يبحث عدد من الحجاج اليائسين عن أقاربهم وأصدقائهم في أقسام المستشفيات أو في المشرحة في منى، بعد يومين من كارثة تدافع الحجاج، لكنهم لا يعثرون عليهم. ولم يتم بعد التعرف على هوية الحجاج الذين قضوا في حادث التدافع في منى قرب مكة المكرمة، خلال شعيرة رمي الجمرات في موسم الحج لهذا العام. وبلغت الحصيلة الرسمية للقتلى 769 وزاد عدد الجرحى عن 900 بين الحجاج الذين وصل عددهم هذا الموسم إلى مليونين. وتولت العائلات التي أصابها اليأس وتملكها الخوف مهمة محاولة معرفة مصير أقاربهم سواء كانوا أحياء أو أمواتاً. يقول حاج مصري بدا عليه التوتر والقلق بعد جدل حاد مع موظفي الاستقبال في مستشفى منى الطوارئ: «يقولون إن اسمه ليس مسجلاً». ويضيف الحاج الذي قال إن اسمه عبدالله أنه يبحث عن جاره البالغ من العمر 36 عاماً. ويوضح «لقد زرت جميع المستشفيات ولم أتمكن من العثور عليه. قالوا لي اذهب إلى المشرحة ولم نجده لا بين الجرحى ولا بين الموتى». وكان مصري آخر يغادر المستشفى باحثاً عن حاج يقيم في المنطقة ذاتها من مدينة الخيام في منى. وقال: «لا أستطيع الكلام... زوجته منهارة في المخيم، ولم تكمل مناسك الحج». وفي الطابق العلوي كان العراقي طارق يدور من غرفة إلى أخرى بحثاً عن زوجة صديقه الحاج. وقال بينما كان يندفع من قسم الطب الباطني إلى قسم الجراحة «زوجها في المخيم ولا يستطيع البحث عنها بنفسه لأنه مصاب بصدمة عنيفة. ونحن نحاول مساعدته». أما المصري محمد بلال فكان يصعد وينزل السلالم باستمرار بحثاً عن والدة صديقه البالغة من العمر 60 عاماً لكن من دون جدوى. ولم يعد بالإمكان الاتصال بها بعد أن أغلق هاتفها منذ الكارثة. وقال: «أول ما فعلناه هو التحقق مما إذا كانت بين الموتى في مشرحة المعيصم (في منى)، لكننا لم نعثر عليها... وبعد ذلك بدأنا التوجه من مستشفى إلى آخر». وأثناء ذلك كان بلال (35 عاماً) يعرض صورة المرأة المفقودة على هاتفه الجوال. وقال: «لدي اسمها وصورتها. وذهبت إلى مكتب المعلومات. وقالوا إنها ليست هنا... وذهبت للبحث عنها في وحدة العناية المركزة وغيرها من الغرف». وعند مكتب المعلومات وقفت امرأة سعودية ترتدي العباءة السوداء وبصحبتها زوجها تسأل عن شقيقها البالغ من العمر 43 عاماً. وبحث الزوجان المتعبان في جميع المستشفيات طابقاً طابقاً للعثور عليه. وقالت المرأة التي طلبت عدم الكشف عن اسمها أو اسم زوجها: «أعطينا اسمه وصورته لجميع المستشفيات» كما طلبت عائلته من الأقارب في المدن السعودية التأكد من احتمال وجوده في مستشفيات أخرى في المملكة. وأحالهم المسئولون إلى مشرحة المعيصم، إلا أنهم لم يعثروا على جثته، إلا أن زوج المرأة خرج يبكي لبشاعة ما شاهده في المشرحة. وقالت المرأة: «لم ننم أو نأكل منذ الأمس بعد أن بدأنا التوجه من مستشفى إلى آخر سيراً على الأقدام». وقال مدير المستشفى أيمن اليماني: «هوية بعض الأشخاص الموجودين في وحدة العناية المركزة لاتزال غير معروفة» حيث لايزال العديد منهم على أجهزة التنفس الاصطناعي. ومع محاولة دول العالم تحديد عدد القتلى من مواطنيها، تجمع مسئولون في قنصليات بعض الدول في منى في محاولة للتعرف على الضحايا. وصرح مصدر دبلوماسي مغربي لموقع «إخباري» بأن التعرف على هوية القتلى والجرحى «سيستغرق يومين آخرين أو ثلاثة على الأقل»، مضيفاً أن بلاده قدمت بصمات أصابع حجاجها إلى السلطات السعودية. وقال اليماني إن وزارة الصحة السعودية فتحت خطوطاً ساخنة للعثور على المفقودين، إلا أن العديد من أقارب وأصدقاء المفقودين قالوا إن الخط غير مفيد. وأضاف أنه يوجد في المستشفى مترجمون لست لغات، إلا أن العاملين في المستشفيات لايزالون يواجهون صعوبات في التحدث مع الحجاج. وشوهدت ممرضة سعودية في إحدى الغرف تستخدم لغة الإشارة مع مسن آسيوي ظهرت غرز على جبهته وكان يشتكي من الإعياء.
مشاركة :