مصري يحول التحطيب إلى فن قتالي وعيناه على الأولمبياد

  • 4/30/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يسعى مدرب فرنسي - مصري للفنون القتالية إلى إدراج التحطيب في الأولمبياد كفن قتالي معاصر بعد أن نجحت مساعيه في تسجيل هذا التقليد القديم في اليونسكو. ويعمل رفقة عدد من الهواة والمدربين على تكوين فريق مصري في هذه الرياضة يمكنه أن يمثل بلاده في الأولمبياد. القاهرة - يمارس المصريون منذ قرابة 5 آلاف عام التحطيب، وهو نوع من القتال الراقص بالعصي، ولكنه تحوّل إلى فن قتالي حديث يطمح هواته إلى أن يصبح رياضة أولمبية. وقال عادل بول بولاد، وهو مدرب فنون قتالية فرنسي – مصري في التاسعة والستين من العمر، أطلق منذ قرابة 15 عاما مشروع تحويل التحطيب إلى فن قتالي معاصر “إنه مشروع لتجميع الناس” وهو بمثابة “ثورة ثقافية”. ولفت إلى أن التحطيب المعاصر “نسخة رياضية محدثة من فنّ عمره آلاف السنين”. والتحطيب هو نوع من الرقص الإيقاعي بالعصي يمارسه الرجال في صعيد مصر وهم يرتدون زيهم التقليدي أي الجلباب، وجرت العادة أن يؤدون هذه الرقصة في الأفراح تعبيرا عن ابتهاجهم. وتبدأ رقصة أو لعبة العصا بأن يلقي اللاعب التحية على الحضور الذين يلتفون في حلقة كبيرة لمتابعة المنافسة، ثم تحية المنافس بالتلويح بالعصا ويديرها فوق رأسه عدة مرات على نغمات المزمار والربابة والطبل البلدي، وهي الموسيقى الشعبية التي دائما ما تصاحب مباريات التحطيب. وسُجّل التحطيب منذ العام 2016 ضمن التراث الثقافي الدولي لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو). وأعد بولاد والذي كان أيضا وراء ترشيح التحطيب لليونسكو، كتيّبا عن التحطيب الحديث باعتباره رياضة جديدة لها 12 شكلا، وتشبه لعبة الكاتا في الفنون القتالية اليابانية. وكشف أن “التحطيب رياضة لها أصول وقواعد استطاعت أن تستمر على مدى تاريخ مصر كله”. ولم تندثر أبدا “أسرار القتال” فقد سُجّلت على جدران المعابد والمقابر الفرعونية واليونانية، أي منذ 2700 سنة إلى قرابة 300 سنة قبل الميلاد. وتتضح جذور فن التحطيب التي تعود إلى مصر الفرعونية، فالفراعنة هم أول من ابتكروا لعبة التحطيب، من الرسوم الموجودة على جدران المعابد الفرعونية وتحديدا في مناطق تل العمارنة والآشمونين والكرنك، وكانت لعبة أساسية عندهم فضلا عن كونها إحدى أهم وسائل الدفاع عن النفس وأقدم الفنون القتالية التي عرفها التاريخ. ويطمح بولاد إلى أن يرى التحطيب مدرجا ضمن الألعاب الأولمبية في السنوات القادمة باعتباره رياضة قتالية. ويمكن في عامي 2036 أو 2040 أن تنظم الألعاب الأولمبية في أفريقيا، وستكون لدى مصر فرصة للترشح لاستضافتها. ولكن الحصول على موافقة بأن يكون التحطيب رياضة أولمبية يُعدّ تحديا كبيرا، إذ ينبغي تحويله إلى رياضة شعبية وتنشئة مدرّبين وتنظيم مسابقات. وبات لهذا الفنّ لاسيما بعد مشاركة فريق التحطيب المعاصر في مهرجانات دولية، خصوصا مهرجان الفنون القتالية في باريس في العام 2016، بعض المؤيدين في أنحاء العالم. ويرتدي لاعبو التحطيب الحديث زيا أسود مع حزام أحمر من ثلاث طبقات مستوحى من ملابس المحاربين المصريين القدماء. ويستخدمون العصي من الخيزران طولها 130 سنتيمترا. ويأمل بولاد أن يتمكن خلال سنتين أو ثلاث سنوات من إنشاء “مراكز إقليمية” لتعليم التحطيب المعاصر في مناطق مختلفة في العالم مثل المجر وكندا وكولومبيا. ويدعو بولاد المصريين للإقبال على تعلم التحطيب المعاصر، وإلا فإن هذه الرياضة ستعرف طريقها إلى الأولمبياد دون أن يمثلها فريق مصري، لافتا إلى أن الأمر سيكون بذلك مثل الكثير من الرياضات اليونانية التي لم تعد تحمل العلم اليوناني. وفي القاهرة، في حي الرحاب الراقي (شرق)، يعلّم المدربون الأوائل تلاميذهم في إحدى الحدائق العامة. وأكد ناصر رفاعي، وهو أحد المدربين، أن “أسلوب القتال” المصري الموروث من الفراعنة يمثل “كنزا”. وأضاف رفاعي (44 سنة) “يتعيّن علينا المحافظة على هذا الكنز، ومثله مثل أي نوع من الفنون إذا لم تتم ممارسته فإنه يندثر”، مشيرا إلى أنه يحلم أن يرى التحطيب في الألعاب الأولمبية. ويعمل رفاعي مدرّسا للرياضة البدنية ويأخذ من وقته الشخصي للعمل على نشر التحطيب المعاصر والتعريف به. وتمكّن رفاعي ومساعدوه من خلال شبكات التواصل الاجتماعي من أن يجتذبوا شيئا فشيئا شبابا لممارسة هذه الرياضة. ويسمح التحطيب المعاصر خلافا للتقليد المصري المتوارث، للمرأة بالمشاركة في نسخته الحديثة. وتشارك ياسمين أنور (25 سنة)، وهي مدرّسة محجبة، في التدريب لأول مرة. وأحبت أنور هذه الرياضة، مؤكدة وهي تمسك بعصا التحطيب “سأواصل التدريبات حتى أتعلم ممارسة هذه الرياضة بشكل جيد”. ويبدو جوبا أيوب محمد (27 عاما)، وهو مصمم غرافيك، سعيدا كذلك بعد تدريبه الأول، معربا عن اهتمامه بنشر هذه الرياضة بين بقية الشباب من جيله. ويقول “ينبغي أن يعرف المصريون أن التحطيب ليس مجرّد رقصة فولكلورية للأفراح والمناسبات الثقافية الأخرى فقط، بل هو جزء من تاريخ مصر”.

مشاركة :