عمار الحكيم يستعد للانتخابات بخلطة غير متجانسة من الطائفية والوطنية العراقية

  • 5/8/2021
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

عمار الحكيم يستعد للانتخابات بخلطة غير متجانسة من الطائفية والوطنية العراقية بغداد - خالف زعيم تيار الحكمة الشيعي عمّار الحكيم شعاراته بشأن “عبور الطائفية” و”محاربة اللاّدولة” التي تمثّلها الميليشيات، عندما دافع عما سمّاه الأغلبية الشيعية، مبرّرا الدور السياسي للحشد الشعبي المشكّل من العشرات من الفصائل المسلّحة. وقال الحكيم في مقابلة بثّها على منصّة زوم إنّ “الشيعة أينما كانوا أغلبية فعليهم احتواء شركائهم الآخرين على اختلاف تنوعهم”، واصفا عناصر الحشد بأنّهم “مجموعة من الأشخاص الذين ضحوا وقدموا للبلد ويريدون أن يكون لهم دور”. كما أثنى على دور المرجعية الشيعية التي يمثلها علي السيستاني معتبرا أنّ لها بالإضافة إلى دورها الديني دورا اجتماعيا. وجاء استنجاد الحكيم بالطائفة في سياق حملته المبكّرة للانتخابات البرلمانية المقرّرة لشهر أكتوبر القادمة والتي تلوح صعبة لتياره الصغير المنشق عن المجلس الأعلى الإسلامي. كما تلوح معقّدة لسائر القوى السياسية التي قادت العراق طيلة الثماني عشرة سنة الماضية وعبّر الشارع بوضوح خلال انتفاضته الأخيرة عن رفضه القاطع لها ورغبته في إطاحتها من الحكم بعد أن فشلت في قيادة البلد وجرّته إلى وضع كارثي في مختلف المجالات. واعتبر زعيم تيار الحكمة في مقابلته أنّ “العراق هو موطن التشيع الأصيل”، قائلا إنّ “الشيعة كانوا يمارسون دورا مهما ومحوريا، وسر قوة الشيعة في هذا الدور هو التركيز على الرباعية أو المبادئ الأربعة الأساسية وهي المرجعية والشعائر والتماسك الداخلي والتعايش الوطني وهي أربعة أصول اعتمدها شيعة أهل البيت وكان لها أثر بالغ في قوّتهم، ولذا فإن المرجعية الدينية إضافة إلى دورها الرَّعَوِي الديني، فهي زعامة اجتماعية أيضا ومحور للاعتدال والتنوير والمعرفة”. واعتبرت مصادر سياسية عراقية أن ما قاله الحكيم إنما هو كلام متداول يعرفه الجميع من غير أن يكون له تأثير على الواقع السياسي وهو على العموم لا يخرج عن دائرة الحديث الطائفي الذي لا يكشف ظاهره عما في باطنه. ولفتت إلى توقيت هذا الكلام في مرحلة الاستعداد للانتخابات التي تتوقع الأحزاب الكبرى أنها ستُهزم فيها أو على الأقل سيضعف تأثيرها على الحياة السياسية في العراق. وتؤكد المؤشرات أن الناخبين سيعزفون عن التصويت لممثلي تلك الأحزاب التي لم تعد علاقتها العضوية بالنظام الإيراني خافية. ويحاول الحكيم ركوب الموجة من جهة الدعوة إلى التمسك بعروبة العراق والتلويح بعروبة الشيعة بما يوحي بموقف مناهض للهيمنة الإيرانية على الطائفة ومن خلالها على العراق. وقال برلماني عراقي “قد يكون مثيرا للاستفهام أن إيران لا تلتفت إلى مثل تلك التصريحات ولا تعلق عليها. والسر هنا يكمن في التقية الانتخابية حيث يبرر الهدف الوسائل المستعملة في محاولة اللعب بعقول الناس وتشتيت الأصوات الداعمة للتيارات المدنية الحقيقية ومن ثم تفريغ الاحتجاجات الشبابية من محتواها الوطني”. وقال الحكيم إن “تاريخ المذهب الشيعي حافل بالحوارات مع الفلاسفة والعلماء والمفكرين وأتباع الديانات الأخرى وكذلك الملحدين أو ما كان يُسمى بالزنادقة، ولذا فإن الحوار سواء كان شيعيا شيعيا، أو شيعيا مع بقية أبناء المذاهب الإسلامية أو حوارا إنسانيا، فهناك الكثير من المشتركات التي يمكن التأسيس عليها، ونحن ننتمي إلى هذه المنظومة التي تمتلك إرثا كبيرا في جانب الحوار”. وعن الحشد الشعبي الذي سيتقدّم مجدّدا للانتخابات القادمة ممثلا بتحالف الفتح، قال زعيم تيار الحكمة “إنّ أي بلد يواجه حروبا طاحنة كالتي خاضها العراق سيكون أمام فائض من القوة بعد تلك الحروب”، وإنّ “مجموعة من الأشخاص الذين ضحوا وقدموا للبلد ويريدون أن يكون لهم دور، وهذه ليست مسألة تواجه العراق وحده، بل في كل التجارب المشابهة”. وأضاف “نعتقد أنه من الضروري ضبط إيقاع المقاتلين المنتسبين لمؤسسة الحشد الشعبي كما أن علينا القيام بخطوات مماثلة تجاه الجيش والشرطة والبيشمركة، فهناك بعض السلوكيات أو المواقف التي تحصل هنا وهناك تُسجل باسم مؤسسة الحشد الشعبي، ونحن نسمع دائما مواقف رسمية من الحشد بأن تلك الخروقات لا تمثله، بل تمثل مجموعات أخرى. وكلما تمت تقوية الدولة، كلما انضبطت هذه السلوكيات، لذلك نحن في طريق شاق وطويل وسنعمل جاهدين على أن نقوي الدولة، لتضعف أي سلوكيات خارج إطارها”. وبحسب منتقدي الحكيم فإن ما يعرضه من أفكار يعتبر عامّا وتحصيل حاصل ولا يمكن البناء عليه باعتباره أساسا لبرنامج حزبي. ولا يستجيب للمطلب الأساسي للشارع العراقي المتمثل في الإصلاح ومحاربة الفساد. فمن المعروف أنّ تيار الحكمة يحظى بامتياز الهيمنة على وزارة النفط في سياق توزيع الغنائم بين الأحزاب، ويشترط للحفاظ على ذلك المكسب الكبير أن ينال التيار فوزا انتخابيا يؤهله لاحتلال مقاعد في مجلس النواب. وعرض الحكيم خلال حديثه لما سمّاه “الأمة العراقية”، داعيا إلى “بناء دولة متماسكة قوية بنظام اقتصادي متكامل يضمن انطلاق العراق في واقعه واستثمار ثرواته، ومعالجة الضعف الخدمي والإداري ومكافحة الفساد الحاصل في البلاد للانتقال إلى الحكم الرشيد والدولة الكفوءة، وإكمال منظومة العلاقات الخارجية للعراق”. كما اعتبر أنّ “التعدد والتنوع أصبحا نقطة قوة يُعتمد عليها في دول العالم المتقدم خاصة مع إدارة هذا التنوع، ومن الضروري أن نبدأ بالتثقيف لمفهوم الأمة العراقية التي ترتكز على ثلاث ركائز هي احترام الخصوصيات وإدارة التنوع والهوية الوطنية الجامعة وهكذا نستطيع بناء الأمة العراقية التي تحوّل التنوع والتعدد إلى رافد حقيقي لبناء الدولة”. مصادر سياسية عراقية اعتبرت أن ما قاله الحكيم إنما هو كلام متداول يعرفه الجميع ولا يخرج عن دائرة الحديث الطائفي الذي لا يكشف ظاهره عما في باطنه وأشار إلى وجود تباينات داخل المكون الشيعي قائلا “نحن عقديا متفقون لكننا مختلفون اجتماعيا وعلى المستوى الفردي، والحل هو الحفاظ على الرابط العقدي المشترك. ومن الناحية الأخرى الاعتراف بالتنوع السياسي والثقافي والاجتماعي للشيعة، شأنهم شأن المسيحيين الكاثوليك وعلاقتهم بالبابا حيث يحترمون علاقتهم به لكنهم أيضا يسيرون وفق مصالح بلدانهم”. وتعليقا على كلام زعيم تيار الحكمة قال السياسي العراقي المستقل جبار المشهداني إنّ “الكلام سهل والتصريحات الانتخابية تعتمد المبالغة في الوعود والاقتراب من المثالية. وهنا يحق لأي مواطن عراقي أن يسأل عمار، هل هناك قصة نجاح لتياره حين تولى منصبا تنفيذيا كمحافظ أو وزير أو وكيل وزارة؟”. و توجه المشهداني للحكيم بالسؤال عن موقفه “إنسانيا وسياسيا من طرد سكان جرف الصخر والإصرار على عدم عودتهم وتحويل منطقتهم إلى قاعدة للحرس الثوري لا يسمح حتى للحكيم بالوصول إليها”. وقال في تصريح “هل يستطيع خطاب الحكيم إقناع المواطن الشيعي البصري بنجاح محافظه الهارب، أم يقنع السني باستحصال حقوقه في العراق المحتل إيرانيا؟”. وتطرق الحكيم في حديثه إلى التحالفات الانتخابية قائلا “نجحنا في إقناع نسبة كبيرة من الكتل السياسية بالتحالف العابر للمكونات لكن رغبة كثير من القوى هو تشكيل هذا التحالف بعد الانتخابات. وكنا نرى أن يشكل هذا التحالف قبل الانتخابات ليرى شعبنا أن قوى شيعية وسنية وكردية ومسيحية تدخل بشكل واضح”. ووصف تحالفه الذي شكله مؤخّرا مع رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي بأنّه “يجمع قوى الدولة والاعتدال”، قائلا “لا نحتكر هذه العناوين لكن قوى تحالفنا تتسم بهذه الأوصاف.. وأنّه كلما اتسعت قوى الدولة كانت قادرة على إدارة التوازنات وإدارة حكومة مستقلة غير منحازة في قرارها الوطني ليندفع البلد في الاتجاهات الإيجابية”. وكان أعلن قبل أيام عن تشكيل تحالف انتخابي جديد بين ائتلاف النصر بزعامة العبادي وتحالف قوى الدولة بقيادة الحكيم تحت مسمّى تحالف قوى الدولة الوطنية، واعتبر مراقبون أنّه لم يخرج عن سياق الظاهرة التي أصبحت لصيقة بالمواعيد الانتخابية في العراق وتتمثّل في فبركة تحالفات مرتجلة لا تقوم على أفكار وبرامج بقدر ما تنهض على مصلحة انتخابية عاجلة.

مشاركة :