محمد ابوصالح : تجاوز الخط الأحمر في نظر السيد الرئيس

  • 5/3/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

قضية مياه نهر النيل بالنسبة لمصر قضية حياة ووجود وبقاء للأجيال الحالية والقادمة، وأن الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي لن تتهاون في التعامل مع هذه القضية بكل الجدية والصرامة المطلوبة للحفاظ على حقوقها التاريخية في مياه نهر النيل وتدفقها إلى ربوع البلاد. معركة مصر الرئيسية هي معركة التفاوض، ومصر ما زالت تمد يديها بكل شفافية لإنجاح المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق دائم وعادل وملزم بشأن ملء وتشغيل سد الخراب الإثيوبي، وليس أدل على ذلك من مشاركة مصر من خلال وزيري الخارجية والري في مفاوضات كينشاسا التي دعا إليها الاتحاد الإفريقي والتي لم تسفر عن أي نتائج. وخيارات الدولة المصرية في هذه المرحلة تتمثل في التفاوض ومنح العملية التفاوضية كل الوقت اللازم من أجل التوصل لاتفاق يحقق مصالح الأطراف الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، وليس أدل على ذلك من أننا نتفاوض في هذه القضية منذ حوالي عشر سنوات. لكن إذا وصلت الأمور إلى حالة من فشل العملية التفاوضية الجارية حالياً والتي أرى أنها في أمتارها الأخيرة، واتجهت إثيوبيا للملء الثاني دون اتفاق، فإننا على يقين نحن جموع الشعب المصري أن مصر قادرة تماماً على الحفاظ على مصالحها وحقوقها وأمنها المائي بالشكل الذي تراه مناسباً، وهو نفس الأمر الذي ينطبق على الموقف السوداني الذي يتطابق مع الموقف المصري. عشر سنوات من المفاوضات وحسن النية، والصبر الاستراتيجي، لكن إثيوبيا انتهجت سياسة المماطلة، وإضاعة الوقت، وتفريغ المفاوضات من مضمونها، وطرح آراء وأفكار بعيدة عن قانون الأنهار الدولية، فمن يقرأ تفاصيل المراحل التي مرت بها المفاوضات، يتأكد له أن أديس أبابا عملت على تشويش المفاهيم الرئيسية، وضربت عصب الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالأنهار العابرة للحدود، فعلى سبيل المثال ترفض الالتزام بأي نهج أو اتفاق ملزم حول قواعد الملء والتشغيل لسد النهضة، بل إنها تريد فقط الالتزام بمبادئ عامة إنشائية غير ملزمة. واللافت للنظر أيضاً أن الجانب الإثيوبي يحاول توظيف أهداف ومسارات التفاوض لصالح أجندة داخلية شعبوية، إذ إن الصراع الدائر الآن بين القوميات الإثيوبية، لا سيما التيغراي والأمهرة والأورومو، كفيل بدفع النظام الإثيوبي لتوظيف قضية سد النهضة من أجل تحقيق مكاسب سياسية داخلية، يحاول من خلالها النظام تبييض وجهه في ظل اتهامات دولية بارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية في إقليم تيغراي. هذا فضلاً على أن التعنت بلغ مداه عندما أعلنت أديس أبابا رفضها الالتزام بحصة مصر والسودان من المياه، وعدم احترام اتفاقية 1959، التي تقول إن لمصر 55 مليار متر مكعب سنوياً، والأدهى من كل ذلك، أن الجانب الإثيوبي يرفض تبادل المعلومات بشأن مواسم الجفاف والجفاف الممتد، وهو ما يعرض حياة الملايين في دولتي المصب للعطش وإحداث خلل في إنتاج الكهرباء. التعقيدات مستمرة بتوقيع أديس أبابا. بصمات التلاعب بمصائر الشعوب واضحة. التراجع في التعهدات والوعود كشف نيات سيئة تجاه مصر والسودان. وسط كل هذه الأجواء غير المشجعة، جاء رسم الرئيس عبد الفتاح السيسي للخط الأحمر فيما يتعلق بمياه النيل لتضع النقاط فوق الحروف، وتؤكد صلابة الموقف المصري والسوداني، ومن خلفهما الموقف العربي الداعم، لا سيما أن المؤشرات تقول بأن عقارب الساعة تقترب من شهر يوليو (تموز)، وهو موعد الملء الثاني لبحيرة سد الخراب الأثيوبي، بينما المفاوضات لا تزال تراوح مكانها. الآمال معلقة على وساطات دولية مثل الوساطة الدولية التي اقترحها السودان وأيدتها مصر، وتمثلت في ضرورة تدخل الولايات المتحدة، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الأفريقي. ففي حالة عدم نجاح هذه الوساطات، فمن المؤكد أن تجاوز الخط الأحمر أمر سيكون مرفوضاً من شعبي مصر والسودان، بل إن تجاوزه أيضاً يمثل تهديداً مباشراً لاستقرار المنطقة والإقليم. وعلى كل من يتابع موضوع سد الخراب الأثيوبي في أي مكان في العالم عليه أن يقف كثيرا عند تصريحات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي الواضحة والحاسمة بأن جميع الخيارات مفتوحة فمصر دولة عظيمة تتمتع بكافة القدرات التى تمكن لها التعامل مع جميع الازمات برؤية متكاملة ومتوزانة. لقد انتصرت مصر في حرب أكتوبر المجيدة وحررت سيناء من الاحتلال الإسرائيلي، ثم استعادت طابا بمعركة تفاوضية وقانونية شرسة، وتنفذ حالياً المشروعات العملاقة التي تتم على أرض الواقع بشكل غير مسبوق، ونظمت احتفالاً مبهراً تحدث عنه العالم لنقل المومياوات الملكية إلى متحف الحضارة. قراءة مثل هذه الأحداث يجب أن تجعلنا كمصريين نطمئن بأن (مصر تستطيع) ليس شعاراً نتشدق به ولكنها حقيقة ماثلة أمام أعيننا وهذه هي الرسالة التي يجب أن يعيها كل من يحاول النيل من مصر في أي وقت وتحت أية ظروف. أن مصر يقودها رئيس سياسي وطني قوي هو الرئيس عبدالفتاح السيسي على رأس منظومة عمل جبارة تعمل ليل نهار، ولدينا شعب عظيم يدعم قيادته ومحب لبلده وهو على استعداد لتحمل كل الصعاب من أجل أن يرى دولته في مصاف الأمم المتقدمة. والمشروع الذي تنفذه الدولة المصرية حالياً هو مشروع السلام والاستقرار والتنمية، وعلينا أن نتابع حركة المشروعات العملاقة التي تنفذها الدولة وسوف تنقل الدولة نقلة نوعية غير مسبوقة، فنحن لدينا رؤية متكاملة ومتوازنة في التعامل مع كل دول العالم تستند على مبدأ الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة. ولدينا قوات مسلحة مصنفة كأحد أقوى جيوش العالم وقادرة على أن تحمي الأمن القومي المصري في الداخل والخارج وتنفيذ أية مهام تكلفها بها القيادة السياسية بنجاح حفظ الله مصر وشعبها العظيم وقيادتها الحكيمة.

مشاركة :