حريق مستشفى ابن الخطيب لم يكن الاستثناء في العراق

  • 4/28/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بغداد - سواء تعلق الأمر بالأسلاك المتشابكة في حالة من الفوضى فوق المباني والأزقة المكتظة أو انتشار المولدات الكهربائية المعرضة للحرارة الشديدة وضعف عمليات التفتيش على السلامة، كلها تشكل عوامل أساسية لتكرار اشتعال الحرائق المدمرة في العراق. وتكاد الحرائق أن تكون مشهدا يوميا في البلاد، حيث سجلت وزارة الداخلية بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار 7000 حريق، أكثرها دموية شب ليل الأحد في مستشفى ابن الخطيب المخصص لمرضى كوفيد-19 بالعاصمة بغداد. وقتل 82 شخصا وأصيب 110 آخرون في هذا الحادث الذي أثار صدمة وغضبا عارما. وتُبتلى بغداد المترامية الأطراف ويبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة بالعدد الأكبر من هذه المآسي سنويا، فقد ذكر المتحدث باسم الدفاع المدني العميد جودت عبدالرحمن أن "بغداد أكثر مدن العراق تعرضا للحرائق إذ تُسجل فيها 40 بالمئة من حرائق البلاد. وقد أحصي فيها 2800 حريق خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2021". وتعاني المدن العراقية عموما من حالة من الفوضى العمرانية، إذ يعيش واحد تقريبا من كل 10 أشخاص في أحياء عشوائية حيث توصل المنازل بشبكات المياه والكهرباء كيفما اتفق. كما تُبنى مراكز التسوق الجديدة دون تخطيط عمراني. وقال مدير الدفاع المدني اللواء كاظم بوهان أمام هذه المعاناة إن "جميع الأبنية دون المواصفات وهناك آلاف منها دون موافقات". ونتيجة لهذه الفوضى لا تخضع المباني شروط السلامة وتكثر مخاطر اندلاع الحرائق. وقال صاحب محل في سوق الشورجة وسط بغداد، إن الدفاع المدني طلب في 2014 من كل المحلات والمراكز التجارية اقتناء مطافئ حريق، مضيفا رافضا الكشف عن اسمه "البعض اشترى ونصبها في محله والبعض الآخر تجاهل ذلك". لكنه أوضح أن "لا أحد يريد معالجة القضايا الأساسية وإصلاح منظومة الكهرباء لديه بالكامل"، في بلد عانت بنيته التحتية بسبب 40 عاما من الصراعات تخللتها عشرة أعوام من الحظر الدولي. وقال صاحب المتجر "معظم أصحاب المحال غير قادرين حتى على التعرف على الأسلاك الكهربائية التي توفر الطاقة لهم، ولا يعرفون حتى من أين تأتي". وداخل المباني، يمكن لمزيج من مواد البناء الرخيصة القابلة للاشتعال والأسلاك الكهربائية سيئة التوصيل أن تحول شرارة بسهولة إلى جحيم في غضون دقائق. وقال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في اجتماع طارئ لمجلس الوزراء بعد احتراق مستشفى ابن الخطيب "يجب أن لا يقول أحد أنه تماس كهربائي هذا أمر معيب. الإهمال بمثل هذه الأمور ليس مجرد خطأ بل جريمة"، لكن الأخطار تتربص كذلك بالسكان في الخارج أيضا. وعلى مدى سنوات عديدة لم تتمكن الدولة سوى من توفير بضع ساعات من الطاقة الكهربائية يوميا، مما جعل الناس يعتمدون على المولدات الخاصة التي توضع عادة بجانب خزانات الوقود في الخارج تحت ألواح رقيقة حديدية بالكاد تحميها من أشعة الشمس الحارقة وحرارة يمكن أن تصل إلى 55 درجة مئوية في الصيف يوميا. ويكاد لا يمر يوم في العراق دون أن تذكر وسائل الإعلام المحلية حريقا في متجر أو محطة وقود أو منزل شخص ما. وفي اليوم الذي شهد الحريق الدامي في مستشفى ابن الخطيب، شب حريق في مركز تجاري في كركوك. وفي اليوم الذي تلاه اندلع حريق في تكريت شمال العراق، وآخر في مطعم في مدينة أربيل في إقليم كردستان حوله إلى رماد. وقبل يومين، تعرضت منظومة المصاعد في مستشفى في الحلة إلى تماس كهربائي، لكن تمت السيطرة عليه. وعلاوة على ذلك، يمثل نقص المياه مصدر ضغط آخر، إذ فقد العراق 50 بالمائة من مياهه في السنوات الأخيرة بسبب السدود التي أقيمت على مجرى نهري دجلة والفرات في إيران وتركيا. وفي وسط وشمال العراق، حيث ما زال للتنظيمات الإسلامية المتطرفة موطئ قدم، تحترق آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية كل عام، خاصة بسبب اندلاع مئات الحرائق في بداية كل صيف حارق. وفي حين تنجم بعض الحرائق عن شدة الحرارة أو بسبب خطأ بشري أو مشكلات كهربائية، فإن الغالبية العظمى من الحرائق متعمدة وتضرم على خلفية نزاعات عرقية أو خصومات أو يشعلها المسلحون المتطرفون انتقاما من المزارعين الذي يرفضون الخضوع للابتزاز. وتهدد الحرائق القطاع الزراعي العراقي الذي يعاني بالفعل من ضائقة شديدة. وما يزيد الطين بلة، هو نقص الموارد، فالمكلفون بمكافحة الحرائق في العراق عليهم أن يفعلوا ذلك بموارد محدودة. إذ أكد بوهان نقص فوهات الإطفاء وأسطول سيارات الإطفاء الذي عفا عليه الزمن، إذ أن أحدثها عمره عشر سنوات. وقال بوهان إن الدفاع المدني معطّل في غياب مروحيات لإطفاء الحرائق، رغم تعرض مناطق زراعة الحنطة والشعير لحرائق متكررة سنويا تلتهم مساحات واسعة في مختلف مناطق العراق. ويرى المسؤول أن ذلك يعود إلى الظروف الاقتصادية التي تعاني منها بلاده والتي أثرت على تأمين مستلزمات الدفاع المدني. ويقول بوهان إنه في خلال 18 عاما شهدنا "أكثر من 420 وفاة" بين عناصر الدفاع المدني.

مشاركة :