تزايدت وتيرة لجوء الدول النفطية في الشرق الأوسط إلى بيع حصص في شركات الطاقة التي توصف بأنها «جواهر التاج» لجمع السيولة النقدية من المستثمرين الأجانب. وفي غضون أسابيع قليلة، قامت المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، وسلطنة عمان، والكويت، بتسريع خطط بمليارات الدولارات لبيع أصول من شركات الطاقة أو إصدار سندات بضامنها. وفي أحدث خطوة في المسار نفسه، قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الثلاثاء الماضي إن المملكة تجري محادثات مع «شركة طاقة عالمية»، لم يحددها، لبيع حصة تبلغ قيمتها نحو 20 مليار دولار في شركة النفط الحكومية العملاقة «أرامكو». ويسلط هذا التحول الضوء على كيفية استفادة البلدان في المنطقة التي تحوي ما يقرب من نصف احتياطيات النفط العالمية، من تعافي أسعار الطاقة بعد الانهيار الناجم عن فيروس كورونا في 2020، لتعزيز مواردها المالية المتضررة. ويزيد التحول عالميًا إلى اعتماد مصادر الطاقة النظيفة، والأكثر ملاءمة للبيئة، من الحاجة لبيع حصص في شركات الطاقة، إذ تحتاج الحكومات سيولة نقدية جديدة جديدة للاستثمار في قطاعات جديدة وتنويع اقتصاداتها. ويستغل المستثمرون، الذين تضرروا من أسعار الفائدة المنخفضة القياسية، هذه الفرصة. وقال جوستين ألكسندر كبير الاقتصاديين في «مينا أدفايزرز» (MENA Advisors)، لخدمات الاستشارات، ومقرها بريطانيا: «من المنطقي أن تبيع هذه الدول حصصًا عندما تكون التقييمات جيدة. بيع بعض الحصص لأسباب مالية، وبعضها بمنزلة اعتراف متزايد بسرعة التحول في قطاع الطاقة والحاجة إلى تحقيق قيمة من تلك الأصول». وشهدت الدول المصدرة للنفط في الشرق الأوسط خلال 2020، ارتفاع عجز الميزانية إلى 10.8% من الناتج المحلي الإجمالي من 3% فقط، وفقًا لصندوق النقد الدولي، كما انكمش الناتج المحلي الإجمالي في المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر بأكبر معدل في نحو 30 عامًا. وكانت «أرامكو» السعودية، أكبر شركة نفط في العالم، وشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، المسؤولة عن كل إنتاج النفط والغاز في الإمارات العربية المتحدة تقريبًا، أكثر الشركات الحكومية نشاطًا في المنطقة. وبدأت كلتا الشركتين الاتجاه نحو الخصخصة قبل تفشي وباء كوورنا، مع طرح «أرامكو» حصة 1.5% في سوق الأوراق المالية السعودي في عام 2019، وباعت «أدنوك» حصة من أسهم شركة «أدنوك للتوزيع» في أواخر عام 2017، من خلال طرح عام أولي أيضًا. ومنذ ذلك الحين، تسارعت وتيرة الصفقات من ناحية العدد والخبرة العالية، كما زاد التركيز على جذب الأموال الأجنبية. وفي 10 أبريل 2021، أعلنت «أرامكو» السعودية توقيع اتفاقية بيع حصة 49% من الملكية في «شركة أرامكو لإمداد الزيت الخام» (شركة تابعة مملوكة بالكامل لأرامكو السعودية تم تأسيسها حديثًا) لصالح «إي آي جي غلوبال إنرجي بارتنرز» (EIG Global Energy Partners LLC)، مقابل مبلغ 12.4 مليار دولار (46.5 مليار ريال سعودي). وقد تكون الصفقة التالية لـ«أرامكو» بيع حصة في شبكة خطوط أنابيب الغاز الطبيعي، ضمن هدفها لجذب المزيد من المستثمرين الدوليين إلى المملكة. من جانبها، تخطط «أدنوك» لإتمام الطرح العام الأولي لوحدات «الحفر» و«الأسمدة» الخاصة بها.
مشاركة :