من اللافت للانتباه أن موجات التراجع التي تتعرض لها الأسواق المالية الإماراتية عادة ما تشمل جميع الشركات المدرجة، سواء الشركات القوية الأداء أو الشركات الضعيفة، وتشمل الشركات التي تتأثر إيجاباً بانخفاض سعر النفط الذي يشكل نسبة مهمة من تكاليفها التشغيلية، وفي مقدمة هذه الشركات الشركات الصناعية، خاصة شركات الأسمنت وشركات مواد البناء وشركات الطيران، حيث تشكل تكاليف الوقود نسبة تتراوح ما بين 30% إلى 40% من تكاليفها التشغيلية وانعكاس انخفاض التكاليف على اسعار التذاكر، إضافة إلى شركات النقل البحري وشركات النقل وشركات الشحن، وانخفاض التكاليف سوف يكون له تأثير إيجابي في سعر المنتج النهائي، وبالتالي المساهمة في خفض ملموس في نسبة التضخم، مع الأخذ في الاعتبار أن تراجع سعر النفط يسهم أيضاً في تراجع سعر المستوردات من الخارج، خاصة السلع التي يشكل النفط نسبة مهمة من مصاريفها التشغيلية، إضافة إلى تراجع تكلفة شحن هذه المواد. وتراجع أسعار أسهم الشركات الإماراتية التي تستفيد من تراجع سعر النفط يعكس عدة مؤشرات سلبية في مقدمتها سيطرة سيولة المضاربين على حركة السوق وضعف الوعي الاستثماري ومحدودية الدور الذي يلعبه الاستثمار المؤسسي وغياب صناع السوق، ما يؤثر سلباً في كفاءة الأسواق وارتفاع مخاطرها، مع الأخذ في الاعتبار عدم إفصاح الشركات المساهمة العامة المدرجة في الأسواق عن التأثيرات السلبية أو الإيجابية لتراجع سعر النفط في أدائها في ظل ظروف استثنائية تمر بها الأسواق المالية في المنطقة، وحيث تسهم إفصاحات الشركات من دون الانتظار للإفصاحات الدورية (كل ثلاثة شهور) في احتساب الأسعار العادلة لأسهم هذه الشركات ما يحفز الطلب على الشركات التي يتوقع أن تحقق نمواً ملموساً في صافي أرباحها، خاصة أن أسواق المال الإماراتية تخلو من أية توقعات ودراسات متعمقة عن أوضاع الشركات. وبالتالي يعتمد المضاربون على الشائعات في اتخاذ قراراتهم الاستثمارية، سواء بالبيع أو الشراء ما يسهم في ارتفاع نسبة البيع العشوائي الذي لا يستند إلى أساسيات أو تحليلات موثوقة ومتعمقة، وبحيث يشمل هذا البيع جميع الشركات المدرجة مع التركيز على بيع اسهم الشركات الأكثر سيولة، وفي مقدمتها شركات العقارات، وبالتالي تتطلب هذه المرحلة من إدارات الشركات المساهمة في تعزيز الاستثمار في أسواق الإمارات بحيث لا تبقى متفرجة على هبوط أسعار أسهم جميع الشركات من دون وجود مبررات موضوعية أو منطقية في ظل اقتصاد قوي واحتياطات مالية ضخمة وتصنيف مالي وائتماني متميز وتنويع في قاعدة الاقتصاد وللحديث بقية. زياد الدباس
مشاركة :