منذ أعوام مضت كان هو المكان الذي صلى به الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام إبان غزوة تبوك، آخر غزوة للمصطفى صلى الله عليه وسلم، ليخلد التاريخ فوق صفحاته ذكراه، وأهميته لدى المسلمين. هو مسجد ” التوبة ” بمنطقة تبوك، أحد أهم المعالم التاريخية ومنارة من منارات الإسلام الخالدة ، وبالقرب من موقعه رفات الصحابي الجليل “ذو البجادين” رضي الله عنه ، وقلعة تبوك التي بنيت قبل أكثر من 5000 عام ، و ” عين السُكر” التي قال صلى الله عليه وسلم بالقرب منها : ” يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة ، أن ترى ما هاهنا قد ملئ جنانًا.” ولمسجد التوبة وما جاوره من معالم قصص تعاقبت عليها الحضارات ودارت من حولها الغزوات حتى باتت اليوم موقعاً سياحياً يأتي إليها الزائر ويرحل في أمن وأمان حاملا معه قصص لا تُنسى وحكايات تروى. ويذكر الباحث في تاريخ منطقة تبوك الدكتور مسعد العطوي أن الرسول صلى الله عليه وسلم اختطّ مسجد ” التوبة ” بيده الشريفة عند بئر كانت هي المصدر الوحيد للماء في المنطقة ، حيث أقام الرسول في تبوك عشرين يوماً وأدى الصلاة جماعة مع أصحابه في هذا المكان الذي عُرف بعد ذلك بمسجد الرسول طوال مدة إقامته ، إلا أن بعض الباحثين سموه بمسجد ” التوبة ” نسبة إلى سورة التوبة التي نزلت عقب غزوة تبوك ، الذي بقي على هذا المسمى حتى وقتنا الحالي . وقال الدكتور العطوي: إن مسجد التوبة من المساجد التي بناها الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز – رحمه الله – في عام 98هـ، وقد كان عبارة عن سور تحيط به بعض المواقع ، وقد جُدد بعد ذلك عدة مرات إلى أن زاره الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – سنة 1393هـ فأمر بإعادة بنائه من جديد على طراز الحرم النبوي، وتم ما أراد خلال عام واحد ، وظل على حاله حتى اليوم مع العناية التامة به من قبل وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والأوقاف ، حيث يتسع المسجد لثلاثة آلاف مصلٍ. وأضاف أن المسجد يعد النواة التي تشكلت منها مدينة تبوك بأحيائها وأسواقها ، حيث ظل حجاج الشام يستقرون حوله في رحلتهم لأداء فرضية الحج وعند عودتهم ، لما يشكله من معلم مهم، تجاوره قلعة تبوك التي كانت هي الأخرى ذات أهمية ، ومعلماً من معالم المنطقة القديمة ، وإلى القرب منه تقع أقدم أسواق منطقة تبوك المسماة حاليا ” بالجادة ” تلك الوجهة الاقتصادية لأهالي المنطقة منذ 200 عام.
مشاركة :