طرق الوقاية من أمراض القلب

  • 9/27/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

نسمع كثيراً كلمة اعتلال القلب أو احتشاء العضلة القلبية أو الذبحة الصدرية، وربما لا يدرك أحد المعنى المقصود منها، ولتوضيحه لابد أن نعرف طبيعة التغذية الدموية التي يحتاجها كل عضو من أعضاء الجسم لكي يقوم بوظيفته، وأن القلب هو العضو المنوط بتوزيع الدم النقي على أجهزة الجسم المختلفة، ولكن كيف يتغذى هو نفسه - كعضلة - بالدم؟ الإجابة ببساطة مجموعة من الشرايين تقوم بحمل الدم النقي إليه، ليقوم بمهامه كباقي أعضاء الجسم، هذه الشرايين تتعرض شأنها في ذلك شأن كل شرايين الجسم للتضيق، وإلى الانسداد بسبب ارتفاع نسبة الكوليسترول الضار في الدم، وزيادة نسبة الدهون الثلاثية والإصابة بالأمراض المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري. وفي الآونة الأخيرة ازدادت معدلات الإصابة بمرض الذبحة الصدرية، التي أصبحت تشكل خوفاً ورعباً لدى الجميع، وأصبحت مرض العصر الذي يتميز بالتوتر والقلق كعاملين من العوامل المهمة في حدوثها وسببين لمضاعفتها. والذبحة لها عارض مهم ويعتبر رئيسياً وهي آلام بمنتصف الصدر أو خلف منطقة منتصف عظمة القفص الصدري، تزداد مع المجهود وربما تمتد إلى الذراع اليسرى وتختفي بعد دقائق من التوقف عن المجهود. ويمكن فصل الذبحة الصدرية عن بقية الآلام الصدرية التي لها أسباب عديدة مختلفة غير القلب، حيث تنشأ آلام الصدر من أحد الأسباب الآتية: إما آلام روماتزمية بعضلات القفص الصدري، أو التهاب حاد بالغشاء البلوري للرئتين، أو التهاب فيروسي بأعصاب القفص الصدري، أو التهاب روماتزمي بالعمود الفقري أو تآكل بغضاريفه. لا يجب إغفال أن القلق النفسي والتوتر يسببان آلاماً في الصدر كثيراً ما تختلط مع آلام الذبحة الصدرية، وربما يصعب على غير الطبيب المدقق الكشف عنها. كما يجب ألا نتجاهل أي آلام في الصدر عند الإحساس بها، بل يجب الإسراع بعرض الأمر على الطبيب، حيث يمكنه تشخيص سببها تشخيصاً صحيحاً. وكثيراً ما يسبب القلق والتوتر النفسي آلاماً في الصدر، يخشى المريض أن تكون الذبحة الصدرية ولكن تختلف هذه الآلام في مكانها من الصدر وفي نوعيتها وفي مسبباتها، فبينما تكون آلام الذبحة الصدرية في منتصف الصدر أو تحت عظمة القفص، تكون آلام التوتر النفسي بالصدر في منطقة الثدي الأيسر أو تحته أو حوله، وبينما تمثل آلام الذبحة الصدرية ألماً غير حاد أشبه ما يكون بالضغط أو الثقل على الصدر، تكون آلام التوتر النفسي حادة وأشبه بالنغز وبينما تأتي آلام الذبحة الصدرية مع المجهود الجسدي تجيء آلام التوتر النفسي مع الانفعالات والمضايقات النفسية وبينما تختفي آلام الذبحة الصدرية بعد دقائق من التوقف عن المجهود الجسدي، تستمر آلام التوتر العصبي ساعات وربما تطول إلى أيام. على أن اضطرابات القلب تتضمن عوارض كثيرة، منها ما يمكن التعرف إليه من خلال الأبحاث العلمية أو التجارب العملية، ويعتبر الكوليسترول أحد العوامل المؤثرة إيجاباً أو سلباً على حالة القلب، فهناك نوعان منه، أحدهما مفيد والآخر ضار، واكتشف باحثون في كلية الطب، وكلية الصحة العامة بجامعة مينيسوتا الأمريكية، أنزيماً يمكنه الحد بشكل كبير من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، في حالات وجود مستويات منخفضة من الكوليسترول مرتفع الكثافة (أو الكوليسترول الحميد) المعروف اختصاراً باسم إتش دى إل HDL ويعد هذا الأنزيم الجلوتاثيون glutathione peroxidase، أو جى بى إكس3 GPx3- أحد مضادات الأكسدة الطبيعية التي تساعد على حماية الكائنات الحية من الإصابة بالأكسدة، ويساعد الجسم على معالجة نفسه بشكل طبيعي. ووجد الباحثون أن هذا الأنزيم لا يحدث فارقاً كبيراً في حالة المرضى الذين يعانون مستويات مرتفعة من الكوليسترول الحميد، ولكنه ذا فائدة كبيرة للغاية في حالة المرضى الذين يعانون انخفاض مستويات الكوليسترول الحميد. وعلاوة على ذلك، فإن العلاقة بين هذا الأنزيم وأمراض القلب والشرايين تساعد أيضاً على تحديد مخاطر القلب والأوعية الدموية لدى المرضى، الذين يعانون من انخفاض مستويات الكوليسترول الحميد ومن مستويات منخفضة من أنزيم جى بى إكس3. وبعيداً عن الكوليسترول، أشارت البحوث إلى أن هناك عوامل خطورة للإصابة بالذبحة الصدرية وهى التدخين، ومرض البول السكري، وضغط الدم المرتفع. ودهنيات الدم. وتساعد هذه الأسباب على تصلب جدران شرايين القلب وعلى ضيقها، ما يقلل من سريان الدم فيها فتنشأ الآلام عند المجهود الجسدي الذي يتطلب زيادة في تدفق الدم لتغذية عضلته بالأوكسجين اللازم، وهو ما يعرف طبياً بالذبحة الصدرية أو إلى تجلط الدم في الأجزاء الضيقة من الشرايين فيتوقف الدم تماماً عن تغذية جزء من عضلة القلب، فتموت وهو ما يعرف طبياً باحتشاء عضلة القلب. وتختلف أعراض احتشاء عضلة القلب عن أعراض الذبحة الصدرية، وكثيراً ما يسبب الاحتشاء أعراض الذبحة لمدة تطول أو تقصر أو يأتي الاحتشاء من دون سابق أعراض، وكثيراً ما تحدث أعراضه أثناء النوم فيصحو المريض على آلام مبرحة بالصدر لا يخففها جلوس أو اضطجاع على جنب أو آخر ويصاحبها ميل للقيء أو عرق غزير وربما تتطور إلى هبوط بأداء القلب أو الدورة الدموية، وربما تختفي هذه الأعراض بعد ساعات قليلة بلا تدخل طبي فيظن المصاب بها، أنها حالة عسر هضم لما صاحبها من غثيان أو تحسن بعد القيء. هناك العديد من الأمراض التي تؤثر في القلب والأوعية الدموية، من بينها الأمراض الخلقية، حيث ربما يصاب قلب الجنين داخل رحم الأم نتيجة لعوامل وراثية أو نتيجة لحمى تتعرض لها الأم أو دواء تناولته أثناء الشهور الثلاثة الأولى من الحمل، وتؤثر هذه العوامل في القلب فتعيق تطوره ونموه ومن أكثر هذه الإصابات حدوث عدم اكتمال في نمو الحاجز الأذيني أو البطيني، ما ينشأ عنه ما يعرف بثقب في القلب بين الأذنين أو البطينين، ومنها ما يؤثر في تكوين شرفات الصمامات، ما ينتج عنه ضيق يمنع أو يقلل من سريان الدم فيها أو يسبب خللاً في مسار الدم فيها. هذه الأمراض الخلقية متعددة ومن بينها ما يسمى بالمرض الأزرق أو الزرقة القلبية، إذ يولد الطفل ولونه في زرقة السماء نتيجة لضيق في الصمام الرئوي أو انحراف في الشريان الأورطي إلى اليمين، فيتلقى الدم من كلا البطينين الأيسر والأيمن، بدلاً من الأيسر فقط، ما يُحدث تضخماً في عضلة البطين الأيمن لما يبذله من جهد زائد لضيق في مخرجه، ولدفع الدم في الشريان الأورطي. علاج هذا المرض عن طريق التدخل الجراحي، بإغلاق الثقب في الحاجز البطيني وتوسيع مخرج البطين الأيمن إلى الرئة فيسير الدم في مساره الصحيح ويشفى الطفل تماماً. ومؤخراً أصدرت جمعية القلب الأمريكية، قائمة من سبع خطوات لتقليل احتمالات الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، شملت عدم التدخين والنشاط البدني ومنع الوزن الزائد والمحافظة على مستويات الكوليسترول الصحي والإبقاء على ضغط الدم منخفضاً وتنظيم مستويات السكر في الدم وأخيراً الأكل الصحي. لكن أحد الخبراء المختصين في المجال قال، إن عدد الذين لبوا كل المعايير السبعة كان ضئيلاً. وأضاف أن مجرد النظر إلى تلك الخطوات البسيطة وقياس ماهية نسبة الشعوب المختلفة في أنحاء العالم المتقدم لتلبية تلك المعايير تجد أنها لا تتجاوز 0.1% فقط. وبالنظر إلى احتمال الإصابة بمرض قلبي وعائي فإن شخصاً واحداً فقط في كل ألف شخص يكون سليماً. واستطرد قائلاً: التمارين الرياضية والتغذية السليمة هما أصعب مؤشرين للوصول إلى صحة القلب والأوعية الدموية. وأشار الخبير إلى أن عدداً أقل بكثير من الناس التزموا بالـ 150 دقيقة الموصى بها لممارسة الرياضة الأسبوعية، من الذين زعموا أنهم فعلوا ذلك، وعلى الرغم من أن 60% من الناس يقولون إنهم يبذلون هذا الكم من الوقت فإنه عند تقييمهم بشكل مناسب، اتضح أن الثلث فقط هم الذين يفعلون ذلك. وقال الخبير أيضاً، إن وقف الملح والسكر فجأة من النظام الغذائي الحديث أمر في غاية الصعوبة، بمعنى أن القليل من الناس هم الذين يأكلون فعلاً بطريقة صحية. وأضاف أن الفوائد الصحية من الالتزام بكل الخطوات السبع أمر مذهل. وقال أولئك الذين يلبون هذه المعايير لا يصابون بنوبات قلبية قبل سن الـ65. يشار إلى أن ثلثي البالغين في بريطانيا إما أنهم زائدو الوزن وإما بدناء، وهو ما يجعل المملكة المتحدة أسمن أمة في أوروبا الغربية. لكن الخبير قال إن البريطانيين ينبغي أن ينسوا أمر الوزن كنهاية في حد ذاته، ويركزوا بدلاً من ذلك على الإقلاع عن التدخين وبذل نشاط بدني. وقال كونك نشيطاً بدنياً مفيد في حد ذاته لصحة قلبك. وأضاف أنه من بين الأشخاص البدناء الذين لديهم نفس محيط الخصر، فإن أولئك الذين كانوا نشطاء بدنياً كان لديهم نصف احتمال الإصابة بمرض قلبي، كأولئك الذين كانوا كثيري الجلوس. كما أشارت دراسات حديثة إلى أن الحقن المضادة لفيروس الإنفلونزا تساعد على تقليل احتمالية الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 50%. ففي تقرير نقلته الـ CNN، قال جراح القلب والأوعية الدموية د. جيكوب أوديل، أحد الباحثين المسؤولين في دراسة متخصصة: قمنا بتحليل لأربع دراسات سابقة متعلقة بحقن الإنفلونزا وأمراض القلب والأوعية الدموية، ولجأنا إلى عينة ممثلة بـ (3227) شخصاً، نصفهم عانوا أمراض القلب والأوعية الدموية، إذ تم حقن نصف عينة الدراسة بلقاح الإنفلونزا، أما النصف الآخر فتم حقنهم بلقاحٍ وهمي. وأثبتت نتائج الدراسة الأولى أن فرص إصابة الأشخاص الذين تلقوا لقاح الإنفلونزا بالأزمات القلبية تضاءلت إلى 50%، إضافة إلى انخفاض فرص الوفاة المرتبطة بالأمراض القلبية بمقدار 40 في المئة. بينما أشارت دراسة أخرى، أجراها مركز سني بروك للعلوم الصحية في تورنتو، بكندا، إلى دور لقاح الإنفلونزا في تقليل حاجة شحن بطاريات أجهزة القلب الاصطناعية بشكل ملحوظ، ولكن الدراسة أشارت إلى أن الأشخاص الذين تلقوا لقاح الإنفلونزا تقل حاجتهم إلى شحن قلوبهم الاصطناعية، خاصة لأولئك ممن تلقوا اللقاح على مدار العامين، مقارنة مع الأشخاص الذين لم يحقنوا باللقاح. ورغم أنه لم يتم التطرق إلى كيفية تمكن لقاح الإنفلونزا من تقليل فرص الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، إلا أن المختصين أشاروا إلى احتمالية تحفيز اللقاح لمناعة الجسم وتوليده للأجسام المضادة التي تتحرك في شرايين الدم، وبالتالي فإن حركتها تمنع من انسداد الشرايين، الأمر الذي يقلل من فرص الإصابة بالسكتات القلبية. وتأتي هاتان الدراستان كدعمٍ لتصريحات الجمعية الأمريكية لأمراض القلب، التي تحث على ضرورة أخذ لقاح الإنفلونزا لكل من يزيد عمره عن الستة أشهر، وذلك لتقليل الإصابة بمرض الإنفلونزا، والتي يمكن أن تتسبب بموت البعض، مثل كبار السن والحوامل والأطفال الرضع.

مشاركة :