في الصين حيث تنتشر المنتجات المقلدة وتعتبر أكبر سوق في العالم للمنتجات الفخمة ونسخها المزيّفة لا بد من وجود أشخاص بمؤهلات خاصة وعين مدربة تستطيع التفرقة بين المنتجات الأصلية والمزيفة. وبحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية فهذه الوظيفة موجودة بالفعل ويطلق على صاحبها لقب «مثمّن المنتجات الفخمة» وتوكل له مهمّة كشف البضائع الأصلية من تلك المقلّدة، إذ إنه متدرّب على فحص حقائب اليد والأحزمة والملابس بحثاً عن أرقام متسلسلة وغرز وشعارات مثيرة للشك. وتنتج المصانع الصينية كميّات ضخمة من المنتجات الفخمة المخصصة بمعظمها للسوق المحلية البالغة قيمتها نحو 4 تريليونات يوان (620 مليار دولار)، بحسب «يو آي بي إي للفخامة في الصين» لأبحاث السوق. ويزدهر حالياً سوق المنتجات الفخمة المستعملة أيضاً، مع سعي أولئك غير المستعدين لإنفاق آلاف الدولارات على حقيبة يد، إلى اقتحام عالم الأزياء الراقية بثمن أقل. لكن تجارة المنتجات المزيّفة تنتشر بشكل واسع في الظل بانتظار الباحثين عن صفقات مربحة. ويقول مؤسس «كلية تجارة المنتجات الفخمة الفريدة» جانغ شين؛ إن كثيرين يُخدعون بـ«منتجات مقلّدة بشكل جيّد لا تختلف إلا بدرجة ضئيلة» عن تلك الأصلية. وتُعلّم دورته، التي تستمر 7 أيام، الطلبة كيفية الكشف عن المنتجات المزيّفة وتقييم تلك المستعملة واكتساب المهارات التي تخوّلهم تثمين المنتجات الفخمة. وبينما تبلغ رسوم الدورة 15800 يوان (2400 دولار)، يقول جانغ إن المبلغ يستحق الدفع نظراً إلى أنها تمنحهم موطئ قدم في سوق المنتجات المستعملة الفخمة، التي لا تزال في بداياتها. وبلغت قيمة سوق المنتجات الفخمة المستعملة في الصين 17.3 مليار يوان عام 2020. أي ضعف العام السابق، بحسب شركة الاستشارات «فور وورد للمعلومات التجارية». وقال إن «الصينيين يشترون ثلث المنتجات الفخمة المتوافرة على صعيد العالم، لكن معدّل التداول البالغ 3 في المائة أقل بكثير من معدل 25 - 30 في المائة في الدول الغربية»، في إشارة إلى نسبة المنتجات التي يعاد بيعها لاحقاً.ويعلّم جانغ قواعد الفخامة لطلابه. ويقول: «يجب أن تكون بطانة أي حقيبة شانيل سوداء باللون الزهري». ويستخدم المتدرّبون ضوءاً خاصاً بالأشعة فوق البنفسجية للتحقّق من بطاقات الهوية على الحقائب التابعة لمجموعة الأزياء الفرنسية الفاخرة. ويوضح جانغ، الذي تعلّم مهارة تثمين المنتجات الفخمة في اليابان قبل عقد: «سيضيء حرفان، هذا هو السر».وأضاف أن معرفة أي الحروف في شعار شانيل التي تستخدم الخط المستطيل بدلاً من المربّع يساعد في «الكشف عن ثلث المنتجات المقلّدة في السوق».ويتحدّر طلابه من خلفيات متباينة، بينهم محرر سابق لمجلة أزياء من شنغهاي ونادل في حانة يبحث عن بداية جديدة بعدما تضرر عمله جرّاء «كوفيد 19». وقال المضارب في سوق الأسهم شو جيهاو (31 عاماً): «أدركت أنه يمكن بيع الحقائب الفخمة المستعملة بأسعار جيّدة للغاية». على سبيل المثال، يمكن بيع حقيبة يد لوي فيتون «نيفرفول» تم شراؤها قبل عامين بـ9 آلاف يوان على منصات بيع المنتجات المستعملة، أي بخصم نسبته 20 في المائة، بينما يمكن بيع حقيبة «غابريال» صغيرة تابعة لشانيل بما بين 60 إلى 70 في المائة من سعرها الأصلي. لكن لحالة الحقيبة أثراً كبيراً على قيمتها. ويحذّر جانغ: «يجب الانتباه خصوصاً إلى الخدوش حول المشبك»، مشيراً بشكل خاص إلى تلك التي قد تنجم عن الأظافر الطويلة. كما يشير إلى ضرورة الالتفات إلى المواسم. فعلى سبيل المثال، تباع الحقائب الحمراء اللون سريعاً خلال فترات العطلات الصينية، نظراً إلى أنه لون الحظ بحسب التقاليد المحلية.ولفت جانغ إلى أن دوراته جذبت أشخاصاً كانوا يعملون في تقليد البضائع يرغبون في تطوير مهاراتهم الأصلية، لكن مع الانتقال إلى عمل يحظى بسمعة أفضل. في معظم الحالات، لا يحتاج جانغ إلى أكثر من نحو 10 ثوانٍ لتحديد إن كان المنتج حقيقياً، على حد قوله.ويرسل بعض الزبائن صوراً لساعات وأحذية رياضية وملابس ليقوم بفحصها عبر الإنترنت. ومن المتوقع أن يعتمد التحقق من المنتجات الفخمة بشكل أكبر على التقنيات المتطورة مع إدخال مجموعات الأزياء شرائح إلكترونية لتعقّب الأصل. وأعلنت لوي فيتون في 2019 أنها ستطلق منصة قائمة على تكنولوجيا «بلوك تشين» (سلسلة الكتل) تدعى «أورا» لتسجيل منتجاتها. وتم وضع شرائح إلكترونية دقيقة داخل الأحذية النسائية التي تصنّعها علامة سلفاتوري فيراغامو الإيطالية، بينما اختبرت بيربري استخدام تكنولوجيا التعرّف على الترددات اللاسلكية في منتجاتها. لكن لا يبدو أن جانغ يشعر بالقلق على عمله اليدوي، نظراً إلى أن هذه التقنيات لا تزال في بداياتها. ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية: «يمكن اختراق أي تكنولوجيا. سيبقى سوق تحديد المنتجات الفخمة، كل ما هنالك هو أنه سيكون عليه أن يتأقلم في أساليبه».
مشاركة :