مع حدوث الهجمة الشرسة الحالية لـ "كورونا" على الهند، والتي ينتج عنها 400 ألف حالة إصابة يوميا، حتى وصل عدد الإصابات الإجمالية الى 19 مليون حالة، وارتفاع حالات الوفاة بشكل متزايد، مع النقص في الإمدادات الطبية وتهالك الطاقم الطبي، كل ذلك أدى الى جمود هائل في الحركة الاقتصادية بالهند، التي تعدّ خامس أقوى اقتصاد في العالم، وإلى شلل كبير في عدة قطاعات حيوية، أهمها قطاع الطيران والسياحة والنفط والأسواق المالية. ويساهم قطاع الطيران بقيمة 72 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي، وقد انخفضت أرباحه 1.56 مليار دولار. ويساهم قطاع السياحة في الهند بـ 9.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويوفر 26 مليون وظيفة، وتعد الهند بسببه ثامن أكبر الدول مساهمة في الناتج المحلي. وفي ظل جائحة كورونا، انخفضت مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي الى 0.5 بالمئة. أما عن قطاع النفط، فقد انخفض الى أسوأ مستوياته خلال 18 عاما الى 22 دولارا للبرميل. أما عن الاستثمارات الخارجية، فقد انخفضت 572 مليار دولار، فضلا عن انخفاض سعر العملة روبية، مما أدى الى تعثّر نقدي كبير. ومن الأكثر القطاعات تضررا سوق العمال، حيث تضرر 400 مليون عامل نسبتهم 76.2 بالمئة من إجمالي سوق العمل في البلاد، وارتفع عندهم مؤشر الفقر والبطالة. أما عن المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي توفر 90 بالمئة من الوظائف بالهند وتوظف أكثر من مئة مليون شخص، وتمثّل 30 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، فقد تضررت كثيرا، وتم إقفال عدد كبير منها، لعدم توافر السيولة والصعوبة في التمويل من قبل المصارف. من وجهة نظري، يجب على الحكومة الهندية أن تشجع الشركات الكبيرة والهيئات المتعددة الجنسيات لتنهض بالاقتصاد عبر توفير حزمات تحفيزية للموظفين والعاطلين عن العمل، وأن تضع اشتراطات صارمة للعودة للعمل من تباعد اجتماعي ومناوبة عمل، حفاظا على صحة الموظفين والعاملين بالشركة، وعلى الحكومة أن تعاود العجلة الاقتصادية ببطء لكسب ثقة المستثمرين وإعادة الأموال التي حوّلت خارج الهند.
مشاركة :