خلال شهر رمضان، يقبل الدمشقيون خصوصاً على شراء الناعم من باعة متجولين يفترشون الأرصفة مع أوانٍ نحاسية كبيرة مليئة بالزيت ويحضّرون هذه الحلويات مباشرة أمامهم. ما أن ينهي عبد الله وعائلته تناول الإفطار في منزلهم في دمشق القديمة، حتى يُسارع لإحضار رغيف الناعم المقرمش، يتقاسمه مع زوجته وابنتيه. ويقول لوكالة فرانس برس "مهما كانت الظروف صعبة، يبقى الناعم تقليداً لا يُمكن التخلي عنه في شهر رمضان". ويبلغ ثمن رغيف الناعم في أسواق العاصمة حالياً نحو 2500 ليرة سورية (أقل من دولار)، وهو مبلغ يستطيع عبد الله تحمله، مقارنة مع أسعار معظم الحلويات الأخرى، التي يتدرّج فيها سعر الكيلو الواحد من عشرة آلاف ليرة سورية وصولاً إلى خمسين ألفاً (نحو 17 دولاراً تقريباً). وكحال عبد الله، اضطرّت عوائل عدة للاستغناء أو تقليل الكثير من أصناف المائدة الرمضانية الأساسية، كاللحوم الحمراء وأطباق الحساء مع الدجاج والحلويات المحشوة بالفستق الحلبي. واستبدلتها بمكوّنات أو أصناف أرخص ثمناً. يقول عبد الله وهو موظف حكومي "يحبّ الأطفال هذه الحلوى كثيراً، وهذا الأهم". أكلة في متناول يد الجميع في سوق الجزماتية في حي الميدان في دمشق، يعرض أبو طارق أكثر من عشرين رغيفاً، ويوضح أن الكمية التي يعدّها يومياً تنفد قبل حلول موعد الإفطار، فالحلويات "أمر أساسي على المائدة الرمضانية والناعم أرخصها وأطيبها". لكنه يشير في الوقت ذاته إلى أن زبائنه هم من الفقراء والأغنياء، فتناول الناعم "عادة في رمضان". على بعد أمتار من بسطته، تعرض محلات أخرى بضاعتها من الحلويات العربية التقليدية، المحشوة بالمكسرات والمطهوة بالسمن العربي، والتي تعد فخر الصناعة السورية وتثير شهية كل من يقصد دمشق. إلا أن عدد روادها يتناقص سنوياً بسبب ارتفاع ثمنها. ويبلغ سعر كيلو البقلاوة المحشوة بالفستق الحلبي نحو أربعين ألف ليرة، والبرازق الشامية نحو عشرين ألف ليرة. أما المعمول فيتراوح ثمن الكيلو بين ثلاثين وخمسين ألف ليرة، أي أكثر بـ 15 ضعفاً من سعر الناعم. وتشهد سوريا أزمة اقتصادية خانقة، أفرزتها عشر سنوات من حرب مدمّرة، وفاقمتها العقوبات الغربية، فضلاً عن الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان المجاور حيث يودع سوريون كثر، بينهم رجال أعمال، أموالهم. خمس طرق لقضاء رمضان صديق للبيئة فيديو: حملات توعية للمسلمين في برلين خلال رمضان خوفاً من انتشار كوفيد-19 ويعيش غالبية السوريين اليوم تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة. ويعاني 12,4 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، وفق برنامج الأغذية العالمي. ينادي أبو طارق بصوت جهوري على منتجاته. ويعاونه يافعان في عملية التحضير والتزيين. ويقول "الناعم أكلة في متناول يد الجميع، لا نكهة لشهر رمضان من دون تذوّقها".
مشاركة :