سيليساو» بهدفين صنعا في «المان سيتي» عبر فرناندينيو عن طريق الخطأ في مرمى بلاده ودي بروين نفسه. على صعيد الأندية، يتعادل اللاعبان في المواجهات المباشرة، حيث سجل نيمار في الفوز 4-صفر على السيتي في دور المجموعات موسم 2016-2017، حين كان يدافع عن ألوان برشلونة الإسباني، قبل أن يمرر كرة هدف في الخسارة إياباً على أرض الفريق الإنجليزي 1-3 حين كان البلجيكي أحد هدافي «البومون» في تلك المباراة. من المؤكد أن مواجهتي دور المجموعات لا تقارنان بتاتاً باللقاء المزدوج بين النجمين في الدور نصف النهائي، خاصة أن اللقب الأول في المسابقة أصبح في الأفق بالنسبة للفريقين. ملحمة الأدوار الإقصائية الاستثنائية التي أقيمت في لشبونة الموسم الماضي نتيجة تداعيات فيروس كورونا، جعلت من نيمار بشكل لا لبس فيه «مايسترو الإيقاع» في النادي الباريسي، وهي موهبة يعرفها الجميع، لكنها تأثرت كثيراً بالإصابات المتكررة التي لاحقته منذ قدومه من برشلونة عام 2017 في أغلى صفقة بالتاريخ «222 مليون يورو»، وحرمت سان جيرمان من جهوده في مباريات مفصلية على صعيد المسابقة القارية. نيمار نجم سان جيرمان نيمار نجم سان جيرمان كان نيمار وسان جيرمان قاب قوسين الموسم الماضي من الفوز باللقب، لكن بايرن ميونيخ الألماني حرمهما من ذلك بالفوز في النهائي 1-صفر. نجح سان جيرمان هذا الموسم في الثأر من النادي البافاري وأقصاه من ربع النهائي، بالفوز عليه ذهاباً خارج ملعبه 3-2، قبل الخسارة إياباً في باريس صفر-1. لعب نيمار دوراً أساسياً في هذا الثأر بتمريره خلال لقاء الذهاب كرة طويلة من قرابة 40 متراً لمواطنه ماركينيوس، ليسجل الأخير هدف التقدم 2-صفر للنادي الباريسي. وكان نجم البايرن السابق باستيان شفاينشتايجر أبرز من أشاد بما شاهده من البرازيلي في مباراة ميونيخ، بالقول على تويتر: «إنها إحدى أفضل التمريرات الحاسمة التي أشاهدها منذ فترة طويلة». يشعر نيمار أنه وجد نفسه في العاصمة الفرنسية، وفي الوقت الذي يماطل شريكه في الهجوم كيليان مبابي بشأن مستقبله مع سان جيرمان، يتوجه البرازيلي لتمديد عقده الذي ينتهي في صيف 2022. ولدى سؤاله عن مستقبله من قبل التلفزيون البرازيلي بعد إقصاء البايرن، أجاب نيمار: «هل تسألوني إذا كنت سأبقى في باريس سان جيرمان؟ هذا الموضوع ليس للبحث، من الواضح أني مرتاح جداً، أشعر أني في منزلي، هنا في باريس سان جيرمان، أنا سعيد أكثر من أي وقت مضى». وإذا كان جمهور سان جيرمان ينتظر أن يترجم نيمار هذا الأمر على الورق وتجديد التزامه بالدفاع عن نادي العاصمة الفرنسية، فإن دي بروين حسم أمره رسمياً بتوقيعه عقداً جديداً حتى 2025. في عمر التاسعة والعشرين، يقدم البلجيكي أفضل مستوياته مع طموح قيادة السيتي إلى لقب دوري الأبطال للمرة الأولى في تاريخ النادي، بعدما حسم منطقياً استعادة لقب الدوري الممتاز من ليفربول وفوزه بلقب كأس الرابطة للمرة الرابعة توالياً. وعلى غرار نيمار، عانى البلجيكي من لعنة الإصابات التي تلاحقه، ما دفع مدربه الإسباني بيب جوارديولا إلى الاكتفاء بإشراكه في 36 مباراة من أصل 53 خاضها السيتي هذا الموسم، لكن مردوده يبقى مؤثراً جداً بتسجيله 7 أهداف مع 17 تمريرة حاسمة. ورغم اكتفائه بالمشاركة في 5 من مباريات فريقه العشر في دوري الأبطال، حقق دي بروين 4 تمريرات حاسمة وسجل هدفين، مقابل 6 أهداف «جميعها في دور المجموعات» و3 تمريرات حاسمة لنيمار في 7 مباريات. أخرج نيمار سان جيرمان من موقف معقد في «أولد ترافورد»، حين قاده للفوز على مانشستر يونايتد في معقل الأخير 3-1 بتسجيله ثنائية. لكن مردوده لا يزال متواضعاً إلى حد ما هذا الموسم في الدوري الفرنسي، حيث عابه التوتر في بعض الأحيان، كما حصل عندما طرد ضد ليل في أوائل أبريل، أو عدم المبالاة مثل مباراته الأخيرة الخالية من أي مجهود يذكر ضد متز السبت، حيث ترك الأضواء لكيليان مبابي «ثنائية» مرة أخرى. ويختلف دي بروين عن نيمار تماماً في هذه الناحية، إذ لا يختار البلجيكي بتاتاً المباريات التي يعتبرها مهمة، من أجل بذل مجهود مضاعف، كما يرفض التباهي وعدوانيته موجهة دائماً نحو الفوز والأداء. مبارزتهما في دوري الأبطال مع تتويج محتمل في نهاية الطريق، ثم كأس أوروبا للبلجيكي وكوبا أميركا للبرازيلي، يمكن أن يكون لها تأثير كبير في السباق على جائزة الكرة الذهبية التي تمنحها مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية لأفضل لاعب في العالم.
مشاركة :