للمكتبات مع أصحابها قصصٌ ومواقف وأيضاً طرائف وأشجان تستحق أن تروى، «الرياض» تزور مكتبات مجموعة من المثقفين، تستحث ذاكرة البدايات، وتتبع شغف جمع أثمن الممتلكات، ومراحل تكوين المكتبات.. في هذا الحوار الكُتبي نستضيف الزميل الشاعر والكاتب إبراهيم الوافي، الذي تضم مكتبته كتباً مختصة بالأدب والفلسفة.. بالإضافة لكتب في التاريخ والأدب ودواوين الشعر والروايات الشهيرة. كما تحتوي مكتبة زميلنا العزيز بعض صفحات صحيفة «الرياض» منذ ثمانينات القرن الماضي.. وبعض الأعداد القديمة للمجلة العربية، ومجلة قافلة الزيت، وغيرها.. إضافة لطباعات قديمة من كتب تجدّدت فيما بعد وبقيت بشكلها السابق، ومن بينها طبعة قديمة جداً لألفية ابن مالك تعود لخمسينات القرن الماضي. أنفـس الكتـب هـي تلـك التـي تمـسّ شغافنـا في أيِّ مرحلة من العمر تعرَّفتَ على الكتاب؟ علاقتي بالكتاب ربما امتدّت لأول عهدي بالقراءة، وارتبطت بها منذ المرحلة الابتدائية، كنت حينها ابن القرية الذي يتوسّل الكتاب أنى ظفر به لدرجة التقاط قصاصات الجرائد التي تدوّخها الرياح في شوارع القرية بين حين وآخر.. فقد كان الكتاب شحيحًا جدًا، وكان الحصول عليه يحتاج وعيًا نوعيًا من قبل آخر يأخذ بيدك إليه. في الصــغر أفرح بالتقاط قصاصات الجرائد أنا غيور جداً على كتبي وألاحقها عند أبنائي لهذا مازلت أتذكر أول رحلة لي برفقة أخي الأكبر للمكتبة حيث اقتنيت كتابين: العرف الطيب في شرح ديوان أبي الطيب، وأجمل عشرين قصيدة حب لفاروق شوشة.. وكانا أول كتابين في مكتبتي ومازالا برفقتي حتى الآن بعد مرور ما يقارب أربعة عقودٍ على ذلك العهد. مكتبتي نمت بعفوية هل تستطيع تحديد بعض بدايات تأسيس مكتبتك المنزليَّة؟ أما عن بدايات تأسيس مكتبتي.. فأظنها نمت بعفوية واتسعت تبعاً لذلك، فمنذ أن اختطيت لي عزلة في بيتي كان للكتاب حيزاً فيها ينمو بنموّه وأظن أني حرصت على اقتنائه دائماً حتى تكاد تكتمل جدران عزلتي الأربعة برفوفها. لا يعادل رائحة الورق الفاتنة إلا رشاقة الكتاب الإلكتروني ماذا عن معارض الكتب، ودورها في إثراء مكتبتك؟ أكاد أجزم تماماً بأن معارض الكتاب التي تجلّى حضورها وتأثيرها تحديداً في العقدين الأخيرين تركت أثراً كبيراً ليس فقط في إثراء مكتبات المهتمين بالكتاب، بل ربما أوجدت في كل بيت من بيوتنا مكتبة واحدة على الأقل، فقد أثبتت المعارض في مواسمها العشرين الماضية على الأقل ومن خلال مبيعاتها الأعلى على مستوى المنطقة أن للكتاب حضوراً في حياتنا الجديدة.. وأن من مقومات كل بيت من بيوتنا مكتبة أو أكثر. ما أبرز المنعطفات التي رافقت نموَّ مكتبتك الشَّخصيَّة؟ أظنه حسن ظن كثير من الأصدقاء المبدعين بي.. وإهدائهم لي إبداعاتهم فقد نمت مكتبتي كثيراً عن طريق بريدي الذي وصلني فيه الكثير الكثير من هدايا الأصدقاء المبدعين. هل تحتفظ في مكتبتك بمخطوطات؟ الآن ليس في مكتبتي منها.. وقعت في يدي يوماً بعضها وآثرت منحها لمرجعية توثيقية بغرض الحفاظ عليها. ماذا عن نصيب الكتب القديمة والنَّادرة؟ ليس كثيراً.. ربما كانت طبعات قديمة.. أي كتب تجدّدت فيما بعد وبقيت بشكلها السابق لديّ.. أظن من بينها طبعة قديمة جداً لألفية ابن مالك تعود لخمسينات القرن الماضي. هل لديك شيءٌ من الصُّحف والمجلات القديمة أو شبه القديمة؟ لديّ بعض صفحات صحيفة «الرياض» منذ ثمانينات القرن الماضي تلك التي احتضنت قصائدي الأولى.. كذلك بعض الأعداد القديمة للمجلة «العربية» ومجلة «قافلة الزيت».. وعدد آخر من المجلات القديمة إضافة إلى ملف قصاصات من مجلة شعر القديمة. هل يوجد في مكتبتك كتب مهداة بتوقيع مؤلفيها؟ لا شكّ الكثير منها.. وأعتدّ بذلك. هل يستفيد أبناؤك من مكتبتك في إعداد بحوثهم؟ الحقيقة أنني غيور جداً على كتبي.. وهم قرّاء إلى حد كبير فضلاً عن بحوثهم، لكنني ألاحق كتبي عندهم بحرص مرهق لدرجة أن بعضهم اقتنى نسخاً أخرى لكتب موجودة في مكتبتي. ماذا تُفضل.. المكتبة الإلكترونية أم المكتبة الورقية؟ وما السبب؟ لكل وظيفته.. والحقيقة أنني اعتدت القراءة في السفر دائماً، ولطالما رافقني كتاب أو أكثر في رحلتي.. لكنني اليوم أكتفي بهاتفي معي، وبالتالي لا يعادل رائحة الورق الفاتنة إلا رشاقة الكتاب الإلكتروني وسهولة تنقله وتعدده. هل طرافة الكتاب أم طرافة موضوعه من معايير النفاسة؟ أظنّ أن لكل كتاب هويّته وقيمته وبالتالي نفاسته.. وهي عملية نسبية قد تتجاوز الطرافة إلى شغف المتلقي.. فأنفس الكتب هي تلك التي تمسّ شغافنا -ونحن مختلفون متفاوتون في شغفنا بالضرورة-.. سواء مسّته بطرافتها أو بتقاطعها مع بعض اهتماماتنا أو حتى ملاءمتها لحالتنا الروحية والنفسية أثناء القراءة.. فكم من كتاب تملّه حيناً، وتمليه على الآخرين في أحايين أخرى. هل مكتبتك متخصصة أم متنوّعة؟ أظن أنها تختص بالأدب والفلسفة بصورة أكبر.. وإن تقاطعت مع التاريخ أحياناً.. وتظل دواوين الشعر.. والروايات الشهيرة أكثر ما تحتوي عليها.. لكنها في المجمل نعم مختصة بالأدب إلى حد كبير. ما رسالتُك التي توجِّهها لكلِّ من يملك مكتبة خاصَّة به؟ الحقيقة أنني لست بشيء لأوجِّه أحدًا.. لكنني أجزم على أن كل من يمتلك مكتبة إنما أمتلك سياحة دائمة في عقول وتفكير الآخرين .. وهذه الحقيقة تجعل من صاحب المكتبة غني بما لديه. جانب من المكتبة طرف آخر من مكتبة الوافي الوافي في مكتبته من محتويات المكتبة صفحة «ثقافة اليوم» بصحيفة «الرياض» قبل 32 عاماً إهداء كتاب «ما قالته النخلة للبحر» بخط مؤلفه د. علوي الهاشمي كتاب «أدونيس منتحلاً» تأليف كاظم جهاد من نوادر الكتب كتاب «أحلى 20 قصيدة حب في الشعر العربي» لفاروق شوشة
مشاركة :