تحظى الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي باهتمام منقطع النظير من قبل المجتمع الرياضي، الذي يضم هيئات وأندية ومسؤولين وأجهزة فنية وإدارية وطبية ولاعبين وأعضاء الجمعيات العمومية للأندية، وكذلك مستثمرين والشركات التي تعمل في المجال الرياضي، نظرا لدورها المهم في فض المنازعات الرياضية لجميع هذه الأطراف سالفة الذكر، في فترة زمنية وجيزة، لا سيما أن فضها في المحاكم التقليدية يتطلب فترة زمنية أطول. اللافت للنظر، أن البعض شكك في استقلالية الهيئة الوطنية للتحكيم، وطبيعة عملها وإطلاق العديد من الشائعات عليها. «الجريدة» أجرت هذا الحوار مع أستاذ القانون بكلية الحقوق بجامعة الكويت د. عبدالوهاب عبداللطيف صادق، الذي يشغل منصب نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي، في الظهور الإعلامي الأول لأحد مسؤوليها منذ إنشائها. وقد أوضح صادق العديد من الأمور لرجل الشارع الرياضي، وتعريفه بدور الهيئة وأهدافها، وطبيعة عمل مجلس إدارتها، وغرف التحكيم بها، وجاء الحوار على النحو التالي: • كيف تم تشكيل مجلس إدارة الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي؟ - يتم تشكيل مجلس الإدارة وفقاً لقانون الرياضة 87 لعام 2017، على أن يضم 7 أعضاء، أربعة منهم قضاة يتم انتدابهم من وكلاء أو مستشاري محكمة الاستئناف، أو محكمة التمييز، إلى جانب ثلاثة أعضاء يتم اختيارهم من قبل الجمعية العمومية للجنة الأولمبية الكويتية. • ومَن وقع عليه الاختيار بمجلس الإدارة؟ - وافق المجلس الأعلى للقضاء على ندب وكيل وثلاثة مستشارين من محكمة الاستئناف، هم: المستشار وليد بن ناصر، والمستشار ناصر الأثري، والمستشار د. عمر المسعود، والمستشار فهد العتيبي، فيما وافقت الجمعية العمومية للجنة الأولمبية الكويتية على تعيين ثلاثة أعضاء، هم: د. عبدالوهاب عبداللطيف صادق، د. علي الحصينان، والمحامي محمد المطوع، وإثر ذلك صدر القرار الوزاري رقم 62 لعام 2019 بتشكيل مجلس الإدارة. • وما طبيعة عمل مجلس الإدارة؟ - يتمثل عمل مجلس الإدارة في وضع النظام الأساسي للهيئة، وكذلك القواعد الإجرائية المنظمة لتسوية المنازعات الرياضية، وفقا للآليات التي حددها قانون الرياضة، والإشراف على الجهاز التنفيذي للهيئة، وإصدار اللوائح الداخلية ذات الصلة بأعمال الجهاز التنفيذي، واعتماد جداول المحكمين والوسطاء والخبراء وفق المعايير المحددة في القواعد الإجرائية، إلى جانب وضع السياسة العامة، والإشراف على تنفيذها، وأي اختصاصات تم ذكرها في النظام الأساسي. غرفة التحكيم • ما المقصود بغرفة التحكيم؟ - غرفة التحكيم هيئة تضم محكما فردا، أو ثلاثة محكمين تتم تسميتهم من قبل أطراف المنازعة الرياضية، من خلال جدول المحكمين المعتمد لدى الهيئة، ويسند للغرفة مهمة النظر في المنازعات، والفصل فيها بحيادية واستقلالية تامة، مع مراعاة السرية، وعدالة الإجراءات، والمساواة في التعامل مع جميع أطراف المنازعة. • هل هناك تداخل بين طبيعة عمل مجلس الإدارة وغرفة التحكيم؟ - لا يوجد أي تداخل بين عمل مجلس الإدارة وغرفة التحكيم، علما بأنه لا يجوز لأعضاء مجلس الإدارة والأمين العام وأعضاء الجهاز الإداري ممارسة أعمال التحكيم في الهيئة. • إذن، هل لمجلس الإدارة الحق في التدخل بالقرارات الصادرة عن غرفة التحكيم؟ - لا يتدخل مجلس الإدارة في القرارات التي تصدر عن غرف التحكيم أو في أعمالها، ونحن على ثقة بقدرة غرف التحكيم التي تم تشكيلها على أداء مهامها وفق القواعد الإجرائية والتشريعات الرياضية. اختيار غرف التحكيم • هل صحيح أن الهيئات أو الأشخاص لهم الحق في اختيار غرف التحكيم؟ - في حال كان تشكيل غرفة التحكيم فرديا، يمكن لطرفَي المنازعة، سواء كانوا أشخاصا أو هيئات، الاتفاق على اختيار محكم فرد من جدول المحكمين، وفي حال لم يتفقا، يقوم مجلس الإدارة بتسمية المحكم الفرد وفق الترتيب الأبجدي من جدول المحكمين. أما إذا كان تشكيل الغرفة ثلاثيا، فإن كلاً من المدعي والمدعى عليه يقومان بتسمية محكم من جدول المحكمين المعتمدين، ويقوم المجلس بتسمية المحكم المرجح الثالث وفق الترتيب الأبجدي، والذي يكون في جميع الأحوال هو رئيس غرفة التحكيم التي تنظر النزاع، على أن يكون المحكم المرجح مقيدا لدى المحكمة الرياضية الدولية (كاس)، وفقا للتعديلات الأخيرة على بعض مواد القواعد الإجرائية، وفي حال فشل أي من الأطراف في تسمية المحكم من جانبه يقوم مجلس الإدارة بتسميته نيابة عنهم وفق الترتيب الأبجدي، على أن يكون كذلك من محكمي "كاس". • ما مدى صحة وجود حكام في الهيئة من محكمة كاس؟ - نعم لدينا محكمون من محكمة "كاس" مقيدون بجدول المحكمين المعتمدين لدى الهيئة الوطنية، وهم يتمتعون بخبرات قانونية متميزة في مختلف المجالات المتعلقة بالرياضة. • تطبق الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي النظام الإلكتروني في جميع أعمالها فيما عدا إبلاغ المشكو في حقه بالشكوى... لماذا؟ - كما تعلم، تم إصدار قرار من وزير العدل بشأن القرار الوزاري رقم 26 لسنة 2021 بالشروط والضوابط الخاصة بالإعلان الإلكتروني، وحدد الوسائل التي يمكن استخدامها للإعلان الإلكتروني، وهي: تطبيق هويتي، والبريد الإلكتروني، والرسائل النصية، وجميعها مرتبطة بتسجيل المعلن إليه لدى الهيئة العامة للمعلومات المدنية، والهيئة الوطنية لا تستطيع في الوقت الحالي تطبيق الإعلان الإلكتروني، حيث لا تملك الموارد المالية أو التقنية اللازمة لتطوير نظام آلي يمكنها من الربط الآلي مع الهيئة العامة للمعلومات المدنية والجهات المتعلقة بالمنظومة الرياضية، سواء كانت جهات حكومية أو هيئات رياضية، لكننا وفق القواعد الإجرائية للهيئة الوطنية، فإن جميع المراسلات والمكاتبات بشأن المنازعات الرياضية تتم من خلال البريد الإلكتروني، كما أن جلسات الاستماع والاجتماعات يتم عقدها إلكترونياً متى رأت غرف التحكيم ذلك. درجات التقاضي • كم درجة للتقاضي في الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي؟ - درجة التقاضي في المنازعات الرياضية واحدة، فالقرارات التحكيمية التي تصدرها غرف التحكيم تُعد تنفيذية، وتكون نهائية وملزمة لأطراف النزاع بمجرد التوقيع عليها من قبل رئيس مجلس الإدارة، ويحق لأي طرف من أطراف النزاع الاستئناف أمام "كاس"، وفقاً للوائحها وقواعدها وقواعد الاختصاص ذات الصلة بالاتحادات الرياضية الدولية. • هل صحيح أن هيئة التحكيم الرياضي بها قسم خاص للرياضة النسائية؟ - ليس صحيحا، حيث يتم التعامل مع كل طلبات الفصل في المنازعات الرياضية بحيادية وعدالة ومساواة في التعامل مع جميع الأطراف، بغض النظر عن الجنسية أو الكيان الاعتباري، سواء كان شخصا اعتباريا أو عاديا. وجدير بالذكر أن جدول المحكمين المعتمدين لدى الهيئة يتضمن شخصيتين نسائيتين، هما: د. بشائر صلاح الغانم (كلية الحقوق بجامعة الكويت)، ود. غادة درويش كربون المحكمة القطرية المعتمدة من "كاس"، ونحن نفخر بوجودهما بجدول المحكمين، لما تتمتعان به من خبرات قانونية تُعد إضافة متميزة للهيئة، وندعو القانونيات والرياضيات الكويتيات للقيد في جدول المحكمين والوسطاء. • ما أبرز الشكاوى التي تنظرها الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي حاليا؟ - لا يمكننا الخوض في مضمون المنازعات الرياضية، حيث إنها مازالت منظورة أمام غرف التحكيم المختصة، ولم يتم إغلاق ملفاتها بشكل كامل، لكن نستطيع القول إن المنازعات الرياضية المقدمة تتعلق بعدة موضوعات، وليست جميعها مرتبطة بكرة القدم. • في حال لجأت هيئة رياضية أو شخص ما للمحكمة الرياضية الدولية (كاس) دون الرجوع لكم، هل من حق الهيئة الرياضية للتحكيم الرياضي التدخل؟ - ليس لها حق التدخل، لكن الأنظمة الأساسية للهيئات الرياضية الكويتية، بما فيها اللجنة الأولمبية، تضمنت مادة تنص على إلزامية اللجوء إلى الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي للفصل في المنازعات الرياضية المحلية، والتي يكون أحد أطرافها الهيئات الرياضية، أو أعضائها أو منتسبيها. • هل منحكم القانون الحق برفض بعض الشكاوى بشكل مباشر دون تحكيم؟ - الهيئة الوطنية لا تملك رفض المنازعات الرياضية، طالما أنها لا تتعلق بالقضايا الجنائية، أو القرارات المتعلقة بقواعد اللعبة الفنية التي تصدر عن الهيئات الرياضية؟ استقلالية الهيئة الوطنية للتحكيم • كيف يمكن تفسير استقلالية الهيئة الوطنية للتحكيم، رغم ارتباط ميزانيتها بالهيئة العامة للرياضة؟ - نعلم جميعا أن أحد شروط رفع الإيقاف الرياضي عن الكويت، هو إنشاء هيئة تحكيم رياضي مستقلة لا تتبع أي جهة حكومية، فالهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي مستقلة تم تأسيسها بموجب القانون رقم 87 لسنة 2017، وتحظى باعتراف اللجنة الأولمبية الكويتية، وتتمتع بكيان مالي وإداري مستقل، ويمثلها مجلس إدارتها، والهيئة العامة للرياضة ليس لها سُلطة على هيئة التحكيم الرياضي. • لكن بماذا تفسّر صرف ميزانيتكم المالية من الهيئة العامة للرياضة؟ - الدعم المالي الذي حصلت عليه الهيئة الوطنية من هيئة الرياضة جاء بناء على توجيهات وزارة المالية عندما تمت مخاطبتها بشأن تخصيص ميزانية مستقلة للهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي، لتمكينها من مباشرة أعمالها واختصاصاتها الواردة في قانون الرياضة والنظام الأساسي. • ما دور اللجنة الأولمبية الكويتية في الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي؟ وهل هناك ما يمكن أن نطلق عليه وجود تعارض مصالح في هذه العلاقة؟ - ليس هناك دور مباشر للجنة الأولمبية الكويتية في أعمال الهيئة، باستثناء ترشيح ثلاثة أعضاء من المواطنين الكويتيين من ذوي الخبرة في المجال الرياضي أو القانوني، لكننا على تواصل مستمر والتعاون معها، لتحقيق تطلعات المجتمع الرياضي، وتقديم صورة مشرفة لآليات حل المنازعات الرياضية من خلال التحكيم والوساطة. • في السابق كان اللجوء للمحاكم التقليدية يؤدي إلى قضاء وقت طويل جدا للحصول على أحكام، وبعد إنشاء هيئة التحكيم ما الضمانات للرياضيين في تقليص مدة بت الخلافات المنظورة بما يضمن الحفاظ على حقوقهم؟ - القواعد الإجرائية تضمنت المواعيد الزمنية الواجب على الإطراف الالتزام بها لتقديم مذكراتها الدفاعية، وتقديم المستندات المطلوبة، بحيث لا تتجاوز 14 يوما، كما تضمنت المواعيد الملزمة للأمانة العامة وغرف التحكيم التقيد بها لمتابعة إجراءات المنازعات. وللعلم، متوسط المدة الزمنية التي يستغرقها طلب التحكيم من يوم استكماله للبيانات المطلوبة وحتى إحالته إلى غرفة التحكيم المختصة 36 يوما، ومتوسط الفترة الزمنية لطلبات التحكيم التي تمت إحالتها إلى غرف التحكيم حتى إقفال باب المرافعة هو 41 يوما، وهي مدة قصيرة جدا مقارنة بالإجراءات المتخذة في المحاكم التقليدية. هجمة منظمة • تتعرض الهيئة في الآونة الأخيرة إلى هجمة منظمة من قبل البعض... ما ردكم؟ - معظم ما تمت إثارته في وسائل التواصل الاجتماعي أمور تتعلق بمنازعات رياضية منظورة حاليا أمام غرف التحكيم المختصة، والتي تم تشكيلها وفق النظام الأساسي والقواعد الإجرائية، وهو أمر غير مقبول بالنسبة للقضايا المنظورة أمام المحاكم التقليدية أو الجهات التحكيمية كهيئتنا، لذلك نطلب من المجتمع الرياضي في الكويت عدم تداول المعلومات والبيانات حول هذه المنازعات، لإتاحة الفرصة لغرف التحكيم للقيام بمهامها الموكلة إليها بموضوعية وحيادية كاملتين. أما بشأن ما تمت إثارته بخصوص مجلس إدارة الهيئة الوطنية للتحكيم وجهازها التنفيذي، فهناك قنوات رسمية يتم من خلالها الرد على أي ادعاءات.
مشاركة :