فيينا - أكد دبلوماسي أوروبي مطلع السبت في فيينا أن المحادثات النووية مع إيران لم تتقدم كما كان مأمولا بعد ثلاثة أسابيع من المفاوضات، مضيفا أنه لا يزال يتعذر التوصل إلى تفاهم بخصوص أصعب القضايا. وقال بعد توقف المحادثات لمدة أسبوع "أمامنا الكثير من العمل ولم يتبق سوى القليل من الوقت...كنا نأمل في المزيد من التقدم هذا الأسبوع"، مضيفا "لم نصل بعد إلى تفاهم على معظم النقاط الحاسمة" مؤكدا أن النجاح لا يزال ممكنا لكنه غير مضمون. وقبل بدء الجولة الثالثة أفاد ذات المصدر صباح السبت أن القوى الدولية المعنية بالاتفاق النووي تأمل في تحقيق نتائج ملموسة "بحلول نهاية مايو/أيار"، في مسعى لإنقاذ الاتفاق النووي قبل الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقررة في 18 يونيو/حزيران. وعقد الأطراف المنضوون ضمن الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني اجتماعا السبت على مستوى رؤساء الوفود لاختتام الجولة الثالثة من المباحثات الهادفة الى إحياء الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة أحاديا. من جانبه قال كبير المفاوضين الإيرانيين في المحادثات النووية الإيرانية السبت إن وتيرة سير المحادثات بين القوى العالمية وإيران "تباطأت بعض الشيء"، لكنها لا تزال تحرز تقدما. ونقلت وسائل إعلام رسمية عن عباس عراقجي نائب وزير الخارجية قوله عقب جولة من المحادثات في فيينا "عندما شرعنا في كتابة المسودات تباطأ الاتجاه بعض الشيء في بعض المناحي لكن (المحادثات) لا تزال تحرز تقدما". وقال عراقجي إن طهران تتوقع رفع العقوبات الأميركية على قطاعي النفط والبنوك وغيرهما من القطاعات وعن معظم الأفراد والمؤسسات وذلك بناء على الاتفاقيات التي جرى التوصل إليها في محادثات فيينا حتى الآن. وأضاف إن "العقوبات على قطاع الطاقة الإيراني الذي يشمل النفط والغاز، أو تلك (العقوبات المفروضة) على صناعة السيارات والمالية والمصارف والموانئ، ينبغي رفعها كلها بناء على الاتفاقيات التي جرى التوصل إليها حتى الآن". وتكثف الأطراف المعنية جهود إنقاذ الاتفاق النووي قبل انتخابات قد يفوز على إثرها المحافظون الإيرانيون الذين يمتلكون موقفا أكثر تشددا من الإدارة الأميركية، وهو ما قد يخفض آمال إحياء اتفاق 2015. وتسعى هذه الأطراف إلى إنقاذ الاتفاق النووي قبل الانتخابات الإيرانية المرتقبة والتي قد تؤدي نتائجها إلى فوز المتشددين الإيرانيين الذي أبدوا صراحة موقفهم الرافض للعودة للاتفاق النووي. وقد أشار المتشددون في البرلمان الإيراني إلى أنهم سوف يعرقلون تسوية محتملة في المفاوضات الرامية إلى إعادة إيران والولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي المهدد بالانهيار. ويؤكد المتشددون على أن أي نتائج للمفاوضات النووية لا تتماشى مع القانون الإيراني ولا تؤدي إلى رفض العقوبات الأميركية كليا، مرفوضة، فيما تتمسك واشنطن بعدم رفع كل العقوبات. وبينما يخوض وفد إيران لمحادثات فيينا معركة لي اذرع مع الوفد الأميركي بوساطة أوروبية لتذليل العقبات في طريق العودة للاتفاق النووي، تحتدم معركة داخلية يقودها المحافظون ووسائل إعلام رسمية ضد التيار الإصلاحي، في حملة تشكيك في الوفد الإيراني المشارك في المباحثات غير المباشرة مع واشنطن والتي جاءت بعد شدّ وجذب وتصعيد متبادل بين إدارة الرئيس جو بايدن والحكومة الإيرانية الإصلاحية، فيما يسعى المتشددون لعرقلة أي تسوية في الملف قد تؤدي لرفع بعض العقوبات على إيران وتخفف الأزمة الاقتصادية الإيرانية. وفي حال نجاح مفاوضات فيينا النووية ورفع العقوبات على إيران وتخفيف عزلتها الدولية، فإن ذلك قد يحسب للإصلاحيين ما يعزز حظوظهم في الانتخابات الرئاسية المقررة في يونيو/حزيران. وتجري الدول التي لا تزال ضمن الاتفاق، أي إيران ومجموعة 4+1 (روسيا، الصين، فرنسا، بريطانيا، وألمانيا)، مباحثات منذ مطلع أبريل/نيسان، تهدف الى عودة الولايات المتحدة الى الاتفاق الذي انسحبت منه عام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب، معيدة فرض عقوبات قاسية على طهران، وعودة الأخيرة الى تطبيق الالتزامات التي تراجعت عنها في أعقاب هذا الانسحاب. ومنذ بدء المباحثات، يحضر وفد أميركي في العاصمة النمسوية من دون الجلوس الى طاولة واحدة مع الوفد الإيراني. ويتولى الأطراف الآخرون، لا سيما ممثلو الاتحاد الأوروبي، التواصل مع الطرفين. ومن المقرر أن تعقد "اللجنة المشتركة" للاتفاق المكونة من الأطراف الباقين فيه، اجتماعا عند الساعة الثالثة بعد ظهر اليوم بالتوقيف المحلي (13:30 ت غ) على مستوى مساعدي وزراء الخارجية أو المديرين السياسيين، وفق ما أفاد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في بيان. من جهتها، أفادت وزارة الخارجية الإيرانية أن الاجتماع سيكون الأخير ضمن الجولة الثالثة، وستليه عودة الوفود المعنية الى عواصمها للتشاور وتلقي التعليمات. وانطلقت هذه الجولة الثلاثاء وتخللتها على مدى الأسبوع اجتماعات للخبراء الذي يشكلون مجموعات العمل الثلاث المنبثقة عن المباحثات. وتتوزع هذه المجموعات على ثلاثة مجالات أساسية هي رفع العقوبات الأميركية، وعودة إيران إلى التزاماتها النووية، والترتيبات التنفيذية من قبل الطرفين. وأفاد المندوب الروسي الى المؤسسات الدولية في فيينا ميخائيل أوليانوف عبر تويتر، أن أطراف الاتفاق "عقدوا اليوم (السبت) مشاورات غير رسمية مع الوفد الأميركي في فيينا بشأن الإعادة الكاملة للاتفاق النووي"، موضحا أن ذلك تم "من دون إيران التي لا تزال غير مستعدة للقاء الدبلوماسيين الأميركيين". وأجمعت مواقف المشاركين في المباحثات خلال الأسابيع الماضية، على أنه تم تحقيق بعض التقدم، لكن الكثير من العمل لا يزال مطلوبا لبلوغ نتائج ملموسة. وتتمحور النقاشات بشكل أساسي في الوقت الراهن، حول تحديد العقوبات التي تبدي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن استعدادها لرفعها عن إيران، مقابل توضيح الأخيرة سبل عودتها الى تطبيق التزاماتها كاملة بموجب الاتفاق النووي المعروف رسميا باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة". وكان رئيس الوفد الإيراني، مساعد وزير الخارجية عباس عراقجي، أكد الثلاثاء أن الأطراف المشاركين اتفقوا على "تسريع" المباحثات.
مشاركة :