الشركات «وحيدة القرن» قنبلة موقوتة في وادي السليكون

  • 9/28/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

داخل شركات «يونيكورن» (وحيدة القرن)، أي الشركات الخاصة التي تبلغ قيمتها أكثر من مليار دولار، في «وادي السليكون» تكمن قنبلة موقوتة. توجد غرابة في تمويل رأس المال المغامر، وهي أن المؤسسات الاستثمارية التي تضخ المال إلى الشركات الناشئة الواعدة يمكن أن تتحول لاحقا إلى أداة لتدمير تلك الشركات ذاتيا. ومع كل الهرج والمرج والجدل الدائر بشأن التقييمات التي تبلغ عنان السماء للشركات الناشئة، ينبغي الأخذ في الاعتبار أن المفتاح الذي ساعد في رفع التقييمات يمكن إيقاف تشغيله. و»القنبلة» - إذا جاز التعبير - هي «أفضلية التصفية». في كل جولة تمويل، لا يُقدَم المال الذي تستثمره مؤسسة رأس المال المغامر دون حساب، حيث تتفق المؤسسة المستثمرة والشركة الناشئة على شروط للحماية. وتشمل شروط التفاوض حقوق التصويت، وعدد المقاعد في مجلس إدارة الشركة الناشئة، وضمانات بألا يُضعِف جمع المال في المستقبل حصة مؤسسة رأس المال المغامر على نحو غير ملائم. وتعتبر أفضلية التصفية من بين أهم الشروط للحماية. توفر هذه الميزة سرعة تسديد قيمة الاستثمار الذي دفعته مؤسسة رأس المال المغامر قبل مكافأة المؤسِّسين والموظفين. وإذا كان للشركة المستثمرة نفوذا معينا، فبإمكانها التفاوض حتى على نمط أكثر حماية، والمعروف بـ«أفضلية التصفية الكبرى»، والذي ينص على تسديد القيمة للمؤسسة المستثمرة ليس فقط قبل حملة الأسهم العاديين، وإنما أيضًا قبل أي شخص آخر اشترى أسهم ممتازة في الجولات السابقة. وتنطبق هذه الشروط في عملية البيع، وليس في الطرح العام الأولي للأسهم. والغرض من ذلك هو ضمان حصول المستثمر المغامر على أمواله الأصلية حتى في حالة عدم تحقيق الاستثمار أداء جيدا. ووفقًا لاستطلاع حديث أجرته شركة المحاماة «فينويك أند ويست» على 37 شركة يونيكورن، تتمتع كل الاستثمارات بأفضلية التصفية. دعونا نفكر في الأمر. في الأسواق العامة، أنت تستثمر أموالك ولا يوجد ضمان لما ستحصل عليه. أما في وادي السليكون، يمكنك الحصول على ضمان الحد الأدنى من العائدات في أي عملية بيع، وبما يزيد على ما يحصل عليه المستثمرون الآخرون. إنها صفقة بارعة، وتشرح سبب شعور مؤسسات رأس المال المغامر بالراحة وهي تقدم تقييمات عالية. وهذا الضمان يدفع التقييمات للارتفاع أعلى من ذلك. على سبيل المثال، يمكن لمؤسسة رأسمال مغامر مثل «آندرسن هورويتز» أن تستثمر 100 مليون دولار في شركة ناشئة قيمتها مليار دولار، مع العلم أن القيمة لا بد أن تنخفض إلى ما دون 100 مليون دولار حتى تخسر المؤسسة الاستثمارية مالها. وفي الحياة الواقعية، تبدو الأمور أكثر تعقيدا. مع أي شركة ناشئة، يكون هناك في الغالب عدة مستثمرين مغامرين، يضعون بشكل جماعي – مثلا – 300 مليون دولار في شركة ناشئة تقدر قيمتها مليار دولار. ومع ذلك، الفكرة هي أن التقييم لا بد أن ينخفض بشكل ملحوظ حتى تخسر مؤسسة استثمارية مثل آندرسن هورويتز مالها. ويعطي هذا «الضمان» وادي السليكون حافزا لتضخيم التقييمات. دعونا نقل إنك مؤسس شركة ناشئة محظوظ تعتقد أن قيمتها 800 مليون دولار. مع أفضلية التصفية، يمكنك عرض تقييم مليار دولار على مؤسسة رأسمال استثماري مع ضمان لأن يحميها أفضلية التصفية من الهبوط. تقبل مؤسسة رأس المال الاستثماري العرض، ويمكنك أن تخبر العالم بأسره بأنك الآن عضو في نادي يونيكورن المزهو بنفسه، مع كل أنواع الدعاية المصاحبة لذلك. وهذا قد يكون أحد الأسباب الرئيسية وراء انقطاع التقييمات في وادي السليكون تماما عن الأسواق العامة. وتوجد أدلة على أن هذه هي لعبة وادي السليكون في الوقت الراهن. وجمّعت مؤسسة «سي بي إنسايتس» – التي تتعقب رأس المال المغامر - قائمة بكافة شركات يونيكورن. وبالتدقيق في كافة شركات يونيكورن حتى الآن في عام 2015، بلغ متوسط التقييمات بعد أحدث الاستثمارات 1.1 مليار دولار. ووجد استطلاع فينويك أند ويست أعدادا مماثلة. هل هذا من قبيل الصدفة؟ ومع ذلك، لا ترفع الحماية من مستوى التقييمات فحسب، بل إن أفضلية التصفية يمكن أن تنقض على مؤسسي الشركات الناشئة في حال هبوط التقييمات. تخلق التقييمات المرتفعة توقعات أعلى، ويمكن لعدم تلبية التوقعات أن يفجر دوامة هبوط وبيع جبري. وفي هذه الحالة، تأخذ مؤسسة رأس المال المغامر أموالها أولا، بما يترك الشركات الناشئة التي انخفضت قيمتها عن مليار دولار تجر ذيول خيبتها، ويترك المؤسسين بلا شيء. ويصور الموسم الأخير من المسلسل الكوميدي «وادي السليكون»، الذي عُرض على «هوم بوكس أوفيس»، هذا الوضع بالضبط، حيث لم يتلق مؤسس شركة ناشئة مفلسة أي شيء في عملية البيع نتيجة أفضلية التصفية، وظل يبكي لأنه «كان بإمكانه أخذ مال أقل». ويمكن لأفضلية التصفية أن تضر حقا بعض رجال الأعمال الذين يتفقون على الشروط في مقابل الاستثمار في شركة عالية التقييم. وفقا لبيانات مؤسسة «بيتش بوك»، فإن مستثمرو «المجموعة بي» في شركة «أونست» الناشئة – التي أسستها الممثلة جيسيكا ألبا، وتبيع منتجات منزلية غير سامة ومنتجات أطفال – لديهم ضعف أفضلية التصفية على استثماراتهم المقدرة بـ50 مليون دولار. وهذا يعني أنه في حالة البيع، يحصل هؤلاء المستثمرون ليس فقط على 50 مليون دولار، وإنما 100 مليون دولار، وذلك قبل أن تحصل ألبا على سنت واحد. ويقول المدافعون إن قيم الأسهم مرتفعة للغاية – فكانت قيمة شركة أونست 1.7 مليار دولار في أحدث جولاتها – بما يحمي المؤسسين من الضرر حتى في حالة السقوط الحاد للقيمة. ويشير استطلاع فينويك إلى قول مؤسسة سي بي إنسايتس إن قيمة أكبر 10 شركات يونيكورن تقدر بـ122 مليار دولار، بإجمالي استثمارات 12 مليار دولار فقط، بما يعني أن هناك فجوة كبيرة تسمح بسقوط القيمة دون الإضرار بالمؤسسين. وسنرى ما سيحدث، رغم أن بإمكانك التأكد من أن بعض المؤسسين سوف يندمون على اليوم الذي لم يمعنوا فيه النظر إلى شروط استثمارهم بحرص أكبر. وتؤكد دراسة حديثة أجراها البروفسور روبرت بارتليت، أستاذ في كلية القانون بجامعة كاليفورنيا في بركلي، هذا الأمر. ويمكن لأفضلية التصفية على غرار شركة أونست أن تعزز العوائد لمستثمري رأس المال المغامر بنسب تصل إلى 10 أضعاف. وكل ذلك على حساب المؤسسين. ولا تتوقع أن تنقذ العروض العامة الأولية هذه الشركات. وتوافق بعض شركات يونيكورن – مثل أونست – على شروط تتطلب الحد الأدنى من أسعار العرض العام الأولي لمستثمري رأس المال المغامر، والتي لا يمكن للشركات تحقيقها في أي وقت قريب. وبحسب فينويك أند ويست، فإن نسبة 19 في المائة من الشركات التي شملها الاستطلاع لديها مثل هذا الحد الأدنى من حماية السعر. وعلى النقيض من ذلك، قد لا تعطي أفضلية التصفية أيضًا الحماية الكاملة لمستثمري رأس المال المغامر التي يعتقدون أنهم يحصلون عليها. وانتهج عدد من المؤسسين مسار مارك زوكربيرغ، واحتفظوا بالسيطرة على شركاتهم. ووفقا لفينويك، تمتلك نسبة 22 في المائة من الشركات التي شملها الاستطلاع أوراقا مالية من الدرجة المزدوجة، التي تعطي عادة السيطرة الكاملة على الشركة للمؤسسين والمستثمرين الأوائل. وتمنح معظم الشركات الأخرى أيضًا السيطرة إلى المؤسسين من خلال أحكام التصويت بالأغلبية البسيطة التي تتيح للمؤسسين التصويت معا على الأسهم العادية، وعلى أساس واحد إلى واحد مع الأسهم الممتازة. ولذلك، في حالة عدم تسديد القيمة للمؤسسين بسبب أفضلية التصفية، توقع حدوث حرب: فقد يرفض المؤسسون الموافقة على البيع، وربما لن تُحل المعركة إلا عن طريق المحاكم. وبينما ترتفع التقييمات وتنخفض، تذكر أن الوصول إلى قيمة مليار دولار ليس خبرا جيدا للشركة الناشئة. وقد يعني ذلك ببساطة أن الشركة وحيدة القرن الجديدة عقدت صفقة «فاوستية»!

مشاركة :