ورّاق نجديّ في القرن الثّاني عشر الهجريّ

  • 5/3/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

محاولات استقصاء ما يمكن الوصول إليه من المخطوطات التي نسخها نُسّاخ نجديون أو غيرهم، تتيح التّعرّف عليهم عن قرب، وتبيّن ولو بشكل جزئي شيئاً من جهودهم في هذا المجال، إضافة إلى ما في ثناياها من معلومات تثري تراجمهم، ومن هؤلاء الورّاق محمّد ابن حزيم الذي لم يسبق، حسب علمنا، أن تُرجم له. اسمه وأسرته: هو محمّد بن ناصر بن حُزَيْم النّجدي، هكذا بخط يده. لم يحدّد بلدته في نجد، وتوجد عدّة أسر في منطقة نجد تحمل الّلقب ذاته (آل حُزَيْم)، ولم يترجّح لنا بشكل قاطع من أيّ بلاد نجد هو. وحُزَيْم: تصغير حَزْم، بالحاء المهملة، ورأينا البعض يعجم الحاء فيجعلها خاءً هكذا: (خزيم) ، وليس هذا بصواب، إذ خزيم اسم آخر لا علاقة له بالمترجم له. طلبه للعلم: نرجِّح أنّه أخذ العلم أولاً عن علماء نجد، إذ كانت في مطلع القرن الثّاني عشر الهجري تزخر بعدد منهم، وممّا قد يؤكّد ذلك أنّه نسخ في نجد بعض المخطوطات التي بقيت فيها، لعله باعها ليتزوّد بثمنها للرّحلة، منها كتاب (كشّاف القناع عن الإقناع) ، و(حاشية المنتهى) ، وربّما قد نسخهما إبّان طلبه للعلم فيها، فهما من الكتب التي يحتفي بها فقهاء نجد ويدرّسونهما في حلقاتهم. ولم نقف على أسماء مشايخه في نجد، ولو تسنّى معرفة بلده فسنقف على أبرز علمائها الذين عاصرهم ولربّما أخذ عنهم، ولا يستبعد أن يكون قام برحلة لطلب العلم داخل نجد قبل أن يتوجّه للعراق. ارتحاله للعراق: يظهر أنّه بعد أن تأهل بالعلم في نجد، أراد الاستزادة فرحل إلى العراق للأخذ عن علمائها، ولم نقف على السّنة التي ارتحل فيها لكنّها قطعاً بين سنتي 1130هـ و1137هـ، حيث نسخ في التّاريخ الأوّل كتابين في نجد، بينما في التّاريخ الثّاني نسخ أقدم ما وقفنا عليه من منسوخاته في العراق، وقد يكون سبب ارتحاله للعراق ما سجّلته كتب التّاريخ النّجدي في أحداث سنة 1136هـ، من حصول قحط غارت بسببه مياه الآبار وغلت الأسعار، ممّا أدّى إلى ارتحال كثير من أهل نجد إلى بلدان أوسع رزقاً؛ عدّ المؤرّخون من ضمنها البصرة (1) ، وقد مكث المترجم له سنوات طويلة في العراق لدرجة أنّه تأثّر بلهجة أهلها حتى في كتاباته، وهذا قد يكون راجع إلى حداثة سنّه عند ارتحاله؛ لأن الملاحظ أنّ كبير السّن لا يغيّر من لهجته في الغالب، من ذلك أنّه استعمل في وصفه لنفسه كلمة (حاجي) ، وذلك في نهاية نسخه لكتاب (الفواكه الجنيّة) ، سنة 1150هـ، وهذه الكلمة تعني أنّه أدّى فريضة الحجّ، واستخدامها غير معهود لدى النّسّاخ النّجدييّن في وقته، والأرجح أنّ أداءه لمناسك الحجّ حصل بعد ارتحاله من نجد إلى العراق، وأنّ ذلك ربّما بعد سنة 1144هـ، وقبيل سنة 1150هـ حيث نسخ في التّاريخ الأوّل كتاباً لم يذكر فيه كلمة (حاجي) ، بينما ذكرها في التّاريخ الثّاني كما سبق، وهذه الرّحلة تكون برفقة الرّكب البصري أو العراقي، ويلاحظ أنّه وصف نفسه أيضاً بـ(الحاج) في نهاية نسخه لـ(شرح ألفيّة ابن مالك) ، سنة 1153هـ، ممّا قد يدلّ على أنّه كرّر الحجّ بعد ذلك مرة أخرى. كما أنّ وصفه لنفسه بـ(النّجدي) في آخر اسمه، يدلّ على أنّه قد استقر في العراق وقت نسخ المخطوط المذكور. ونصّ في إحدى المخطوطات التي نسخها سنة 1143هـ، بأنّه ساكن مدرسة عبد اللطيف (2) ، فقد يكون ذلك إبّان طلبه للعلم بعد قدومه للعراق، وممّا يلاحظ في مخطوطة أخرى تسميته لنفسه بـ(ملّا) ، وهذه يستخدمها عادة من يقوم بالتّدريس، خاصّة في الكتاتيب، ممّا يدلّ على أنّه تولّى التّدريس في البصرة، وعلى الأرجح في المدرسة آنفة الذّكر. وممّا يجدر ذكره تأثّر المترجم له بالتّصوّف بعد رحيله للعراق، فبحسب ما وقفنا عليه من منسوخاته، فقد نسخ كتاباً في التّصوّف خاصّ بالطّريقة الكوّازيّة الشّاذليّة (3) ، كما سيأتي. منسوخاته: لمحمّد بن حزيم جهود واضحة في نسخ الكتب، حيث نسخ بخطّه عدداً منها أثناء إقامته في نجد وبعد رحيله عنها، لكنّ أغلب منسوخاته التي وقفنا عليها كانت في العراق بعد رحيله، حيث وقفنا على ستّ كتب نسخها في البصرة، ويعدّ من الورّاقين المتميّزين، فقد صنّفه الدّكتور عبد الله المنيف في رسالته للدكتوراه ضمن النّسّاخ من طلبة العلم في القرن الثّاني عشر الهجري، وعدّه الشيخ الدّكتور الوليد الفريّان ضمن قائمة الورّاقين في القرن الثّاني عشر الهجري التي أوردها في كتابه (الوراقة في منطقة نجد) (4). ومن الملاحظ أنّه نسخ كتباً في الفقه الحنبلي ينسخها في الغالب طلبة العلم النّجديّون لأنفسهم في وقت الطّلب، فربّما كان ارتحاله رغبة في طلب العلم والاستزادة منه، ممّا قد يدلّ على حرصه وتوجّهه العلمي، فقد وصل إلى درجة أنّه صار ينسخ كتب العلم المتعلّقة بفروع العلم الأخرى، فمثلاً كان له اهتمام خاص بالّلغة العربيّة حيث نسخ في هذا المجال ثلاثة كتب. كما يُستشفّ من منسوخاته أمور، منها: استعماله اصطلاحات الورّاقين، فهو يذكر عدد الكراريس التي نسخها مكمّلاً بها أحد الكتب، أيضاً نسخه لكتاب أشار على غلافه إلى اسم صاحبه الذي نسخه له منذ ابتدائه في عمليّة النّسخ، ممّا قد يدلّ على أنّه نسخه بالأجرة، وعمله هذا يعدّ مصدر رزق له، أيضاً ينطبق على منسوخاته ما ينطبق على منسوخات الورّاقين الآخرين، التي لا حاجة إلى الإسهاب فيها في مثل هذا المقام. وقد وُجِد بخطّه الواضح المقروء عدداً من المخطوطات، نسخها بين سنة 1130هـ وسنة 1153هـ، ويلاحظ أنّ المدّة الزّمنيّة بينهما ثلاثة وعشرون عاماً، وقفنا خلالها على ثمانية كتب بخطه، ومن المرجّح أنّه نسخ خلال تلك الفترة الطّويلة كتباً أخرى وربّما قبلها وبعدها أيضاً، وهذا يحتاج إلى تتبّع واستقصاء بخلاف ما قد يكون تلف منها. وممّا وقفنا عليه بخطّه: 1 - (كشّاف القناع عن الإقناع) ، لمنصور البهوتي، وهو من منسوخاته النّجديّة، نسخه سنة 1130هـ، قال في آخره: (وقد تمت كتابته يوم الخميس سات يوم من شهر ربيع التالي، من شهور السنة ثلاثين وماية بعد الألف، على يد كاتبه فقير عفو الله تعالى ومغفرته ورضوانه محمد بن ناصر بن حزيم، تجاوز عنه مولاه وغفر لوالديه والمسلمين آمين) (5) ، [الوثيقة 1]، وعلى آخر النّسخة قيد مقابلة فيه طمس، علماً أنّ صفحة عنوان الكتاب ليست بخطه، وعلى المخطوط تملك فيه طمس أيضاً، وهذا ما اتضح منه: (دخل هذا الكتاب في ملك الفقير إلى الله... آل جاسر، بالابتياع الشرعي، وذلك في المحرم مبتدأ سنة 1268، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم) ، ثم توقيف فيه طمس خفيف لكنه مقروء، وهذا نصه: (وقّفه عبد الرحمن آل إبراهيم بن جاسر، والناظر عليه محمد آل عمر بن سليم، شهد على ذلك عبد الله بن فدّا) . ولم يتيسّر معرفة عدد أوراق المخطوطة. 2 - (حاشية المنتهى) ، المعروفة باسم (إرشاد أولي النّهى لدقائق المنتهى) ، لمنصور البهوتي، وهو من منسوخاته النّجديّة أيضاً، انتهى من نسخها في 15/ جمادى الآخرة سنة 1130هـ، قال في آخرها: (تمت كتابة هذه النسخة المباركة يوم الاثنين النصف من جمادى التالي سنة ماية وثلاثين بعد الألف من الهجرة المباركة على مهاجرها أفضل الصلاة والسلام، على يدي الفقير إلى رحمة ربه الكريم محمد بن ناصر بن حزيم، غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين آمين) (6) ، [الوثيقة 2]، تقع في 357 ورقة وعلى آخر النّسخة قيد مقابلة. 3 - (حاشية القليوبي على شرح متن أبي شجاع المسمّى (فتح القريب المجيب) ، لابن قاسم الغزي، في الفقه الشّافعي، ناسخها محمّد بن ناصر النّجدي، وهي أقدم ما وقفنا عليه من منسوخاته في العراق، أتمّ نسخها في شهر شوال سنة 1137هـ، تقع في 143 ورقة (7) ، نرجّح أنّها بخط مترجمنا، وتأكيد ذلك يتطلب الاطلاع عليها وهو ما لم يتيسّر لنا الآن. 4 - (تمايم الدّرر في مناقب السّادة الغرر) ، ليحيى بن إبراهيم البصري (8)، جاء على صفحة العنوان ما نصّه: (كتاب تمايم الدرر في مناقب السادة الغرر تصنيف الإمام والقدوة الهمام القطب في زمانه والزاهد في عصره وأوانه صاحب الكرامات الخارقة للعادة وقدوة للزهاد والسادة سيدنا وملتجانا (9) الشيخ أبو زكريا يحيى بن إبراهيم البصري نفعنا الله بعلومه وجعلنا (ممن) تتبع لآثاره ورسومه آمين يا رب العالمين) (10) ، نسخه سنة 1143هـ، قال في آخره: (وقع الفراغ من كتابة هذا الكتاب الجليل ضحوة الخميس من شهر شعبان، في يوم أربعة عشر منه، على يد أفقر العباد وأحوجهم إلى رحمة ربه الكريم ملا محمد بن ناصر بن حزيم النجدي، ساكن مدرسة عبد اللطيف رحمه الله، غفر الله له ولوالديه وللمسلمين ولمن دعا له بحسن الخاتمة، سنة 1143، من الهجرة النبوية على مهاجرها أفضل الصلاة وأكمل السلام) (11) ، وعليه تملّك هذا نصّه: (مال الشيخ عبد الله ابن الشيخ المرحوم داوود الكوازي، كاتبه ملا محمد بن ناصر النجدي، مبتدا الكتابة من رجب سابع منه سنة 1143) ، [الوثيقتان 3 و4]، يقع في 168 ورقة (336 صفحة) . وقد حقّقه عبد القادر باش أعيان (12) . 5 - (المورد العذب في مواعظ القلب) (13) ، لابن الجوزي، أوّله بخطّ مختلف، والمترجم له نسخ من آخره ثمانية عشر كرّاساً فقط، وذلك سنة 1144هـ، قال في آخره: (تم بقلم الفقير الحقير راجي عفو ربه الكريم، ملا محمد بن ناصر بن حزيم النجدي، غفر الله له ولوالديه ولمن دعا له بالمغفرة، ضحوة الثلاثاء من شهر صفر سنة أربع وأربعين وماية بعد الألف، من الهجرة النبوية على مهاجرها أفضل الصلاة والسلام، كتابة النجدي ثمانية عشر كراس من آخرة) (14) ، [الوثيقة 5]، وعليه تملّك هذا نصّه: (فكيف أقول ملكي وإلى الله ملك السماوات والأرض، وأنا الفقير إلى الله الأوحد عبده عثمان بن سلمان بن محمد بن داود بن أحمد، رحمهم الله، وغفر الله لهم ولجميع المسلمين، وتغمدهم برحمته، سنة 1190) . وهذا المخطوط هو الوحيد الذي وقفنا عليه مما انتقل من مخطوطات المترجم له من العراق إلى عُمان. 6 - (الفواكه الجنيّة على متمّمة الجُرّوميّة) ، للفاكهي، نسخها سنة 1150هـ قال في آخرها: (تمت عشية الأحد 19 من شهر جمادى الأول، خمسين وماية وألف، على يد الفقير حاجي محمد بن ناصر بن حزيم النجدي، غفر الله له ولوالديه آمين) (15) ، [الوثيقة 6]، عدد صفحاتها 204 صفحات، وقد طُبع هذا الكتاب على ثلاث نسخ خطّيّة، الأولى منها النّسخة التي بخط ابن حزيم، وعلى النّسخة تملّك هذا نصّه: (قد دخل هذا الكتاب في ملك الفقير الحقير المقر بالذنب والتقصير، وتراب أقدام الصالحين، حاجي أحمد بن حاجي يوسف بن عبد الله بن محمد بن مصلح بن عبد القادر الكوازي الشافعي والشاذلي، غفر الله لهم ولوالديهم ولجميع المسلمين، والحمد لله رب العالمين، آمين) (16) ، ثم وهبه متملّكه لشخص آخر وهذا نصّه: (أقول وأنا الفقير أحمد بن يوسف بأني قد وهبت هذا الكتاب ليونس بن أحمد بن موسى) (17). 7 - (شرح ألفيّة ابن مالك) ، لمؤلّف مجهول، وفي أوّله نقص، نسخه سنة 1153هـ قال في آخره: (كتبه بيده الفانية الحاج محمد بن ناصر بن حزيم، تابع آل عبد السلام (18)، في شهر شعبان 1153) (19) ، عدد صفحاته 562 صفحة. 8 - (الدّرّة السّنيّة على الدّرّة المضيّة شرح الألفيّة لابن الناظم) ، لزكريا الأنصاري، من كتب النحو، نسخها محمد بن ناصر بن حزيم، سنة 1153هـ، تقع في 280 ورقة (20). يتّضح من ذلك أنّ المخطوطات التي وصلتنا بخطّه تشمل أربعة فنون، هي: ثلاثة كتب في علم الفقه، اثنان منهما في الفقه الحنبلي، وواحد في الفقه الشّافعي، وثلاثة كتب في علم اللّغة العربيّة وتحديداً علم النّحو، وكتاب واحد في التّراجم، وكتاب واحد في الوعظ والإرشاد. ويلفت الانتباه إضافة إلى كثرة نسخه؛ سرعته في النسخ، يدلّ على ذلك أنّ المدّة بين انتهائه من نسخ كتاب (كشّاف القناع) وانتهائه من نسخ (حاشية المنتهى) ، هي شهرين وتسعة أيام فقط، مع أن حجم الحاشية كبير، فإذا قسّمنا عدد أوراق الحاشية على عدد الأيام التي نسخها فيها: 357 صفحة ÷ 69 يوماً = 5. فالنّاتج يوضّح أنّه ينسخ خمس ورقات يوميّاً، ولا يخفى أنّ الكتابة تكون على وجه الورقة وظهرها، أي عشر صفحات، وخمس الورقات تعدل نصف كرّاس في مصطلح المتقدّمين تقريباً، ونسخه لهذا العدد يكون في الأعمّ الأغلب، وليس بالضّرورة أنّ هذا دأبه الدّائم الذي لا يتحوّل عنه، إذ ربّما في بعض الأيام أنّه ينسخ أكثر من ذلك، وأيضاً قد ينشغل في بعض الأيام فلا ينسخ شيئاً، أو أنّه ينسخ أقل من خمس ورقات. وإن ثبت أنّه نسخ في الفترة بين تاريخ انتهائه من نسخ الكتابين المذكورين كُتُباً أخرى، فسيكون معدّل نسخه اليوميّ أكثر ممّا ذُكر. أيضاً من الكتب التي أرّخ بداية ونهاية نسخه لها، كتاب (تمايم الدّرر)، الذي نسخه سنة 1143هـ، فقد أشار لابتدائه في كتابته، فكان ذلك في سابع شهر رجب، وانتهى من نسخه في أربعة عشر من شهر شعبان، أي أنّه مكث في نسخه 37 يوماً فقط، علماً أنّ عدد أوراق الكتاب 168 ورقة (336 صفحة) ، وبذلك نعرف أنّه كان ينسخ أكثر من أربع ورقات (تسع صفحات) في كل يوم. ونسخ في سنة 1153هـ كتاب (شرح ألفيّة ابن مالك) و(الدّرّة السّنيّة) ، إلا أنّه لم يُذكر في الفهرس تاريخ اليوم الذي انتهى من نسخهما فيه، والكتاب الثّاني لم يُذكر الشهر أيضاً، فربّما يكون نسخهما في وقت متقارب. سرعة النّسخ عنده تدلّ على أنّه محترف في النّسخ، وتدلّ أيضاً وبشكل قوي على أنّه نسخ كتباً أخرى لم يصلنا خبرها بعد. وفاته: لم نقف على تاريخ وفاته، فقد عاش أغلب حياته في النّصف الأول من القرن الثّاني عشر الهجريّ، وكان على قيد الحياة حتّى شهر شعبان، سنة 1153هـ، حيث أتمّ نسخ كتاب (شرح ألفيّة ابن مالك) ، ولا نعلم كم مكث بعدها، والأقرب أنّ وفاته كانت في البصرة، فقد انقطعت أخباره عن نجد بعد رحيله. وليس لدينا ما يثبت أنّه أدرك الدعوة الإصلاحيّة التي قام بها شيخ الإسلام الشّيخ الإمام محمّد بن عبد الوهّاب. هذا والله أعلم، وصلّى الله وسلّم على نبينا محمّد، وعلى آله وصحبه وسلّم. الهوامش: (1) راجع أحداث سنة 1136هـ في (تاريخ ابن لعبون) ، و(تاريخ الفاخري) ، و(عنوان المجد) لابن بشر، و(تحفة المشتاق) للبسّام. (2) انفرد المترجم له بالإشارة إلى مدرسة عبد اللطيف هذه، وهي بمدينة البصرة العراقيّة، كانت تقع في محلة المجموعة بجوار جامع الكوّاز، ولا وجود للمحلة ولا للمدرسة اليوم، وصار مكان المجموعة اليوم محلة المشراق، وعبد اللطيف الذي نسبت له المدرسة هو الشيخ عبد اللطيف بن ساري آل عبد السّلام الكوّازي العبّاسي القرشي، وهو عميد أسرة آل عبد السّلام، منحه السّلطان العثماني أحمد خان الثّالث سنة 1118هـ لقب (باش أعيان) ، ويعني بالتركيّة (رئيس الأعيان) ، وهو لقب فخري، لصاحبه امتياز العضويّة الأولى والدّائمة في مجلس ولاية البصرة، والعضويّة الاستشاريّة في مجلس حاكمها، اشتهرت أسرته آل باش أعيان بالعلم، وهم أصحاب المكتبة العبّاسيّة الشّهيرة بالبصرة، انظر: باش أعيان، د. أحمد برهان الدين، (مخطوطات المكتبة العبّاسيّة في البصرة وأسرة آل باش أعيان) ، (مجلة عالم المخطوطات والنّوادر) ، مج5، ع2، 1421هـ، ص 481؛ وباش أعيان، د. أحمد، (موسوعة تاريخ البصرة) ، دار الحكمة، لندن، ط1، 2019م، ج1، ص 74، و89؛ والصّانع، عبد الرّزاق بن عبد المحسن، والعلي، عبد العزيز بن عمر، (امارة الزّبير بين هجرتين) ، الكويت، ط1، 1406هـ، ج1، ص 35. (3) نسبة لشيخ طريقتهم محمّد أمين الكوّاز الشّاذلي (ت 953هـ / 1546م) ، مؤسّس الطّريقة الكوّازيّة، وقد جُعل لقبره ضريح في جامع الكوّاز بالبصرة، وقد سُمّي الجامع باسمه، وفي سنة 1011هـ / 1602م، بَنى الشيخ عبد السّلام الثاني العبّاسي القبّة الموجودة إلى الآن على ضريحه، انظر: العبّاسي، الشيخ عبد القادر باش أعيان، (البصرة في أدوارها التّاريخيّة) ، دار البصري، 1381هـ / 1961م، ص 81؛ وللتّوسع عن الطّريقة الشّاذليّة ينظر: العتيبي، د. خالد بن ناصر، (الطّريقة الشّاذليّة عَرض ونَقد) ، مكتبة الرّشد، الرّياض، ط1، 1432هـ / 2011م؛ ولشيخ الإسلام محمّد بن عبد الوهّاب، رحمه الله، ردود على بعض النّجديّين الذين كانوا يذهبون لقبّة الكوّاز في العراق ولغيرها من القباب، منكراً عليهم ذلك، انظر مثلاً: (مؤلفات الشيخ الإمام محمّد بن عبد الوهّاب) ، القسم الخامس - الرّسائل الشّخصيّة، جامعة الإمام محمّد بن سعود الإسلاميّة، الرّياض، ص 27، و204. (4) المنيف، د. عبد الله بن محمّد، (صناعة المخطوطات في نجد) ، أروقة للدّراسات والنّشر، عمّان، ط1، 1435هـ، ص 313، والفريّان، د. الوليد بن عبد الرّحمن، (الوراقة في منطقة نجد) ، دارة الملك عبد العزيز، الرّياض، 1433هـ، ص 74. (5) نسخة محفوظة في مكتبة خاصّة، زوّدنا بمصوّرتها مشكوراً الشيخ الفاضل أحمد بن عبد الله المقبل السّبيعي، من أهالي بريدة، وفّقه الله. وللفائدة ننقل ما جاء تحت خاتمة النّاسخ، حيث كتب أحد الموثّقين المعتمدين في بلد الغاط وهو الشيخ سليمان بن إبراهيم الفدّاغ (ت 1200هـ تقريباً) ، بخطّه ما نصّه: (توفي الشيخ سليمان بن محمد بن علي بن محمد بن عيسى بن حمد بن عيسى، يوم الخميس مضايا ذي الحجة ستاً وعشرين، من شهور سنة ثلاث وثمانين ومئة وألف، من هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، على مهاجرها أفضل الصلاة والسلام، غفر الله له ولوالديه إنه جواد...). والشيخ سليمان بن محمّد هو جدّ أسرة آل علي أهل الغاط، الذين هم من بني ثور من سبيع، انظر: أبانمي، خالد بن عبد الرّحمن، (الشيخ يوسف بن حمد آل سالم - أحد أئمّة جامع الرّويضة بسدير زمن الدّولة السّعوديّة الثّانية) ، دار الرّضوان، مصر، ط1، 1442هـ / 2020م، ص 57. (6) نسخة محفوظة في المكتبة السّعوديّة برقم (589 / 86) ، وهي الآن ضمن مخطوطات مكتبة الملك فهد الوطنيّة بالرّياض، انظر: آل الشيخ، عبد المحسن بن عبد العزيز، (الفهرس المُصوّر لمخطوطات ومصوّرات مكتبة الرّياض السّعوديّة العامّة) ، ط1، 1435هـ، ج2، ص 275. (7) أصلها محفوظ في جامعة البصرة برقم (167) ، انظر: (فهرس المخطوطات العربيّة المحفوظة في المكتبة المركزيّة لجامعة البصرة) ، لعبد الجبّار عبد الرّحمن ومجبل لازم مسلم، جامعة البصرة، 1977م، ص 55؛ وكذلك (مجلّة المورد) ، بغداد، ج8، ع2، 1399هـ، ص 354. (8) توفي المؤلف في حدود سنة 1070هـ، وقد رتّب كتابه على أحد عشر فصلاً، وخصّ كلّ واحد في ذكر كرامة لشيخ من شيوخ الطّريقة الكوّازيّة، وتطرق خلال ذلك إلى لمح تاريخيّة عن البصرة، وعن أعمال أولئك المشايخ الذين ذكرهم، خاصّة الشيخ عبد السّلام بن عبد القادر الكوّازي المتوفى سنة 1035هـ، الذي صار رئيساً لتلك الطّريقة الصّوفيّة الشّاذليّة، انظر: الخاقاني، علي، (مخطوطات المكتبة العبّاسيّة في البصرة) ، مجلة المجمع العلمي العراقي، مج10، 1382هـ / 1962م، ص 228. (9) هذه من عبارات الغلوّ المجاوزة لحدود الشّرع، للتّوسع ينظر: ابن تيميّة، أحمد بن عبد الحليم، (الاستغاثة) ؛ وعبد الرّحيم، علاء إبراهيم، (القُطب والغَوث والأبدالُ والأوتادُ بين الصّوفيّةِ ودلالات النّصوص الشّرعيّة) ، مركز سلف للبحوث والدّراسات. (10) ثم جَردٌ لنسبٍ هكذا: (نسب آل الشيخ عبد القادر، الشيخ صالح ابن الشيخ عبد القادر ابن الشيخ ساري ابن الشيخ ضاعن ابن الشيخ اصبع ابن الشيخ علي ابن الشيخ عبد السلام ابن الشيخ ساري ابن الشيخ أحمد ابن الشيخ محمد ابن الشيخ إبراهيم ابن الشيخ حسن ابن الشيخ محمد ابن الشيخ عبد الأعلى ابن الشيخ شهاب الدين أحمد ابن الشيخ نور الدين محمد ابن سيدنا العباس ابن عبد المطلب الهاشمي القرشي قدس الله روحه ونور ضريحه ونفعنا الله من بركاته الجميع آمين ونسأل الله الكريم أن يوفقنا وإياكم للصواب ويدخلنا الجنة بغير حساب إنه كريم وهاب آمين يا رب العالمين) . (11) صورة زوّدنا بها مشكوراً د. أحمد بن ضاعن السّمدان، من دولة الكويت. (12) انظر: الحجّاج، عادل محمّد، (معجم الأعلام) ، دار المعتز، عَمّان، ط1، 1434هـ، ص 174. (13) يظهر أنّ في هذا العنوان تصحيف من النّسّاخ، والكتاب مطبوع، انظر: ابن الجوزي، عبد الرّحمن بن علي، (المورد العذب في المواعظ والخطب) ، تحقيق أروى سمير مجذوب، دار التّبيان، بيروت، ط1، 1434هـ، ص 34. (14) نُسخة محفوظة في سلطنة عُمان، في مكتبة وزارة التّراث القومي بمدينة مسقط، الرقم العام (2699) ، والخاص (47) تصوّف، مصدرها الاستاذ محمّد بن عامر العيسري، بواسطة الاستاذ إبراهيم بن عبد العزيز اليحيى، فللجميع وافر الشّكر. (15) هذه النّسخة محفوظة في مكتبة الأوقاف العامّة ببغداد، برقم (1390) ، انظر: الفاكهي، عبد الله بن أحمد، (الفواكه الجنيّة على متمّمة الجروميّة) ، تحقيق د. عماد علوان العبّادي، دار الصّميعي، الرّياض، ط1، 1429هـ، ص 49. (16) الفاكهي، (الفواكه الجنيّة) ، ص 49. (17) الفاكهي، (الفواكه الجنيّة) ، ص 54. (18) أسرة آل عبد السّلام هم شيوخ الطّريقة الكوّازيّة في وقت المترجم له وبعده، انظر: باش أعيان، (موسوعة تاريخ البصرة)، ج1، ص 88، وفيما يظهر أنّ مراد المترجم له بقوله تابع، أي المتأثّر بطريقتهم في التّصوّف، وقد نسخ كتاباً خاصّاً بهذه الطّريقة. (19) هذه النّسخة محفوظة في المكتبة العبّاسيّة بالبصرة، برقم (أ - 9)، أنظر: الخاقاني، علي، (مخطوطات المكتبة العبّاسيّة في البصرة)، مجلة المجمع العلمي العراقي، مج8، س1380هـ / 1961م، ص 282. (20) هذه النّسخة محفوظة في مكتبة الأوقاف العامّة ببغداد، برقم (1350)، انظر: الجبوري، عبد الله، (فهرس المخطوطات العربيّة في مكتبة الأوقاف العامّة في بغداد) ، رئاسة ديوان الأوقاف، بغداد، 1974م، ج3، ص 293.

مشاركة :