تتفاقم أزمة جائحة كورونا في الهند مع الأرقام القياسية للوفيات والإصابات، وانتشار كم كبير من الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة ونظريات المؤامرة في منصات التواصل الاجتماعي. وهو ما يثير شكوكا وقلقا ويعرقل مكافحة الجائحة. الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة تعرقل جهود مكافحة جائحة كورونا وحملة التطعيم في الهند سجلت الهند أكثر من 357 ألف إصابة جديدة بفيروس كورونا خلال 24 ساعة الماضية (الثلاثاء 4 مايو/ أيار) ما يرفع إجمالي عدد الإصابات إلى أكثر من 20 مليونا ووصل عدد الوفيات إلى نحو 222 ألف و500 حالة وفاة. ويقول الخبراء إن الأرقام الحقيقة في أنحاء البلاد ربما تفوق الأرقام الرسمية المعلنة من خمسة إلى عشرة أضعاف. وقد تفاجأت السلطات بضراوة حصيلة الإصابات والوفيات جراء جائحة كورونا، فيما تواجه الكثير من الصعوبات لضمان توافر مخزون كاف من المستلزمات الطبية مثل الأوكسجين الطبي والعقاقير الضرورية والأسرة في المستشفيات لاستيعاب المرضى. تسارع السلطات لوضع استراتيجية فعالة لوقف تفشي فيروس كورونا. وأصبحت هذه المهمة أكثر صعوبة مع انتشار الأخبار الكاذبة ونظريات المؤامرة ومعلومات مضللة على مواقع التواصل الاجتماعي. ويتباين محتوى هذه الرسائل والمنشورات ما بين مصدر الموجة الثانية في الهند، إلى فعالية اللقاحات وأيضا أفكار لتقوية المناعة عبر استخدام علاجات منزلية. عدم احترام العلم وفي مقابلة مع DW، يسلط سيد نازاكات (Syed Nazakat) مؤسس مبادرة لتقصي الحقائق تسمى (Health Analytics Asia)، الضوء على هذه المشكلة. ويقول إن "من بين هذا الكم الكبير من المعلومات المضللة، تلك التي تتعلق بالصحة والتي لاقت رواجا، يليها المعلومات الدينية المضللة". ويضيف بأن "معظم المعلومات الصحية المضللة تتعلق بالوباء، وهذا أمر بديهي عندما تكون البلاد في خضم حملة كبيرة للتطعيم. وبات جليا أن هناك عدم احترام للعلم". يقول مراقبون ونشطاء إن السلطات لم تقدم على اتخاذ الخطوات الكافية لوقف هذا السيل من المعلومات المضللة. وما يزيد الأمر تعقيدا أن هناك شخصيات عامة ومسؤولين كبار أيضا يتحملون مسؤولية انتشار مثل هذه المعلومات. ففي منتصف أبريل/ نيسان الماضي حين بدأت حالات كورونا في الارتفاع بشكل كبير، نصح في. كى. بول – المسؤول الحكومي الأبرز في الفريق الحكومي المعني بالاستجابة لجائحة كورونا – المواطنين باستشارة من يمارسون الطب البديل في حالة ما إذا كانوا يعانون من أعراض خفيفة أو عدم وجود أعراض ظاهرة للمرض. كذلك أوصى في. كى. بول، المواطنين بتناول مكمل غذائي يطلق عليه (Chyawanprash) وشراب من أعشاب وتوابل يطلق عليه (Kadha) من أجل تقوية الجهاز المناعي. وأثارت تصريحات في. كي. بول انتقادات من الأطباء الذين قالوا إن مثل هذه النصائح قد تشجع المواطنين على تجربة علاجات لم يتم اختبارها بعد، مما يؤخر سعيهم إلى طلب مساعدة طبية حقيقة. وفي مقابلة مع DW، قال راجان شارما، المدير الوطني السابق للجمعية الطبية الهندية، إن "هذا الأمر يثير الدهشة ومضلل بشكل كبير، إذ أنه سيشجع الناس على البقاء في منازلهم وتناول بعض المركبات وعندما يصلون إلى المستشفى بعد تفاقم حالتهم، سيكون قد فات الأوان لإنقاذهم ". ويشاركه في هذا الرأي أبار جوبتا، المدير التنفيذي لمؤسسة حرية الإنترنت. ويقول في مقابلة مع DW"عندما تؤيد السلطات العامة مثل هذه الدعوات، فإن من الواضح أن هناك حالة من عدم احترام للعلم." ويتساءل جوبيا: "كيف سيكون تأثير هذا الأمر على مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي؟". انتشار كبير لمواقع التواصل ويرجع الخبراء الانتشار الكبير لهذا السيل من المعلومات المضللة، إلى الثقة المتدنية في المواقع الإخبارية وضعف وسائل الإعلام العامة ووجود جمهور منقسم، فضلا عن الاستخدام الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي. فقد انتشر التجاوب مع ما يتم نشره على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير منذ أن فرضت الحكومة الهندية الإغلاق العام الصارم في مارس/ آذار العام الماضي لمواجهة تفشي فيروس كورونا. فعلى سبيل المثال، تطبيق "واتس آب" الذي يتجاوز عدد مستخدميه الـ 500 مليون في الهند، أصبح المنصة التي يتم خلالها نشر معظم المعلومات المضللة. وفي هذا الصدد، يقول جوبيا إن "الاستخدام الكبير لمواقع التواصل والوصول إليها، يزيد من حدة أزمة المعلومات المضللة". نقض الأوكسجين الطبي وأسطوانات الأوكسجين أدى إلى نشر معلومات مضللة عن استخدام بخاخات كبديل للأوكسجين مواجهة "وباء المعلومات المضللة" ومع ارتفاع معدلات الإصابات والوفيات جراء فيروس كورونا في أنحاء الهند، سقط الكثير من الأشخاص السذج بشكل متزايد، فريسة لهذا الكم الكبير من المعلومات المضللة والكاذبة، وهو ما أثر سلبا على حملة التطعيم الكبيرة في الهند، وذلك عبر نشر شائعات عن الآثار الضارة لهذه اللقاحات. فضلا عن ذلك، يوجد الكثير من المعلومات المضللة بشأن سلامة التطعيم على الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، وأيضا النساء. وانتشرت أيضا خرافات بشأن استخدام البخاخات كبديل لأسطوانات الأوكسجين الطب ي في ظل أزمة نقص هذه الأسطوانات في البلاد. علاوة على ذلك، انتشرت شائعات تقول إن استنشاق البخار أو تناول الثوم والقرفة وجذور عرق السوس قد يكون إجراء وقائيا ضد فيروس كورونا أو للشفاء منه. وانتشرت فكرة أخرى شديدة الخطورة على مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بأن الهنود يتمتعون بمناعة أعلى ضد فيروس كورونا. وتستند هذه الفكرة على تفسير سحطي وخاطئ لدراسة وحيدة بشأن جينات وراثية قد أُجريت على مجموعات عرقية مختلفة. وفي مقابلة مع DW، يقول باحث في موقع " Alt News" الخاص بتقصي الحقائق غير الهادف للربح، "إن هذا الادعاء السخيف ليس له أساس علمي. كان يتعين علينا دحض هذا الزعم لجعل الهنود يدركون أنهم لا يتمتعون بأي حماية وراثية خاصة ضد الفيروس". وقد انتشر هذا الادعاء بلغات محلية بأشكال عدة كمنشورات وصور ومقاطع مصورة، كما يقول براتيك واجر، محلل الأبحاث في مؤسسة تاكشيلا. ويضيف في مقابلة مع DWأن "الكثير من هذه المقاطع المصورة والمنشورات تم إعادة تدويرها لأنها تختفي بسهولة من الفضاء الإلكتروني. وحتى بعد دحض هذا السيل الكبير من المعلومات المضللة فلا يزال هناك أشخاص ليسوا متأكدين مما يجب الوثوق فيه (من معلومات)". نيودلهي- مورالي كريشنان/ م.ع
مشاركة :