يطفئ «ماي فلاور 400» محركاته خلال إبحاره في خليج بليموث، في جنوب غرب إنكلترا، ويشغّل جهاز ميكروفون مخصصاً للاستماع إلى الحيتان، وكل ذلك من دون أي تدخّل بشري، إذ إنه أول قارب ذكي. يستعد هذا القارب ثلاثي الهيكل (تريماران) الصغير الذي يبلغ طوله 15 متراً ووزنه تسعة أطنان، والمغطى بالألواح الشمسية لعبور المحيط الأطلسي بمفرده، إذ إنه قادر على اتخاذ قراراته الخاصة والإبحار باستقلالية تامة. وسيكون في إمكان «ماي فلاور 400» دراسة البيئة من خلال تحليل وجود البلاستيك في الماء أو تتبع الثدييات البحرية. ويوضح مؤسس جمعية «بروماريه» مهندس المشروع بريت فانوف لوكالة فرانس برس أن المحيط «أقوى قوة على الكوكب تنظم مناخنا». ومن المقرر أن تنطلق الرحلة الكبيرة إلى الولايات المتحدة قرابة الخامس عشر من أيار- مايو، اعتماداً على حال الطقس والترخيص غير المؤكد حالياً من السلطات البريطانية. ويتوقع أن تستغرق رحلة القارب نحو ثلاثة أسابيع للوصول إلى بليموث أخرى، هي تلك الواقعة في ولاية ماساتشوستس الأميركية، مكرراً عبور سفينة «ماي فلاور» الأصلية قبل أكثر من 400 سنة، أي عام 1620م، عندما غادر مائة «حاج» من الإنكليز المنشقين دينياً إلى «العالم الجديد». لكنّ «أحداً لن يمرض» خلال هذه الرحلة المرتقبة التي تأخرت بسبب الوباء، على قول فانوف في الميناء الإنكليزي. ويضيف «يمكننا أن نأخذ كل الوقت الذي نريده لإجراء التجارب العلمية». إلى جانب فانوف، جلس على أرصفة الميناء ثلاثة من علماء الكمبيوتر يتحكمون بالمعدات من أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم، بينما يتولى طالب الهندسة ميروين جينكينغ ريس البالغ 21 عاماً فحص المحركات قبل رحلة تمرينية. -يتعلم بنفسه - استغرق بناء القارب عاماً، وهو آلي بالكامل، من الدفة إلى مجموعة مولدات الديزل التي تكمل الطاقة الشمسية. أما إعداد «القبطان الافتراضي»، وهو روبوت بدأ بتعلم التعرف على العوائق البحرية من خلال تحليل آلاف الصور، فاستغرق وقتاً أطول. كذلك تولى المبرمجون تعليم «ماي فلاور 400» تجنب الاصطدامات. وبعد تزويده كل هذه المعلومات والمعارف، نفذ القارب رحلة بحرية بهدف «التعلم تحت إشراف». ويقول مهندس الروبوتات أولي تومسون «يمكن تلقينه ما هي أعماله الصالحة وما هي أفعاله السيئة، وما هو الخطر وغير الخطر».
مشاركة :