على مدار أكثر من 12 عاماً خاض الفنان الشاب كريم الأبنودي عدة تجارب تنوعت بين التمثيل والغناء، وهي التجارب التي سعى من خلالها إلى إثبات موهبته الفنية، والتي يسعى في الوقت الراهن إلى إتقانها بمزيد من الدراسة الاحترافية في الخارج، بعدما ودع مرحلة الطفولة التي عرفه الجمهور من خلالها. حول تجربته ودراسته الحالية، كان لنا معه هذا الحوار: • متى بدأت علاقتك بالشاعر عبدالرحمن الأبنودي؟ - عندما كان عمري نحو 4 سنوات كنت اقوم بتعلم البيانو لدى الموسيقار زياد الطويل نجل الراحل كمال الطويل، وخلال تواجدي مع والدتي هناك، كنت أحفظ احدى قصائد الشاعر الكبير عبد الرحمن الابنودي، والذي، بالمناسبة، لا تربطني به أي علاقة قرابة، فقلت هذه القصيدة بمحض المصادفة بوجود الإعلامي الكبير محمود سعد، الذي تحدث مع الشاعر الكبير عبر الهاتف، وأخبره أن هناك طفلاً في الرابعة من عمره يحفظ بعض قصائده، وبعدها أصر الاستاذ محمود على أن اظهر مع الشاعر الكبير الراحل في برنامجه "البيت بيتك"، وهو البرنامج الذي كان الأكثر شهرة في التلفزيون المصري في ذلك الوقت، ويحظى بنسبة مشاهدة كبيرة. أحببت قصائد عبد الرحمن الابنودي وكتاباته، وأحببت الطريقة التي يقوم بإلقاء قصائده بها، وكنت أبحث عنها عبر الانترنت، وأستمع لها وأشاهدها، وقد ساعدتني كثيراً في فهم الكثير، صحيح أنني في البداية لم أكن افهم الكثير منها، لكني أحببتها، وهذا الحب كان دافعاً لأن أحفظها حتى قبل أن اعرف انني سألتقي به. • وكيف دخلت عالم التمثيل؟ - بعد ظهوري في برنامج "البيت بيتك" وجدت المخرج محمد الشال يتصل بوالدتي أثناء التحضير لمسلسل عن حياة الشيخ عبد الحليم محمود، وهو المسلسل الذي كان يقوم ببطولته الفنان حسن يوسف، لكن والدتي كانت ترى أنني مازالت صغيراً على مسألة التمثيل، لكن المخرج محمد الشال تمسك بي، وطلب أن يراني، وبالفعل ذهبنا إليه والتقينا به واختارني لأكون أحد الأطفال الموجودين بالعمل. اتذكر في أول يوم تصوير أنني قمت بتصوير مشهد مع الفنان حسن يوسف وآخرين وكنت أجلس معهم على طاولة واحدة، ولم يكن لي حديث في هذا المشهد، وخلال الاستراحة، كنت اقوم بأداء صلاة العصر ووجدت الاستاذ حسن يوسف يتحدث معي، ويسألني إذا كنت معهم في العمل حيث كنا نصور الخارجي في منطقة دهشور على أطراف القاهرة، فأخبرته بأنني معهم، وأن هناك مشهداً كنت معه فيه قبل قليل، وخلال حديثنا عرف مني أنني أجيد الفرنسية والانكليزية، بحكم دراستي في المدرسة، وهو ما كان بمثابة نقطة تحول. تصادف أثناء هذا اليوم أن فريق العمل كان يبحث عن طفل يجيد الفرنسية أو حتى كلمات بسيطة منها، من أجل تقديم دور نجل الشيخ عبد الحليم محمود الذي عاش في فرنسا، وهو ما دفع الاستاذ حسن لسؤال المخرج عن المشاهد التي قمت بتصويرها، وبالفعل تم اختياري لدور نجله في المسلسل وإلغاء المشهد الوحيد الذي صورته ضمن مجموعات الأطفال، وجمعتني معه ذكريات عديدة جيدة، فهو لم يكن يخاطبني إلا بمصطلح النجم، توقع لي مستقبلاً كبيراً فهو من الشخصيات المحترمة التي شجعتني جداً، ولم أكن وقتها بلغت الست سنوات. بعد هذه التجربة قدمت مسرحية "بيت الدمية" مع المخرج علي خليفة وكانت أول تجربة بالنسبة لي على خشبة المسرح وكنت سعيدا بها لعدة أسباب، من بينها مشاهدة الاستاذ سعد أردش لها واشادته بموهبتي بجانب محاولاتي السابقة لكتابة مسرحيات بشكل غير مكتمل وناضج، واتذكر أول مسرحية كانت عن "الجرجير" بالتأكيد لم يكن مضموناً مناسباً لعمل مسرحي، لكنها كانت فكرة بالنسبة لي جيدة للغاية، وقدمت خلال هذه الفترة أيضا فقرة بعنوان "كريم والخيل" مع الشاعر الكبير عبد الرحمن الابنودي واستمرت عدة أسابيع وكانت تجربة مهمة بالنسبة لي. خلال هذه الفترة تواصل داني نجل المخرج الراحل سمير سيف مع والدتي وطلب منها لقائي ووقتها كان يقوم بالتحضير لمسلسل "نسيم الروح" وعندما ذهبت للقاء الأول اشاد بي لكن المنتج محمد الجابري كان يخشى من صغر سني واتذكر أنني قمت وجعلته يشاهد مقاطع على الهاتف كنت احتفظ بها من تجربتي مع الفنان حسن يوسف، ومن بينها المشاهد التي كانت بالفرنسية، وهو ما جعل المخرج سمير سيف يقول للمنتج محمد الجابري: "ده حافظ قصائد الأبنودي، مش هيعرف يحفظ سيناريو"، وكان تخوف الجابري مرتبطاً بوجود جمل طويلة في السيناريو، يجب أن احفظها في التصوير. • كيف تعرفت إلى الفنان نور الشريف؟ - تصوير مسلسل "نسيم الروح" كان بداية لتعرفي على المخرج اسماعيل عبد الحافظ الذي كان يصور عملاً آخر بجوارنا في البلاتوه، وجاء عدة مرات أثناء تصوير مشاهدي لدرجة أنه طلب من المخرج سمير سيف ابلاغه بمواعيد تصوير مشاهدي، ولم اكن اعرف السبب حتى انتهيت من التصوير، وبعد انتهاء التصوير بعام تقريباً، تواصل مع والدتي المنتج محمد الجابري الذي أخبرها برغبة المخرج اسماعيل عبد الحافظ في الاستعانة بي بمسلسل "الرحايا" الذي يجري تحضيره وسيقوم ببطولته الفنان نور الشريف، وهو ما تزامن مع اختياري في أكثر من تجربة وتواصلت الشركات مع والدتي. خلال تحضيرات العمل انتقل اخراجه إلى المخرج حسني صالح الذي كان في بدايته الفنية وعندما التقيت الاستاذ نور الشريف أبدى اعتراضه بسبب صغر سني، وخاصة أن العمل دراما صعيدية وهناك الكثير من التفاصيل الأمر الذي شهد مناقشات مطولة مع المخرج حسني صالح، وتم الاتفاق على اجراء مراجعة للحوار قبل حسم مسألة اختياري للمسلسل من عدمه وحصلت والدتي على سيناريو حلقات وبدأت التدريب معها في البيت قبل البروفة الجماعية، وتحدثت بلهجة صحيحة أمام الفنان نور الشريف الذي كان لا يزال يشعر بالقلق خاصة مع وجود مشاهد كثيرة تجمعه معي. خلال المناقشات اقترحت الفنانة سوسن بدر أن ابدأ تصوير مشاهدي معها أولا ونبدأ بالمشاهد الصعبة في سوهاج، وتحديدا مشاهد عش البدارة، وما علمته بعد ذلك أنها اتفقت مع الاستاذ نور على أن تعود له بأسطوانة مصور عليها جزء مما نقدمه ليحسم موقفه، فرغم أنه لم يكن يتدخل في فريق العمل إلا أن دور الطفل كان الاكثر أهمية بالنسبة له، وحدث هذا الأمر بالفعل بعد أن صورت يومين عادت سوسن بدر إلى القاهرة وتحدثت مع الاستاذ نور وبالمصادفة اضطررت للعودة مع والدتي بسبب الامتحانات وحصلت على إجازة أسبوعين حتى اؤدي الامتحانات الخاصة بي، لكن استاذ نور بعد مشاهدة ما جرى تصويره طلب تصوير مشهد معي على الفور لحسم الأمر ووقتها اتصل هو بوالدتي وطلب أن نقوم بالتصوير يوم الجمعة فقط حتى يتأكد من التفاهم بيننا وبالفعل صورت معه هذا اليوم واطمئن قلبه خاصة انه اختار أن يكون مشهد موت توحيد هو أول مشهد نقوم بتصويره وبعد الانتهاء من تصويره قام بالتصفيق لي وقال لي انت استاذ، وعدت لأستكمل الامتحانات وبعدها قمت بالسفر مجدداً إلى سوهاج لاستكمال التصوير. خلال أيام التصوير كان اهتمام الاستاذ نور بي غير عادي، فهو كان يحرص على أن تكون غرفتي بجوار غرفته، ويسألني باستمرار ما إذ كنت بحاجة لبعض الاشياء واصطحبني في جميع تحركاته بما فيها تكريمه من محافظة سوهاج لدرجة أن كثيرين كانوا يعتقدون بأنني حفيده وليس ممثلاً فقط في المسلسل. • وماذا عن تجربتك في الغناء؟ - قبل تصوير مسلسل "الرحايا" كنت ارغب في احتراف الغناء، خصوصا أنني أجدت العزف على البيانو، وطلبت من والدتي أن تذهب بي إلى دار الاوبرا، وبالفعل توجهنا إلى الدكتورة نادية عبدالعزيز في مركز الابداع، وطلبت منها أن تسمعني، وقمت أمامها بغناء "أحلف بسماها وبترابها" للعندليب الاسمر عبد الحليم حافظ، وفوجئت بأنها قررت أن أكون صوليست للحفلة التي كان ستقام بعد ثلاثة أيام، الامر الذي فاجأني، وجعلني أتدرب كثيراً وسريعاً. لم اتمكن من التوفيق بين الغناء والتمثيل بسبب كثرة تدريبات الغناء التي كان يفترض أن احضرها وارتباطي بالأعمال الدرامية الأمر الذي جعلني اقرر أن اركز في التمثيل، خاصة بعدما كاد الامر يتسبب في مشكلات عدة، لاسيما خلال فترة تصوير مسلسل "الرحايا" والوقت الطويل الذي كنت اقضيه في التصوير، بما يتعارض مع مواعيد التدريبات وبروفات الحفلات. قدمت خلال أشهر قليلة في الغناء عدة حفلات بين دار الاوبرا وساقية الصاوي وكنت سعيداً بهذه التجربة التي جمعتني مع الدكتورة نادية عبد العزيز، لاسيما أنها آمنت بموهبتي وشجعتني كثيراً، وكاد يحدث بينها وبين شقيقتها الفنانة سميرة عبدالعزيز مشكلة بسبب استمراري في الغناء وتعطيلي تصوير "الرحايا"، حيث وجه فريق العمل لوماً للفنانة سميرة عبد العزيز بسبب دعم شقيقتها لي بالغناء، وكان علي الاختيار انذاك بين التمثيل والغناء لاستحالة الجمع بينهما. • كيف بدأت أولى تجاربك السينمائية؟ - بعد تقديم "الرحايا" التقيت بالمصادفة المخرج خالد يوسف، وكان مكتبه في حي المهندسين في الجهة المقابلة من منزل جدي لوالدتي، وهو لواء سابق يتسم بالصرامة وبينه وبين خالد مشكلات بسبب الزحام الذي يحدث أمام مكتبه باستمرار، ويؤثر على الحركة في الشارع، وعندما شاهدني خالد اقوم باللعب في الشارع قام بالحديث معي، وأخبرني أنه كان يبحث عني من أجل فيلمه الجديد، ووقتها كان يحضر لفيلم "دكان شحاتة"، فأخبرته بأنني اعرفه وأعرف نجله يوسف، لأننا في مدرسة واحدة، وعندما علم أن جدي اللواء الذي دخل معه في خلافات من قبل شعر بالقلق لأنه كان يفترض أن يتحدث مع والدتي فطلبت منه أن يصعد معي إلى جدي، وهذا اليوم كان احتفالاً عائلياً بزفاف خالي. تجدد الخلاف بين جدي وخالد يوسف بعدما شاهده معي، وأخبرته بأنه والد صديقي يوسف في المدرسة، وقلت لجدي إنه مخرج فيلم "هي فوضى" الذي يحبه، ومن هنا بدأت الأمور في الحلحلة بينهما وحضر الزفاف، ثم جلس مع والدتي في مكتبه، واتفقت معه على تجربة "دكان شحاتة" وأتذكر أنني حصلت على أجر ألف جنيه في هذا الفيلم، وكانت والدتي ترافقني في جميع أيام التصوير. وبفضل هذا الموقف تحولت العلاقة المتوترة بين جدي وخالد يوسف إلى علاقة صداقة قوية وكانا يتحدثان باستمرار، كما قام خالد يوسف بترشيحي للمخرج خالد الحجر للاشتراك في فيلم "الشوق"، لدرجة أنه جعل والدتي تقوم بتوقيع تعاقد الفيلم على الفور في مكتبه، لاسيما أن جدي كان وقتها بدأ يشعر بالضيق من كثرة الاعمال التي اشارك فيها، وخوفه من أن يؤثر هذا الأمر على مستقبلي. أعتبر "الشوق" من التجارب المهمة في حياتي، خاصة أنها جعلتني اذهب إلى مستشفيات الأطفال، لأعرف كيف يتعامل الأطفال المصابون بالفشل الكلوي، ودرست مع الأطباء وتحدثت معهم، وأتذكر أنه في أحد المشاهد وضع لي المخرج خالد الحجر طعاماً فأخبرته بأن التوقيت ليس مناسباً للطعام وفق طبيعة المرضى، وأشاد باهتمامي بالتفاصيل وبالفعل غير في المشهد. • فيلم "حلاوة روح"... ما ملابسات اختيارك لأداء الدور أمام هيفاء وهبي؟ - أتذكر المرة الأولى التي التقيت فيها مع المخرج سامح عبدالعزيز، وكانت خلال تكريم لي في المركز الكاثوليكي للسينما، وكانت ترافقه والدته في هذا التكريم، وقامت بالترحيب بي والاحتفاء بي وقبلتني، وقالت لي إنها تحبني وطلبت من سامح أن يجعلني اعمل معه، وأخبرها بأنه ينوي ترشيحي لعمل جديد، ومر على هذا اللقاء 5 سنوات، إلى أن تحدث مع والدتي أحد الافراد من مكتبه يطلب منها أن نلتقيه في مكتب السبكي، وقبل أن نذهب في الموعد المحدد طلب سامح من والدتي أن نمر عليه في مكتبه بالبداية، وبالفعل قمنا بزيارته ووجدت والدة الاستاذ سامح موجودة في المكتب، وقامت بتقديم هدية لي، وقمنا بعدها بالتوجه لمكتب السبكي. ما علمته بعد ذلك أن هيفاء وهبي طلبتني بالاسم لاكون معها في فيلم "حلاوة روح"، وكان هناك اطفال كثيرون، للاختيار فيما بينهم، وهيفاء هي سبب تقديمي لهذا العمل وسبب بقائي فيه، خاصة أن السبكي كان يرغب في ترشيح طفل آخر، لكنها هددت بالانسحاب من الفيلم حال استبعادي، ورغم أن أجرى بالعمل كان 5 آلاف جنيه فإنني أنفقتها على الملابس، ولم أحصل عليها كاملة، إلا أن مساعدة المخرج سامح عبد العزيز ودعم هيفاء شجعتاني على تجاوز الكثير من الأمور. مما أتذكره أيضا أن السبكي علق على حديثي بالفرنسية مع هيفاء وهبي في الكواليس، متسائلاً: كيف سأقوم بتجسيد دور طفل من حارة شعبية، كما كان سامح عبدالعزيز يقوم بإرسال سيارته لتنقلني من وإلى المنزل في كثير من من الاحيان. • وماذا عن نشاطك الحالي؟ - رغم أنني التحقت بكلية الحقوق جامعة القاهرة، إلا أنني فضلت السفر لدراسة الفن في الخارج، وفي الوقت الحالي اتواجد في بلجيكا حيث بدأت الدراسة قبل أشهر قليلة، وسأعمل على محاولة التوفيق بين دراسة الحقوق في القاهرة ودراسة الفن في بلجيكا، مستفيدا من امكانية أن تكون بعض الامتحانات أون لاين، وإلا فسأضطر إلى طلب تأجيل الامتحانات بالحقوق لحين الانتهاء من دراسة الفن، حيث اقيم مع جدي خلال الفترة الحالية. وقد تسبب سفري خلال الفترة الحالية في أن اتوقف عن الاشتراك في الاعمال الفنية، واعتذرت عن فيلم سينمائي مع السبكي مؤخراً.
مشاركة :