يترقب قطاع التكرير السعودي معاودة انتعاش الطلب على وقود الطائرات بعد إعلان السعودية فك إغلاق السفر الدولي بدءاً من 17 مايو الحالي، وذلك بعد أن بلغ العرض ذروته في العالم بعد الإغلاق العالمي الجماعي للطيران الدولي العام الماضي وما صاحبها من تكدس للمخزونات وطفحها على البحار التي حولت الناقلات والسفن لمخازن عائمة للمنتجات البترولية للنقل ولا سيما لوقود الطائرات في المملكة الذي تلقى صدمته الكبرى الأولى بعد إعلان قيود الحج الموسم الماضي وتقليص عدد الحجاج إلى بضعة آلاف وأدى إلى انخفاض الطلب على وقود الطائرات في أكبر اقتصاد في العالم العربي، الذي استقبل في موسم حج 2019 حوالي مليوني حاج، وعادة ما يزيد استهلاك وقود الطائرات بنسبة 30 % على الأقل خلال شهر الحج في السنوات الخمس الماضية قبل الجائحة، إلا أن بعد تفشيها انقلبت على عقب بانخفاض الطلب على وقود الطائرات في المملكة بنحو 40 % العام الماضي وهو ما يمثل نحو 20 % من الطلب على وقود الطائرات في منطقة الشرق الأوسط. وفي هذا السياق قال خبير ومستشار الطاقة العالمي د. أنس الحجي لـ"الرياض": لقد كان الطلب على وقود الطائرات الأكثر تأثراً ولفترة أطول من كل أنواع الوقود الأخرى، بسبب الإغلاقات من جهة، وعزوف البشر عن السفر من جهة أخرى. لهذا فمن المنطقي أن يكون أسرعها نمواً مع انتشار اللقاح والسماح بالسفر. مستدلاً "فعلى سبيل المثال، كان الطلب على وقود الطائرات في الولايات المتحدة 40 % أقل مما كان عليه في العام الماضي رغم انتعاش الطلب على البنزين والديزل، إلا أن الأمور تغيرت الآن حيث ارتفع بحوالي 90 % في الأسابيع الأخيرة عما كان عليه في العام الماضي. ولفت د. الحجي إلى أن مع قدوم فصل الصيف، وفتح المطارات السعودية الدولية والسماح للمواطنين والمقيمين بالسفر، يتوقع انتعاشاً قوياً في الطلب على وقود الطائرات داخل السعودية وخارجها. منبهاً إلى أن ما يشجع سفر السعوديين خارج البلاد الآن ليس اللقاحات فقط، ولكن أمور أخرى منها إعادة هيكلة الخدمات الفندقية والخدمات السياحية والمطاعم بما يتناسب مع إجراءات الوقاية من فيروس كورونا، كما أن رخص الطيران والفنادق مع تجدد البنى التحتية تلعب دوراً أيضاً في التشجيع على السفر. أما بالنسبة للمقيمين فإن كثيراً لم يزوروا بلادهم منذ أكثر من عام. وقد تزداد حدة الطلب على وقود الطائرات فيما بعد مع قدوم المعتمرين والسياح. وبشأن الطلب على وقود الطائرات قبل فك السعودية الإغلاق بعد أيام، كانت مخزونات نواتج التقطير الوسطى في الفجيرة، قد ارتفعت بما في ذلك وقود الطائرات والديزل، بنسبة 4.7 ٪ إلى 3.228 مليون برميل. وكان سوق وقود الطائرات/ الكيروسين أضعف قليلاً في 20 أبريل وسط مؤشرات سلبية على جبهة السفر الجوي في الشرق الأوسط، لاسيما في المملكة التي تراجعت صادراتها لوقود الطائرات بنسبة 49.3 ٪ على أساس سنوي، لتصل إلى أدنى مستوى لها في خمسة أشهر في فبراير العام الماضي، حيث دفعت المتغيرات الجديدة لفيروس كورونا، آنذاك وارتفاع عدد الإصابات، الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى إبقاء الحدود مغلقة، مما أثر على الطلب من قطاع الطيران. وأظهرت بيانات المنظمات المشتركة (جودي) أن إجمالي تدفقات وقود الطائرات إلى الخارج في المملكة بلغ 450 ألف طن متري في فبراير الماضي، مسجلاً انخفاضًا بنسبة 23.08 ٪ على أساس شهري. وكانت آخر مرة انخفضت فيها صادرات وقود الطائرات في سبتمبر 2020، عند 357000 طن متري. وتتجه المصافي في المنطقة عادةً إلى نواتج التقطير المتوسطة عالية الهامش مثل وقود الطائرات، ووقود النقل، وهما الأكثر تضررًا من الجائحة. وتعد أوروبا واحدة من أسواق التصدير الرئيسة لوقود الطائرات في الشرق الأوسط، وقد أبلغت العديد من المصافي هناك عن هوامش ربح سلبية، خاصة في الربع الثالث الأخير. وفي الصين انخفض استهلاك وقود الطائرات بنسبة 28.9 ٪، في 2020 فيما انخفض الطلب على البنزين بنسبة 2.4 ٪، مع انخفاض استهلاك البنزين بنسبة 1.1 ٪، بينما انخفض الطلب الواضح على منتجات النفط المحلية في الصين بنسبة 4.7 ٪ على أساس سنوي إلى 322 مليون طن متري في العام الماضي. والملاحظ أنه عندما بدأت الاقتصادات العالمية في المعاودة المتدرجة بدأت ملايين الأطنان من وقود الطائرات، المكتظة بالجائحة، في تحريك الطلب وإنعاش خطوط إنتاج المصافي ودعم النفط، إلا أن بعض التحليلات ذهبت إلى أن العودة ستمر ببطء شديد في التخلص من تراكمات المخزونات خلال النصف الثاني. وحتى عندما ازداد الطلب على وقود الطائرات في بعض مناطق العالم، ظل استهلاك الخام منخفضًا على إثر انهماك المصافي في التخلص من ملايين الجالونات من المنتجات النفطية التي تراكمت، في وقت انخفض الطلب العالمي على النفط ومشتقاته مثل البنزين والديزل ووقود الطائرات بمقدار 20 مليوناً إلى 30 مليون برميل يومياً بسبب الوباء. ولايزال وقود الطائرات مكتئباً في الاتحاد الأوروبي حيث كان يعمل عند 10 % إلى 20 % فقط من المعتاد في بعض البلدان الأوروبية. وقد حلت المصافي المشكلة بمزج جزء كبير من إنتاجها من وقود الطائرات في الديزل على نحو فعال. وكانت السعودية أوقفت معظم رحلات الركاب في أواخر مارس العام الماضي باستثناء رحلات الشحن والإعادة إلى الوطن. واستأنفت المملكة رحلاتها الداخلية في يونيو، إلى أن أعلنت عن الفك عن السفر الدولي مع الاشتراطات المعلنة. واستناداً إلى عدد المسافرين إلى السعودية في شهر الحج لعام 2019 قبل الجائحة بحوالي 7.5 ملايين حاج سعودي وأجنبي، أدوا فريضة الحج أو العمرة خلال ذلك العام، والقيود المفروضة العام الماضي عبر الحدود، يقدر تأثير الطلب على وقود الطائرات بنحو 130,000 برميل يومياً. ومن المرجح تسجيل صناعة الطيران في منطقة الشرق الأوسط ككل خسارة قدرها 4.8 مليارات دولار في 2020 بسبب القيود المفروضة على السفر مع انخفاض الطلب على الركاب بنسبة 56 ٪، وفقاً للاتحاد الدولي للنقل الجوي، وهو الهيئة التي تمثل أكثر من 290 شركة طيران. وقالت أودري هيبرت، المستشارة في شركة "اف جي إي" للطاقة: "إن السعودية تعد مركزًا كبيرًا للطيران أقل من الإمارات، إلا أن المملكة لديها سوق محلية كبيرة. وفي هذا الصدد، شهدنا بالفعل عودة الرحلات الجوية منذ رفع القيود في أوائل يونيو حتى إنها تجاوزت أرقام الرحلات خارج دولة الإمارات. وقبل تفشي الفيروس التاجي، كانت المملكة قد حددت هدفًا لجذب 30 مليون حاج ومعتمر بموجب رؤيتها 2030، وهي خريطة طريق اقتصادية للحد من عائدات النفط، ويشكل موسم الحج الجزء الأكبر من السفر إلى المملكة، إلا أن هيبرت، لفتت الإشارة إلى أنه في حين أن الحج في حد ذاته لا يستمر إلا لفترة محدودة من الوقت، وبالتالي لن يكون له مثل هذا التأثير القوي على الطلب على الطيران، فإن نقص الحجاج بشكل عام سيقلل من انتعاش الطلب على وقود الطائرات في السعودية. ومن المعتاد اشتداد الطلب على وقود الطائرات خلال فترة الحج حيث تؤمن شركة أرامكو السعودية إمدادات لأكثر من 30 ألف طائرة في القدوم والمغادرة في فترة ثمانية أيام فقط، حيث تستعد الشركة للحج قبل موسمه بستة أشهر من تعبئة الخزانات بنحو 100 مليون برميل ديزل وأخرى بنزين ووقود طائرات وتوجد أرامكو في قلب عرفة لخدمة طائرات ومعدات الدفاع المدني وغيرها من خلال مخازن مؤمنة. تكدس وقود الطائرات على امتداد الجائحة د. أنس الحجي
مشاركة :