العنصر البشري أساس النجاح.. كيف تكسب ولاء الموظفين؟

  • 5/6/2021
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تواجه المحاسبون منذ زمن طويل مشكلة كبيرة؛ ألا وهى مشكلة التقرير والإفصاح عن الموارد البشرية التى تمتلكها منشأة ما في القوائم المالية التى تصدرها الشركات؛ لتوضح لأصحاب المصالح المهتمين بالشركة حقيقة ما تمتلكه من موجودات وما عليها من التزامات وما حققته من إيرادات وما تكبدته من مصروفات ونتيجة النشاط من ربح أو خسارة. ولا يخفى علينا أهمية العنصر البشري في العملية التشغيلية للشركات أيًا كان نوعها، حتى إننا نجد أحيانًا أن بعض الشركات لا تتجاوز ممتلكاتها؛ من أجهزة ومعدات وأثاث وخلافه، بضعة آلاف من الريالات ومع ذلك تحقق سنويًا إيرادات بالملايين، خاصة في شركات تكنولوجيا المعلومات، ويكون مرجع ذلك إلى ما تمتلكه الشركة من عقول وخبرات ومهارات تجعلها متميزة عن غيرها. وأحيانًا نرى بعض الشركات الكبرى في إحدى الصناعات، مثل السيارات، تحولت من خسارة وتردي أوضاعها المالية إلى حالة من النجاح والربح وزيادة حصتها السوقية وتقدمها على منافسيها بشكل كبير، فكيف تحقق ذلك مع أن الشركة ما زالت تملك نفس الآلات والأجهزة والمواد الخام سواء في حالة التعثر أو في حالة الرواج والربحية؟ خبرات العنصر البشري وبالبحث نجد أن ذلك يرجع إلى إدارة تنفيذية متميزة ذات رؤية جديدة وأفكار حصرية تستطيع إخراج الشركة من حالة التعسر المالي إلى الربحية والانطلاق، وفي أغلب الأحوال نجد أن سبب نجاح الشركات وتقدمها وتحقيقها لإيرادات بالملايين _بل بالمليارات أحيانًا_ يعود إلى العنصر البشري وما يمتلكه من أفكار وخبرات ومهارات ورؤى هي التي تسبب النجاح والتقدم الحقيقي للشركات. ورغم هذا لا يتم الإفصاح عن هذا العنصر المهم _العنصر البشري_ فى القوائم المالية للشركات ومرجع ذلك هو عدم استطاعة العلوم التجارية، مثل المحاسبة والاقتصاد والإدارة، التوصل إلى طريقة يمكن بها قياس قيمة العناصر البشرية التي تعمل بالمنشأة، وكانت هناك محاولات لوضع مقياس لتحديد قيمة العنصر البشري في المنشأة إلا أن كل تلك المحاولات واجهت اعتراضات شديدة جعلت الإفصاح والتقرير عن العنصر البشري في القوائم المالية فكرة شبه مستحيلة حتى وقتنا هذا. وعلى الرغم من التشابه بين الآلات والبشر في بعض الأمور، مثل أن الآلات يتم اختيارها بناء على ما تمتلكه من إمكانيات تحقق للشركة الإنتاج والعائد الذي ترجوه، كذلك البشر تختارهم الشركة للعمل بها إذا كانوا سيحققون لها الإنتاج الذي يصل إلى معدل عائد يمكنها من الاستمرار والنمو. والشركة عندما تقتني الآلات تقارن بين سعر الشراء والعوائد التي سوف تحققها، والتي يجب أن تفوق سعر الشراء الذي تحملته الشركة على مدار عمر الآلة الإنتاجي، كذلك البشر عندما توظفهم الشركة تقارن بين الأجر الذي تدفعه لهم وبين العائد الذي سوف تحققه من ورائهم طوال مدة عقد العمل. والآلات تحتاج إلى مصاريف للصيانة وعمرات لرفع الكفاءة، وكذلك البشر يحتاجون إلى مصاريف رعاية اجتماعية وصحية وتعليم وتدريب وصقل مهارات؛ حتى ترتفع إنتاجيتهم باستمرار لتلائم احتياجات السوق، وهذه بعض أوجه التشابه والتي يمكن إن يستند إليها البعض ويتخذ منها مقياسًا لتحديد قيمة البشر، وبالتالي الإفصاح عن قيمة العنصر البشري في القوائم المالية. ولكن هناك أوجه اختلاف كبيرة بين البشر والآلات تجعل عملية وضع قيمة للبشر من أصعب ما يكون بل قد تكون مستحيلة، فالبشر لديهم أفكار ورؤى ومشاعر وعواطف قد لا يعلمها ولا يدركها صاحب العمل، ففي الوقت الذي يمكنك فيه تشغيل الآلات ربما لساعات عمل أكثر وبطاقة أكبر قد لا يمكنك ذلك مع موظفيك، بل قد يمتنع موظفوك عن العمل لمطالب معينة يريدون منك تحقيقها. وبينما يمكنك أن تتخلص من آلات شركتك في الوقت الذي تريده وبدون تكلفة، بل قد تحقق بعض المكاسب من بيع آلاتك القديمة، لا يمكنك ذلك مع موظفيك؛ لأن التخلي عنهم قد يكلفك الكثير من النفقات، مثل مكافآت نهاية الخدمة والمعاشات وتكاليف الرعاية الاجتماعية، كما قد يكون من الصعب على رائد الأعمال الحصول على موظفين جدد بسرعة وبنفس كفاءة وخبرة الموظفين القدامى، في حين أن موظفيك يستطيعون تركك في أي وقت إذا ظهرت أمامهم فرصة عمل بمزايا أفضل مما تقدمه. والآلة سوف تعمل عند مستوى الإنتاج الذي تضعه أنت لها، أما البشر فسوف يعملون عند مستوى الإنتاج الذي يريدونه، ويبدو لك أن هذا ما تريده أنت أو هذا أقصى ما لديهم ولكنهم قد يستطيعون تقديم أفضل منه إذا رغبوا في ذلك. لذا على رائد الأعمال المتميز أن يدرك هذه الفروق بين البشر والآلات، وأن للبشر مشاعر وأفكار ورؤى قد تتغير في أي وقت إذا لم يقم هو بحسن التعامل معها وتوجيه بصلتها إلى ما فيه مصلحة الشركة ونجاحها، ومن أهم ما يريده البشر هو إحساسهم بأن هناك من يقدرهم ويقدر ظروفهم وآلامهم وأفراحهم، فعلى رائد العمل المتميز الناجح أن يكون على تواصل دائم مع موظفيه، يتعرف على ظروفهم المعيشية والأسرية وما يعانوه من مشكلات، فكلمة طيبة لموظف أو عامل يمر بأزمة سوف يكون لها أثر عظيم في نفسه وإخلاصه للعمل. والتجاوز عن خطأ ارتكبه موظف تقديرًا لظروفه أو تقديم نصيحة أو حل لمشكلة يمر بها؛ أو تقديم مساعدة مالية أو عينية له في مناسبة ما سواء حزينة أو سعيدة، كل ذلك سوف يكون له بالغ الأثر في نفسه: أولًا: سوف يزيد من حبه وولائه لصاحب العمل الذي يقدره ويشاركه آلامه وآماله وأفراحه، فإذا أحب صاحب العمل سوف يحب العمل وبالتالي سوف يحافظ على المكان ونجاحه واستمراره ونموه؛ حتى تستمر هذه العلاقة الطيبة ويستمر إحساسه بذاته وبمكانته؛ فنجاح الشركة ونجاح صاحبها هو نجاح له شخصيًا لما يلاقيه من حب ورعاية وتقدير. ثانيًا: سوف يبذل أقصى جهده في العمل والإنتاج حبًا وحرصًا على نجاح الشركة ونموها. ثالثًا: سوف يصبح العمل له في هذا المكان متعة وليس مجرد عمل يؤديه ليحصل على أجر. رابعًا: سوف يقف بجوار الشركة إذا مرت بحالة من التعثر المالي، ويصبر على تأخر أو تخفيض أو انقطاع الراتب لشهور؛ لحين خروج الشركة من أزمتها المالية. خامسًا: اهتمام رائد الأعمال بمشاعر وعواطف موظفيه سوف يجعل الموظف أكثر طمأنينة وهدوءًا وسكونًا نفسيًا، وبالتالي ينعكس ذلك على أدائه؛ لأنه سوف يعمل بتركيز ودون تشويش. هذه بعض الثمرات التي قد يجنيها رائد الأعمال من تقديره ومشاركته لمشاعر وآلام وأفراح موظفيه، وكثير من الشركات العالمية الكبرى وصلت إلى النجاح عن طريق الاهتمام بموظفيها وبمشاعرهم، وهذه هي إحدى القواعد المهمة للحفاظ على ولاء الموظفين. اقرأ أيضًا: شريك النجاح.. خدعة استغلال المواهب توقعات إدارة الموارد البشرية.. مهارة لا بد منها مدير الموارد البشرية.. خيار مهني محتمل

مشاركة :